الألبسة الجاهزة قرار يحابي التجار.. وجنون بالأسعار
أسعار الألبسة الجاهزة في الأسواق أصابها المس والجنون، بسبب جشع التجار وغياب عين الرقابة، وترك الحبل على الغارب في التسعير حسب التكلفة «المزعومة» من المنتجين والمستوردين، حيث كانت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك قد أقرت نسب وهوامش الربح المعتمدة على الألبسة الجاهزة المصنعة محلياً أو المستوردة، وتركت تحديد التكاليف على مسؤولية المنتج والمستورد.
أسعار كاوية وزيادة سنوية 50%
نظرة عن كثب على أسعار الألبسة الجاهزة في أسواق دمشق ترينا أن متوسط الحد الأدنى لسعر الكنزة النسائية أو البنطال النسائي بحدود 5000 ل.س، والطقم الرجالي بحدود 15000 ل.س، والبيجاما الرجالية بحدود 10000 ل.س، والقميص الرجالي بحدود 4000 ل.س، كذلك البنطال الولادي، وهكذا.
وبالمقارنة مع أسعار العام المنصرم يتضح بأن هناك زيادة في الأسعار بحدود 50% تقريباً، مع العلم أن غالبية المحال التجارية المتخصصة ببيع الألبسة الجاهزة تلتزم بوضع بطاقة البيان، المتضمنة المواصفة والسعر واسم المنتج، الأمر الذي يبرر السعر لدى المستهلك، فهو يرى أن السعر معلن، وبالتالي يظن بأنه مراقب ومعتمد بشكل رسمي.
المستهلك ضحية جهله
ولكن الأمر الذي يجهله المستهلك أن هذا السعر المعلن ما هو إلا السعر الذي وضعه المنتج أو المستورد، مضافاً إليه نسب وهوامش الربح المعتمدة من وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، أي أن بطاقة البيان الموضوعة على قطع الألبسة الجاهزة ليست بالضرورة مطابقة للسعر الواجب تقاضيه، بسبب جهل المستهلك بتكاليف الإنتاج، المتروكة كي يحددها المنتج من نفسه دون أي رقابة حقيقية وفعلية عليها، ليكون المستهلك بالنتيجة ضحية لجهله.
حيث إنه وبموجب التعليمات، فإن دراسة التكاليف من الوزارة، أو الجهات التابعة لها، تكون بناءً على حالة الشك لدى المراقب التمويني، أو بناءً على شكوى من المواطن متضمنة حالة الشك بالسعر.
صلاحية بموجب قرار
وبموجب القرار رقم 169 لعام 2014 الصادر عن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، تم تحديد نسب الربح على الشكل التالي: 20% للمنتج أو المستورد، 5% لتاجر الجملة والموزع، 20% لبائع المفرق، أي بمجموع وقدره 50% من تكاليف الإنتاج أو الاستيراد، كحد أقصى، وذلك للألبسة النسائية والرجالية والجوارب والأحذية بكافة المسميات والأنواع، المنتجة محلياً أو المستوردة.
وبموجب القرار المذكور يتوجب على المنتج أو المستورد أن يعد بيان التكلفة من واقع بياناته الفعلية ويحتفظ به لديه، وأنه وبحال الشكوى أو الشك في المعلومات الواردة في البيان، يتم عرضه على مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك المعنية، للتدقيق والدراسة من خلال لجنة مشكلة لهذه الغاية في كل مديرية، مؤلفة من معاون مدير المديرية ورئيس دائرة الأسعار والشؤون الفنية وممثل عن كل من غرفة الصناعة والتجارة والحرفيين وجمعية حماية المستهلك.
لجنة غير منصفة
أي أن اللجنة المذكورة مؤلفة مناصفة، أربعة أعضاء يمثلون الجهة الحكومية والأهلية المعنية بحماية المستهلك، «افتراضاً»، وأربعة أعضاء يمثلون الفعاليات من القطاع الخاص، التي بدورها تعد وترفع محضرها بعد الدراسة إلى مدير المديرية المعنية، لاتخاذ الإجراء القانوني بحق صاحب الفعالية، بحال كانت هناك مخالفة، وفقاً للقانون والتعليمات النافذة.
الفعاليات التجارية مرتاحة الضمير تجاه جيوبها
ذاك القرار والتعليمات كانا بمثابة طوق النجاة للمنتجين والمستوردين، وذلك لسبب بسيط هو ترك الحبل على الغارب لهم في تحديد التكاليف أولاً، وثانياً بسبب المعرفة المسبقة بأن أي شك أو شكوى ستذهب أدراج الرياح، من خلال عملية إعادة الدراسة لهذه التكاليف، إن تمت أصلاً، بوجود ممثلين وداعمين في اللجنة المشكلة لهذه الغاية، بالإضافة طبعاً إلى كل وسائل الالتفاف والحيلة التي يمتلكها أصحاب الفعاليات التجارية، بما في ذلك أساليب الفساد والرشوة.
على ذلك نرى أن الفعاليات التجارية بمجال الألبسة الجاهزة، على مستوى الحلقات التجارية، ملتزمة أكثر من غيرها من الفعاليات بتداول الفواتير، وهي لا تخشى إبرازها، ولكنها غير ملتزمة بمنح المستهلك الفاتورة، وتكتفي بأن القطعة المباعة موضوع عليها بطاقة البيان التي ورد بمتنها سعر المبيع للمستهلك، وهي مرتاحة الضمير تجاه جيوبها.
مصلحة المستهلك غائبة إن لم يعدل القرار
وبالتالي عزيزي المستهلك لا تستغرب أي سعر مدون على بطاقة البيان، الخاصة بالألبسة الجاهزة، وتأكد بأن شكك يقين، وتذمرك مشروع، طالما أن القرار والتعليمات الناظمة لعمليات التكاليف والتسعير وهوامش الربح وإعادة الدراسة والتحقق، لم تأخذ مصلحتك بعين الاعتبار، وسيبقى الأمر كذلك إلى أن يتم تعديل القرار المذكور وتعليماته ووسائله، وخاصة حول اللجنة المختصة بإعادة دراسة التكاليف، وتلك الحلقة المتشعبة والمفرغة من الإجراءات، التي تصب بالنتيجة بمصلحة التاجر، على حساب جيبك كمستهلك، حتى وإن غامرت وتقدمت بشكوى.