التجارة الداخلية تتهرب من وعودها بشأن الخبز
لم تف وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بوعودها حول تحسين جودة رغيف الخبز بعد رفع سعره إلى 50 ليرة للربطة، حيث مازالت مشكلة لون الخبز وانخفاض جودته مشكلة تواجه الكثير من المواطنين، إلا أن اللافت هو تلاشي هذه المشكلة لدى بعض المناطق التي تتميز أفرانها بإنتاج خبز ذوي نوعية جيدة ولون أبيض، ما يثير تساؤلات عن سبب هذه الاختلافات، رغم كون تلك الأفران عامة وليست خاصة، وبالتالي تدخل في صناعة رغيفها مواد واحدة من مصدر واحد؟؟..
وفي سياق متصل، فوجئ المواطنون بتخفيض عدد أرغفة الخبز داخل الربطة الواحدة إلى 7 بدلاً من 8، دون سابق إنذار.
وكانت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أصدرت في تشرين الأول الماضي قراراً برفع سعر ربطة الخبز إلى 50 ليرة بدلاً من 35 ليرة، إضافة لتخفيض وزن الربطة من 1550غ إلى 1300 غرام، بسبب التكلفة، على حد تعبيرها.
مواطنون: خبز بنوعية سيئة ولون أسمر!
اعتبرت نور، من سكان جرمانا في ريف دمشق، أن «الخبز الذي ينتجه مخبز جرمانا الآلي سيئ النوعية، ولا يمكن اقتناؤه لأكثر من يوم واحد، بحيث يتوجب علينا شراء ربطة يومياً».
وتابعت: «هناك فرق كبير بين الخبز في جرمانا، وبين الخبز في باب توما، الذي جربناه مرة مصادفة، ولاحظنا الفارق الواضح في لون ونوعية الخبز، إذ يتميز الخبز هناك بأنه أكثر بياضاً ويمكن الاحتفاظ به لأكثر من يوم بسهولة ودون أن يتكسر جراء ذلك».
ومن جانبها، قالت رهام، وتعيش في منطقة شرقي ركن الدين، «وجدت فرقاً بين خبز مخبز ساحة شمدين، والخبز المنتج في أفران ابن العميد، حيث يعد خبز ابن العميد أفضل وقابل للتخزين، عكس خبز الساحة، السميك والأسمر اللون».
وتابعت رهام «لا أتمكن دائماً من الحصول على الخبز من الفرن مباشرة بسبب الازدحام، لذا ألجأ إلى شرائه من الباعة بجانب الفرن، حيث يبيعون الربطة بسعر 75 ليرة في الأيام العادية، وفي أيام الازدحام تصل الربطة الواحدة إلى 100 ليرة، علماً أنها لم تعد كما السابق، وباتت تحوي فقط 7 أرغفة».
الربطة بـ100 بجانب الأفران.. والفران شريك بالربح
أما شادي، موظف في إحدى وزارات الدولة، ورب أسرة، فقال «الخبز وضعه سيئ ولا يؤكل، وعلى المسؤولين أن يحسنوا نوعيته قبل رفع سعره، حيث نجد الخبز رديئاً بمختلف الأفران، ولا يمكن تناوله في اليوم التالي لإنتاجه».
وتابع شادي: «نخشى أيضاً من الحشرات والأوساخ داخل الأفران، لذا أجد صعوبة في اختيار فرن مناسب، من حيث النظافة الظاهرة، لشراء الخبز منه».
وأكد شادي «نضطر لشراء الخبز من الباعة بجانب الفرن، الذين يبيعون الربطة بمائة ليرة في أيام الازدحام، ويبررون ذلك لنا بأن الفران يبيعها لهم بأعلى من سعرها الرسمي، لعلمه أنهم سيربحون بها».
التجارة الداخلية تعترف بتفاوت جودة الإنتاج
وقال مدير حماية المستهلك في دمشق عدي الشبلي، لإحدى الإذاعات، إن «هناك في بعض الأفران تنتج خبزاً أقل جودة من نظيرتها، لكن بالمجمل يعد الخبز المنتج ناضجاً»، لافتاً إلى تنظيم ضبوط ومصادرة الربطات غير الجيدة في حال إنتاجها.
وأوضح الشبلي أن «اختلاف جودة الرغيف تعود لعدة عوامل، أبرزها مهارة العمال ومدى اهتمامهم بإنتاجهم، بحيث تقاس جودة الرغيف بأن لا يكون لاطياً ملتصق الشطرين أو محروقاً أو قطره صغير، أما لونه المائل للاسمرار فلا يعتبر مخالفة للشروط».
وأكد الشبلي وجود حالات تهريب لمادة الدقيق التمويني من قبل بعض الأفران، حيث تم ضبط كميات كبيرة منه في دمشق، وأن عملية الضبط تبدأ من المادة المهربة، ثم يجري ملاحقة مصدرها لمعاقبته، لافتاً إلى أن العقوبة شديدة وتشمل الغرامة والسجن.
اسمرار الرغيف ليس مخالفاً!
وأوضح الشبلي حول اختلاف لون الخبز، أن «هناك كمية من الدقيق الأبيض المستورد توزع فيما بين الأفران، وبما لايزيد عن 20% لكل فرن، وخاصة القطاع العام، وبالتالي يخلط الفرن الدقيق الأبيض والأسمر، ما يؤدي لاختلاف نتيجة الخبز، بحيث يختلف الخبز في الفرن ذاته حسب توفر الدقيق الأبيض لديه، والذي يتم توزيعه كل فترة حسب توفر الكميات في المطاحن».
وفيما يخص تخفيض عدد الأرغفة داخل الربطة، أكد الشبلي «تخفيض وزن الربطة إلى 1300 غرام، وبالتالي يختلف عدد الأرغفة داخل الربطة الواحدة حسب قطر الرغيف، فقد تحوي 7 أو 8 أرغفة».
رفع دعم المازوت عن الأفران زاد تكلفة الإنتاج
ووفق مصادر، تم رفع سعر المازوت الخاص بالأفران إلى 135 ليرة لليتر، بعد أن كان يباع لهم بسعر مدعوم يبلغ 7 ليرات، كما تم رفع سعر مادة الخميرة والتي تعد مادة أساسية في صناعة الرغيف، إلَّا أن الطحين لا يزال مدعوماً من الحكومة.
وبينت المصادر إنه تم تخفيض نسبة استخراج الدقيق من القمح، لتصبح 90% بدلاً من 95%.، وبالتالي سيشهد رغيف الخبز تحسناً في النوعية قريباً.
وبحسب المصادر، ما تزال ربطة الخبز مدعومة من الدولة، خاصة إذا ما علمنا أنها تكلف نحو 140 ليرة، على حد قولها.
وعود خلبية متكررة
جملة من الوعود طرحت، عبر وسائل إعلامية مختلفة، من قبل الكثير من المسؤولين عن المستهلك وحمايته، تتعلق بتعافي نوعية ومواصفة الرغيف في القريب العاجل، على أثر تكرار رفع سعره وتدني مواصفاته، وتخفيض وزن ربطته، ولكن دون جدوى حتى الآن، حيث مازال رغيف المواطن مسود الوجه، وغير مختمر بالشكل المناسب، رغم ارتفاع سعره.
كما مازالت أقنية بيعه غير المشروعة بعيدة عن أعين الرقابة، ناهيك عن استمرار تدفق طحين المواطن المدعوم إلى السوق السوداء، لتتاجر بلقمة المواطن اليومية، ولازال هذا المواطن يدفع ضريبة دعمه بالمزيد من سياسات الإفقار.