العاصمة تضج بأزمة المواصلات
خمس سنوات من عمر الأزمة، ولم تحل مشكلة المواصلات والنقل داخل العاصمة، على الرغم من كثرة الوعود خلال هذه السنين والبيانات المصرح بها والمتعلقة بتلك المشكلة، اعتباراً من بيانات تعداد سكان العاصمة الذي تضاعف مع الوافدين إليها نزوحاً، مروراً بتعداد السرافيس وتعداد التكاسي، وتعداد باصات النقل الداخلي العام والخاص، والمشاكل المتعلقة بالتسعيرة وتوفر المحروقات اللازمة لتشغيل تلك الوسائط، وغيرها.
ومع دخول فصل الشتاء، وافتتاح المدارس والجامعات، عادت مشكلة المواصلات لتطفو على السطح، حيث الازدحام والانتظار لساعات، والمعارك الطاحنة وخاصة بساعات الذروة والمساء، والسباب والشتائم وتعالي الأصوات، وعمليات النشل وعدم الالتزام بالتسعيرة، وغيرها الكثير من أسباب المعاناة اليومية التي يكابدها المواطن.
تبدو المشكلة بظاهرها وكأنها بين المواطنين، سائقين وركاب، وركاب فيما بينهم، وكل يحمل الآخر سببها، ولكن بالحقيقة المشكلة على مايبدو أعمق وأعقد، وإلا ما سبب عدم حلها خلال خمسة أعوام حتى الآن، رغم الوعود والتصريحات.
كان جزء من التبرير سابقاً يتمحور حول نقص تعداد وسائط النقل، والمازوت وإمكانية توفيره بالكميات المطلوبة، مما أفرز سوقاً سوداء للمادة، نشط فيها العديد من المتلاعبين والفاسدين المستفيدين، ولكن مع تحرير المادة كان من الواجب توفيرها، الأمر الذي تؤكده الجهات المسؤولة، حيث تدعي بأن الكميات متوفرة وتكفي الحاجة، ومع ذلك ما زالت السوق السوداء تفعل فعلها، متحكمة بالمادة وبوسائط النقل بنهاية المطاف، كما ازداد تعداد وسائط النقل العامة والخاصة خلال هذه السنوات حسب البيانات المصرح عنها.
سائقو السرافيس ينفون التهم عنهم
هناك من يقول بأن السائقين يقومون بتهريب المادة إلى السوق السوداء، ويتوقفون عن العمل، مما يتسبب بنقص في تعداد وسائط النقل العاملة يومياً، علماً أن كل سرفيس مخصص بكمية 20 ليتر يومياً فقط.
وعند مواجهة بعض السائقين بما ورد أجابوا: نقف بالدور على الكازية بحدود الساعتين يومياً من أجل أن نستلم كمية 20 ليتراً بسعر 135 ليرة وتضاف إليها الإكرامية، أو يتم اللجوء للزيادة من أجل التخلص من ساعات الانتظار، والسعر بالسوق السوداء بين 160 إلى 200 ليرة، أي أن كمية الـ 20 ليتر ممكن أن تربح بين 500 و 1300 ليرة، بحال رغب السائق بتهريبها إلى السوق السوداء، وهذا المبلغ لا يغطي تكاليف السيارة والسائقين، وكل ما يشاع غير صحيح، رغم بعض الاستثناءات، والسوق السوداء موجود من خلفها ويستفيد منها بعيداً عنا، وهي تتعامل بكميات تفوق ما يوزع على السرافيس بأضعاف، ولكن يريدون أن نكون نحن الشماعة أمام المواطن والمسؤولين وبالجرائد.
المطلوب أن يعطونا الكمية اللازمة كي نقوم بعملنا، بالإضافة إلى تقصير الخطوط، حيث طول الخط يؤثر بعائدية السيارة، وخاصة مع الازدحام والحواجز.
وعن التعاقد مع المدارس والمعامل قال أحدهم: «يعني لا بيرحمو ولا بيخلو رحمة الله تنزل، كيف بدنا نعوض عن خسارة السفرات الطويلة والحواجز اذا ما اشتغلنا هيك، وأصلاً مو كل سرفيس عندو معمل أو مدرسة، المشكلة مو عنا عمي، في زحمة بساعات معينة، طيب خلي الدولة تشغل باصاتها بهالأوقات، وبلا ما يحطونا نحنا سبب المشكلة، أحب ع قلبنا، وأحب ع قلبنا أكتر أنو نشتغل ليل نهار متل قبل، بس عطونا مازوت بلا زحمة ورشاوي، وخففولنا الحواجز».
معاناة مستمرة وتزداد مساءً على خطوط الريف خمس سنوات من عمر الأزمة، ولم تحل مشكلة المواصلات والنقل داخل العاصمة، على الرغم من كثرة الوعود خلال هذه السنين والبيانات المصرح بها والمتعلقة بتلك المشكلة، اعتباراً من بيانات تعداد سكان العاصمة الذي تضاعف مع الوافدين إليها نزوحاً، مروراً بتعداد السرافيس وتعداد التكاسي، وتعداد باصات النقل الداخلي العام والخاص، والمشاكل المتعلقة بالتسعيرة وتوفر المحروقات اللازمة لتشغيل تلك الوسائط، وغيرها.
المعاناة ما زالت مستمرة والازدحام اليومي شديد على الخطوط كافة ، الموظفين يتأخرون صباحاً عن أعمالهم، أو يضطرون للخروج مبكراً بحدود الساعة، من أجل الحصول على وسيلة نقل تقيهم الازدحام والذل والمهاترات، كما أن بعض طلبة الجامعات يضطرون للاستغناء عن المحاضرة الصباحية الأولى، والمشكلة الأعقد هي توقف كافة خطوط الريف القريب والبعيد عند المساء، حيث غالباً وبعد الساعة الخامسة مساءً لا تجد وسائط نقل إلى (الجديدة – والفضل وعرطوز – قطنا – صحنايا – ضاحية قدسيا – السيدة زينب – وغيرها)، ما يدفع المواطن اضطراراً لاستخدام الوسائط الأخرى مثل (التكسي أو التكسي سرفيس أو الفانات الصغيرة المغلقة)، مع تحكم سائقي هذه الوسائط بالتسعيرة، كون المنافسة معدومة بتلك الساعات، مما يحمله عبئاً على عبء.
أحد المواطنين قال: البعض لا يريد حل مشكلة المواصلات، بغاية استمرار اذلال المواطن وتشريده لساعات على الطرقات، وليصطنع خلافاً مع غيره من المواطنين أو السائقين، وتبقى الجهات المسؤولة عن المشكلة بعيدة عن الأضواء والمحاسبة، ونبقى نحن متلهين عنهم، لماذا لا يزيدون تعداد الباصات، عام أو خاص، التي تقل أعداداً من المواطنين بأضعاف ما يمكن أن تقله السرافيس؟، أو يتم الترخيص للفانات الصغيرة المغلقة وتخصص بخطوط تراقب بالتسعيرة.
الخدمة مسؤولية الجهات العامة
إن خدمات (المواصلات والنقل والمرور) هي خدمات عامة، وبالتالي المسؤول عنها أولاً وآخراً هي الجهات العامة، وأي حديث أو تصريح يحاول تجيير أي مشكلة تتعلق بهذه الخدمات إلى طرف آخر، غير الجهات العامة المسؤولة عنها، هو محاولة تعمية عن الحقيقة، التي أورد المواطنون والسائقون جزءاً منها، كما سلف.