القوانين مسوغات وغايات غائبة وتعقيدات

القوانين والتشريعات هي حاجة موضوعية، فرضتها الضرورة، لتنظيم العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وغيرها، وهي بالتالي واجبة التغيير أو التعديل، عندما تفرض الحاجة الموضوعية والضرورة ذلك، وليست الغاية الإرادوية، التي يغيب عنها الجانب الموضوعي أو الضرورة.

وأي قانون أو تشريع يجب أن تتوفر له مسوغاته وغاياته، بعيداً عن إرادويتنا، ويجب أن نتلمس تلك المسوغات في متن مواده، كما في معرض تطبيقه، وإلا؛ فإن أي قانون أو تشريع يفقد تلك المبررات والغايات، أو تكون مواده مفتقرة لوجودها، أو عندما نلمس في معرض تطبيقه أنها قد غابت عنه، فإنا نحكم، على هذا القانون أو التشريع، بأنه مجرد حبر على ورق، كما أنه غير قابل للتنفيذ.
كما أن ما ينطبق على القانون والتشريع من مسوغات وغايات، يجب أن يكون مطبقاً على التعديل أو التعديلات المطلوبة افتراضاَ، لذلك عكف المشرعون دائماً على إلزام الجهات المطالبة بإصدار أي قانون أو تشريع، أو التعديل على أي منها، بوجوب وجود ما يسمى (الأسباب الموجبة)، لدراستها من أجل تبيان موضوعيتها وضرورتها، قبل الخوض في بحث مفردات القانون او التشريع أو أي تعديل مقترح.
وفي معرض الحديث عن القوانين والتشريعات، يجب ألا يغيب عن أذهاننا تلك الجهات المسؤولة عن اقتراحها وإصدارها أو عن تنفيذها وتطبيقها، إعتباراً من موقعها الطبقي، مروراً بوزنها النوعي على المستوى الاقتصادي الاجتماعي، ومدى تأثيرها وفاعليتها في بنية المجتمع وتحولاته، أي مجتمع.
كما يجب ألا يغيب عن أذهاننا، أنه من الواجب بأي قانون أو تشريع أن يكون واضحاً وشفافاً، وألا يشوبه الغموض والالتباس، كما يجب أن يكون مفهوماً بيسر، عبر صياغته اللغوية، من قبل الشريحة المستهدفة عبره، دون الحاجة لوسطاء بذلك.
على ذلك ومن خلال واقعنا الملموس، كثيراً ما نجد ذاك التأفف الشعبي عند الحديث عن بعض القوانين أو التشريعات الجديدة، أو عند الحديث عن تعديلات قد تطال بعضها، حيث الغالبية العظمى من المواطنين يعتبرون أنفسهم غير معنيين، بل غالباً ما يتوقعون الأسوأ عبرها، على مستوى حياتهم المعيشية اليومية، وهذا يعتبر أحد المؤشرات على أن تلك القوانين والتشريعات أو التعديلات التي تطالها، لا تتوافق مع المصلحة العامة التي يمثلها السواد الأعظم من المواطنين، والتي تصدر باسمهم ولهم، ما يشير إلى أن المسوغات والغايات، واجبة التوفر فيها، منقوصة إن لم تكن غائبة، بموضوعيتها وضرورتها، ناهيك عن التعقيد الذي يشوب بعض القوانين والتشريعات، حيث تكون عصية على الفهم، حتى من قبل الاختصاصيين في الشريحة المستهدفة، أو من قبل بعض الاخصائيين في القوانين والتشريعات.