موسم الحمضيات.. المنتج أقل الرابحين
تشير التقديرات الأولية، لمحصول الحمضيات، للموسم الزراعي 2015-2016، أن الكميات المتوقع إنتاجها من هذا المحصول قد تصل الى 1.5 مليون طن، موزعة بين محافظتي اللاذقية وطرطوس.
وقد أكد مدير مكتب الحمضيات، لإحدى وسائل الإعلام، أن المحصول لم يتعرض إلى الآفات والأمراض، كما أنه لا وجود للإصابات الحشرية به، مشيراً إلى أن حاجة السوق المحلية من الحمضيات، تقدر سنوياً بحدود 400 ألف طن، ما يعني أن هناك فائضاً في الإنتاج، يقدر بحدود 600 ألف طن هذا العام على الأقل...
يشار إلى أن نسبة إنتاج مجموعة البرتقال (أبو صرة، فالنسيا، يافاوي)، تصل أحياناً الى 60% من إجمالي المحصول، يليه الليمون الحامض، ثم بقية الأصناف،( يوسفي، كريفون، وغيرها).
ومن المعلوم أيضاً، أن هذا الفائض في الإنتاج يوجه، إلى تصنيع العصائر، أو إلى التصدير، كما جرت العادة في كل موسم.
الفلاح .. المعاناة المزمنة
وقد سبق أن تم عرض المعاناة التي يتعرض لها المزارعون لتلك المحاصيل، اعتباراً من انخفاض أسعارها، مروراً بالتكاليف الباهظة التي يتكبدوها جراء ارتفاع أسعار، (الصناديق- أجور اليد العاملة وندرتها- السماد- الوقود -النقل)، ما يعني خسائر محققة تترتب عند كل موسم، وتتراكم.
الأمر الذي تعقد على هامشه الاجتماعات والبرامج والاستراتيجيات، من قبل الجهات المعنية، (مديريات الزراعة- مؤسسة الخزن والتسويق- اتحاد الفلاحين- اتحاد المصدرين- وغيرها من الجهات)، التي تؤكد دائماً على السعي لإنصاف الفلاح والمزارع، والسعي لعدم تكبده خسائر، ووضع مقترحات وتوصيات للحد من عمليات التلاعب بالأسعار، عبر التكفل بتصريف المنتج بسعر مدروس، يحقق للمزارع والفلاح الهوامش اللازمة من الربح لاستمرار العملية الإنتاجية، ووضع الآليات المناسبة لعمليات التصدير، مع اعتراف الجهات المذكورة كافة، بالعامل التنافسي الذي يملكه منتجنا المحلي من الحمضيات، وخاصة ناحية النوعية، و خلوه من الآفات والاصابات، ولكن يتم تجيير ذلك إلى حسابات التصدير، وليس الاستهلاك أو التصنيع المحلي.
علماً أنه ومنذ عدة سنوات، يتم التقدم باقتراحات بشأن تشجيع إقامة منشآت لتصنيع العصائر، تعتمد على الإنتاج المحلي، ويكون جزءاً هاماً من إنتاجها معداً للتصدير، ما يعني تلك القيمة المضافة التي يحققها التصنيع، بالإضافة إلى تشغيل الأيدي العاملة.
كأنك يا بو زيد ما غزيت
ذلك كله يجري، ويتم تكراره سنوياً، قبل كل موسم وبعده، وتسلط الأضواء، وتلتقط الصور التذكارية، وبالنتيجة «كأنك يابو زيد ما غزيت»، حيث تستمر معاناة الفلاحين، وترتفع الأسعار بالسوق المحلية على المستهلكين، وتتم عمليات تشجيع التصدير على قدم وساق، ليكون المستفيد الأكبر من مجمل العملية الإنتاجية والتسويقية، هم حيتان السوق، وخاصة المصدرين، مستغلين حاجة الفلاح، مع عدم كفاية السوق المحلية من الأصناف الجيدة، وبالتالي حرمان المستهلك المحلي، من المنتج الجيد، بحجة تأمين القطع الأجنبي، الناجم عن عمليات التصدير.
مطالب بسيطة تحد من الاستغلال
وعلى اعتبار أن فائض الإنتاج لهذا العام، قد يصل إلى 600 ألف طن، فهذا يعني، أنه إن لم تتخذ إجراءات فعلية، ومنذ الآن، سيكون الفلاح عرضة للاستغلال كما كل عام، وقبل موسم القطاف وتراكم الإنتاج وإمكانية تعرضه للتلف، بسبب روتين هنا، أو ذريعة هناك، وبالنتيجة ليصبح فلاحنا البسيط، مدافعاً عن استغلال المصدرين وحيتان السوق، الذين يتدخلون كحالة إسعافيه، في اللحظة الأخيرة، فارضين شروطهم وأسعارهم.
وجل ما يطلبه فلاحنا، هو تنفيذ تلك القرارات والتوجهات، التي تصب في مصلحته قبل غيره، بعيداً عن الاستغلال والروتين المضني والممل، والمساعدة الفعلية بشأن تخفيض مكونات تكاليف الإنتاج، حفاظاً على بقائه، وعلى استمراره بالعملية الإنتاجية، كأن توضع خارطة استراتيجية لفكفكة معاناته المزمنة، والصعوبات التي يتعرض لها، أسوة بالخارطة التي توضع من أجل تسهيل عمليات التصدير.
وختاماً.. القطاع الزراعي، من أهم القطاعات الإنتاجية في وطننا، ومنتج الحمضيات يعتبر من المحاصيل الاستراتيجية الهامة والضرورية، خاصة وأنها تملك تلك الميزة المرتبطة بالعامل التنافسي، إضافة إلى إمكانية الحصول على القيمة المضافة من خلال هذا المنتج، بحال حسن استثماره كمادة أولية أساسية، في الكثير من الصناعات الغذائية، عبر توفير الدعم اللازم لذلك، والشروط الفنية والعملية لتأسيس تلك الصناعات، مع ما يحققه ذلك من ضمان حقيقي لتسويق المحصول، ما يعني الحد الفعلي من عمليات الاستغلال التي يقع ضحيتها فلاحونا، إضافة إلى تشغيل الأيدي العاملة، والاستفادة من عائدات تصديرية أكبر عبر المنتج المصنع، وبالنتيجة ذاك الانعكاس الإيجابي العام، على مستوى الاقتصاد الوطني.