من الذاكرة: لم يكن شططاً.!
روعة الإنسان أن يجسد إنسانيته.. أي أن يكون إنساناً وعياً وعملاً ووجوداً، والتعبير عن ذلك يتوضح من خلال نضاله ضد كل أشكال الاستغلال والتسلط والقهر والتخلف.. ضد أولئك الذين يستميتون لكي «يحولوه» إلى مجرد أداة طيعة في أيديهم، أو دفعه ليغدو وحشاً على شاكلتهم يفترس الآخرين... وهذا ما تصنفه اليوم الرأسمالية المتوحشة، وفي خندقها الصهيونية والظلامية الفاشية، وقد يسأل سائل: ما حفزك لتقول هذا الكلام؟ والجواب بدقة وبساطة: هو أنني أنهيت قبل ساعات معددوة إعادة قراءة كتاب هام، كنت قد قرأته سابقاً عام 1995، فأثار في نفسي جذوة الإحساس الإنساني، بأهمية أن نبقى في الساحة مناضلين، مع كل الوطنيين، لإنهاء الكارثة الإنسانية، التي يرزح تحت ثقلها الدامي شعبنا السوري.
والكتاب يحمل عنوان «مولوتوف..مائة وأربعون حديثاً» لمؤلفة فيليكس تشويف، وقد ترجمه إلى العربية الصديق الرفيق زياد الملا، وفايز البرشة، وأصدرته دار الطليعة –التي أزجي لها الشكر والتقدير، لدورها في رفد القراء الأعزاء، بكم محترم من الكتب الجديرة بالقراءة والدراسة، في وقت عز فيه مثل هذا الرفد-
لقد أظهر الكتاب المذكور بكل جلاء حقيقة الإنسان الرائع «فيشيسلاف ميخايئلوفتش مولوتوف» الذي كان يقف إلى جانب لينين عام 1917 وهو يعلن السلطة السوفيتية، والذي شغل فيما بعد منصب وزير خارجية الاتحاد السوفيتي لعدة عقود، فكان بحق وزير خارجية الشعوب في وجه أعدائها. ومن أقواله التي استوطنت ذاكرتي:
«لم يتحقق كل شيء كما فكرنا، وأن الشيء الكبير لم ينجز فعلياً كما كان يجب، ثمة شيء كثير قد أنجز بصورة رائعة، إلا أن هذا إلى الآن غير كاف، لقد وصلتم إلى حالة كل شيء فيها جاهز، إلا أنه يتوجب عليكم أن تقوموا بعمل كبير بهمة وبذل جهد».
وكذلك قوله: «أنا أرى أن القضية الرئيسية في حياتي، هي: تعزيز الاشتراكية، وتقوية الدور العسكري والاقتصادي والسياسي للاتحاد السوفيتي، وللمنظومة الاشتراكية بأسرها، وإضعاف الإمبريالية».
ومن ذكريات عهد الشباب – أيام العدوان الثلاثي الإنكليزي الفرنسي الصهيوني الغاشم على مصر الشقيقة عام 1956، والذي أحبطة الصمود البطولي للشعب المصري والإنذار السوفيتي الشهير- وبعد توقف العدوان زار سورية وزير خارجية الاتحاد السوفيتي و «أظن» أن اسمه شيبلوف، وقد التقيناه مصادفة في سوق الحميدية، فحييناه بكل حرارة مشيدين بموقف بلاده في وجه المعتدين، وساعتها كنت أشعر أن الضيف هو وزير خارجية «كل الشعوب».