من الذاكرة: السمعة المشرّفة
الذكريات جزء هام من حياة كل إنسان، ولها استمراريتها في وجدان وعقول الناس.. ولعل أغنية أم كلثوم تعبر عن ذلك وتصدح به:
« كيف أنسى ذكرياتي وهي كل حياتي
كيف أنساها وقلبي لم يزل يسكن جنبي»
وبديهي أن الذكريات وافرة وحافلة بما يبهج وما يؤلم.. بكل حلو ومر.. وفي مقدمة الذكريات، تأتي ذكريات الأحداث الوطنية المعمدة بتضحيات غالية، بذلها أحرار هذا الوطن الحبيب بكل إرادة وإصرار، في شتى مجالات الكفاح.. ولا سيما الممهورة بدم الشهداء منذ ميسلون حتى إشراقة صباح الجلاء.
وكما قال أحمد شوقي:
«دم الثوار تعرفه فرنسا
وتعرف أن نور وحق
وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق»
ولقد كان للحزب الشيوعي السوري دوره الوطني في معركة الاستقلال، جنباً إلى جنب مع كل الوطنيين السوريين، مما بوأه مكانة لائقة وسمعة مشرفة، هو جدير بها، فقد سمي حزب الجلاء.
وأذكر جيداً منذ أصبحت يافعاً، أنني حضرت كل العروض العسكرية بمناسبات الجلاء، التي جرت في الشارع الممتد بين الربوة حتى ساحة الحجاز... وعندما انتظمت في صفوف الحزب شاركت في معظم النشاطات التي أحياها على شرف ذكرى الجلاء وبخاصة احتفالاته السنوية في رحاب غوطة دمشق المخضبة بدم الشهداء، حيث تنطلق عشرات الباصات من كل أحياء مدينة دمشق إلى الاستراحات في ظل الأشجار، وهناك تقام منصة الاحتفال وتلقى الكلمات، وتصدح الأناشيد، وتتم النشاطات الفنية من غناء ورقص ومسرحيات ومسابقات ثقافية.. وفي أحد تلك الاحتفالات جمعتني جلسة طيبة مع الفنان الموهوب، المبدع الراحل، عمر حجو، مازلت أحتفظ بصورة عنها.
ثم كرس الحزب احتفالاً مركزياً في السابع عشر من نيسان على أرض القنيطرة، وبذلك فتح الباب واسعاً أمام عشرات آلاف المواطنين، للانطلاق إلى الجولان، لإحياء ذكرى الجلاء وتأكيداً على إصراره على تحرير كامل ترابه من نير الاحتلال الصهيوني.
وما دمنا في «حضرة» نيسان فلا بد من تذكر أحداث وقعت خلاله ومنها:
- في التاسع عشر من نيسان عام 1980 استشهد الرفيق عمر عوض في مدينة حلب على يد عصابة الإخوان المسلمين.
- في الأول من نيسان عام 1983 استشهد الرفيق الدكتور ناصر عيسى وهو يقاتل في صفوف المقاومة الوطنية ضد الغزاة الأمريكيين والصهاينة على أرض لبنان الشقيق.
- وفي السادس عشر من نيسان عام 2004 عُقدت ندوة الوطن تحت شعار «المخاطر التي تواجه سورية ومهام القوى الوطنية».
ومن المؤكد أن الذاكرة الحية للسوريين تحفظ الكثير الكثير من الصفحات المشرقة المرتبطة بالجلاء و«نيسانه» الزاهي..!