«سيانو».. ومشكلة الصرف الصحي!
في العقود السابقة، كانت مياه الأمطار والصرف الصحي تصرف بطريقة أكثر حضارية من الطريقة التي تتبعها كل من بلديّتيّ سيانو وعين شقاق الحديثتين، اللتين لجأتا إلى تصريف المياه المالحة باتجاه الأنهار والسواقي، ضاربتين عرض الحائط بكل النظم والتشريعات التي تحضّ على النظافة والحفاظ على البيئة وحمايتها. حتى غدت الأنهار التي تجري في المنطقة عبارة عن مجارير مكشوفة، وتشكّل خطراً حقيقياً على الصحة العامة. ومصدر إزعاج للسكان بسبب انتشار الحشرات والأمراض والأوبئة، ناهيك عن الروائح الكريهة.
مع التنظيم الحديث الذي بدأ في ناحية سيانو من قسمها الغربي، شُيّدت الأبنية الكبيرة والمتلاصقة على طريق عام بانياس حتى مزرعة (ديرين). وأُغدِقت الأموال بسخاء ونالت البلدية حصتها – وهذا الأمر سنفرد له بحثاً آخر - وقطنها الكثير من السكان. إلا أن سكان الضاحية السكنية قرب مقصّ جبلة يعانون الكثير من المتاعب والمصاعب المعيشية حتى أصبحت حياتهم جحيماً لا يطاق؛ وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن برك المياه المتجمّعة بسبب الأمطار والوحول بين منازلهم. فرضت على الجميع أن يرتدوا في أقدامهم (جزمات الكاوتشوك) حتى يستطيعوا خوض غمار الشوارع. وفي هذا الصدد فإن البلدية تضع الحجة على المتعهد، والمتعهد بعد أن قبض حصته غير مكترث بكل هذه الشكاوى.
أما القمامة، فحدّث ولا حرج؛ فمنظرها يثير الاشمئزاز والروائح المنبعثة منها تزكم الأنوف، وخاصةً تلك المرميّة قرب مدرسة ديرين، حيث وُضِعَت بطريقة وكأنها مكبّ نهائي للزبالة. ما أدّى إلى تضييق الطريق المزدحم أصلاً بالسيارات وطلاب المدرسة.
مجموعة من أهالي قرية سيانو لجأوا إلى (قاسيون) لعرض معاناتهم وإيصال وجعهم للمسؤولين، لاتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على ريفنا الجميل، وذلك بمعالجة الصرف الصحي، وبإيجاد مكان مناسب لوضع الحاويات وتفريغها بشكل مستمر تحاشياً للعواقب الوخيمة التي باتت نُذُرُها تتلبّد في سماء سيانو.
ويذكر أن تلك القرية الوادعة في ربوع ساحلنا الجميل يعود تاريخها كمملكة حضارية عظيمة إلى مئات السنين قبل الميلاد. تقع سيانو الى الشرق من جبلة /6/كم وتبعد 35 كم عن أوغاريت-رأس شمرا. وتعتبر من أهم التلال الأثرية في محافظة اللاذقية. فقد كان لها سطوتها وحضارتها التي امتدّت على بقعة كبيرة من الأرض، وكان لها وجوداً لافتاً على البحر؛ فقد كان مرفأها قرب تل سوكاس كما تذكر كتب التاريخ.