الحسكة لا تستفيد من انخفاض أسعار المحروقات
تعتبر أسعار المحروقات في محافظة الحسكة، منخفضة بشكل كبير مقارنة بما هي عليه في باقي المحافظات، بسبب الاعتماد على التكرير المحلي للنفط، من خلال مصافي أهلية أوجدتها ظروف الأزمة السورية، لكن تأثير هذه الأسعار المنخفضة للمحروقات على لائحة أسعار النقل وباقي السلع معدوم تماماً، إن لم يكن عكسياً.
وتعتمد المحافظة الغنية بآبار النفط المنتشرة في أكثر من حقل، على التكرير المحلي بواسطة مصافي أهلية، تنتج المحروقات بأنواعها، ولا سيما البنزين والمازوت، بطرق بدائية وجودة منخفضة، لكنها تؤمن القسم الأكبر من احتياجات المحافظة الشاسعة بأسعار معقولة إذا ما قورنت بالأسعار الحكومية الرسمية المعتمدة في باقي المحافظات.
ويبلغ سعر ليتر المازوت في الحسكة، نحو 33 ليرة مقارنة بالسعر الرسمي في دمشق 80 ليرة، فيما يبلغ سعر ليتر البنزين نحو 70 ليرة مقارنة بـ 130 في دمشق، إضافة لتوفره باستمرار سواء في محطات المحروقات (الكازيات) أو عبر الباعة المنتشرين في الطرقات، مقارنة بأزمة المحروقات المتكررة في دمشق.
تأثير عكسي
لم يلمس سكان المحافظة بكل مدنها وبلداتها أي تأثير لهذه الأسعار المنخفضة للمحروقات، على أجور النقل أو أسعار باقي المواد ولاسيما الغذائية التي ترتبط بشكل وثيق بأجور النقل، إذ تعد بورصة الأسعار في الحسكة لكافة المواد والخدمات الأعلى تقريباً على مستوى سورية، ولاسيما أسعار الأدوية والأغذية المتزايدة باستمرار.
ومقارنة بأسعار ما قبل الأزمة، فإن المواطن يدفع اليوم أربعة أضعاف في الحد الأدنى ما كان يدفعه سابقاً لأغلب الخدمات والمواد الغذائية والدوائية، وهي نسبة تتفق إلى حد كبير مع تضاعف سعر صرف الليرة مقابل الدولار الذي يتذرع به القطاع الخاص وتجاره، كلما فتح ملف الأسعار المرتفعة.
ومقارنة بمبلغ 50 إلى 75 ليرة أجرة التكسي الخاصة في مدينة القامشلي قبل الأزمة بسعر بنزين 50 ليرة حينها، يدفع المواطن اليوم في الحد الأدنى 200 ليرة بسعر بنزين 70 ليرة، فيما تبلغ أجرة النقل بين الحسكة والقامشلي في الميكرباص حالياً 200 ليرة بسعر مازوت 33 ليرة مقارنة بـ 50 ليرة بسعر مازوت 20 ليرة قبل الأزمة.
غياب حكومي غير مبرر
يسيطر القطاع الخاص على المحافظة بشكل كبير، وسط انسحاب حكومي متسارع من أغلب القطاعات، بحجة الأزمة السورية وصعوبة ومخاطر النقل بين الحسكة ودمشق، لابل يدعو المسؤولون في الحسكة باستمرار للسماح للقطاع الخاص في إنجاز بعض الخدمات الحكومية لتعذر ذلك على القطاع العام، رغم أن التجار يستخدمون في الغالب مطار القامشلي وطائراته لنقل بضائعهم.
وينسحب هذا التراجع لدور المؤسسات الرسمية على قضية أسعار المحروقات، التي تركت دون الاستفادة منها وتخفيف معاناة سكان الحسكة والنازحين فيها، من خلال فرض أسعار على أجور النقل تتماشى وأسعار المحروقات المنخفضة، إضافة لإلزام التجار بأسعار محددة للمواد الغذائية والدوائية تراعي أسعار المحروقات المنخفضة بدل التذرع بسعر صرف الدولار.
ويوجد شبه تعتيم إعلامي في الصحافة الرسمية على هذه القضية التي قد يسهم التعامل معها بجدية في إعادة دور مؤسسات الدولة وفرض وجودها على الأسواق، والدفاع عن المواطن الذي يقف وحيداً في مواجهة حرب حقيقية من نوع آخر يشنها التجار في الحسكة المصنفة كمحافظة آمنة في أغلب مناطقها وخاضعة لسيطرة الدولة.