القامشلي.. مظاهر مسلحة تثير استياء السكان
شهدت مدينة القامشلي، ليل الأربعاء، إطلاقاً جنونياً للرصاص الحي، احتفالاً بالعام الميلادي الجديد، حول فرحة السكان إلى رعب استمر حتى ساعات الصباح الأولى، وتسبب في إحجام كثير من العائلات عن الخروج للشوارع والساحات التي شهدت احتفالات كبيرة بالعام الجديد بعد توقف فرضته الأزمة السورية.
وعلقت إحدى الصفحات الإخبارية الخاصة بمدينة القامشلي على مواقع التواصل الاجتماعي، على إطلاق الرصاص الكثيف بالقول «نفذت الذخيرة في مدينة القامشلي بسبب احتفالات رأس السنة»، في إشارة إلى استخدام الفصائل المحلية المسلحة التي تدافع عن المدينة، للرصاص الحي في الاحتفالات.
وتشكل ليلة الأربعاء، ختاماً بائساً لعام كامل، غابت فيه كثير من مقومات الحياة الأساسية، وكان انتشار السلاح بين المدنيين واحداً من أبرز صوره، رغم أن المدينة ظلت خاضعة لسيطرة الدولة بشكل كامل طوال سنوات الأزمة السورية.
شوارع أفغانية
توحي مناظر سيارات الفصائل المسلحة التي تجوب الشوارع الرئيسية في مدينة القامشلي، وهي محملة بالشباب المتأهبين لإطلاق النار، وكأن اشتباكاً مفاجئاً سيقع الآن، غير أن ذلك لايمكن أن يقع في القامشلي التي يصنف حتى جزء من ريفها الجنوبي بالآمن.
ويقول أبو عامر، وهو موظف خمسيني، معلقاً على ظاهرة حمل السلاح بين المدنيين، «أشعر بأنني في أفغانستان عندما أشاهد هذا الكم من السلاح والسيارات، حتى شرطي المرور يحمل بارودة، كان الأمن مستتباً في الماضي بدون أن تشاهد مسدساً».
وتعمل فصائل مسلحة تابعة للجان شعبية على حفظ الأمن ومكافحة الجريمة في المدينة، في ظل غياب شبه كامل لدور الأجهزة الأمنية الرسمية، لكنها تستخدم سيارات دفع رباعي وقد ثبت عليها سلاح رشاش، حتى عند محاولة فض مشاجرة بسيطة بين جارين.
موت مجاني
يتسبب انتشار السلاح بهذا الشكل، في وقوع كثير من الحوادث غير المقصودة بالتأكيد، لكنها تزهق أرواح أبرياء لا ذنب لهم، سوى تواجدهم في مكان عام، وربما في المنزل في بعض الأحيان، كما جرى يوم إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وما رافقها من إطلاق نار جنوني، خلف قتلى وإصابات.
وفي مثال مؤلم آخر، على حمل السلاح بين المدنيين، لقي طالب مصرعه قبل أشهر، داخل دائرة امتحانات الحسكة التي شهدت ازدحاماً كبيراً في المركز، عندما حاول أحد عناصر «الدفاع الوطني» تنظيم الدور بإطلاق رصاصة في الهواء قبل أن تصطدم بسقف المبنى وتعود لتقتل الطالب.
ويقول عدد من الأهالي إن كثيراً من عناصر اللجان الشعبية المسلحة التي ظهرت في ظل الأزمة السورية، هم من صغار السن، وغير المدربين بالشكل الكافي، وقد لا يحسنون التصرف دائماً، ما يجعل السلاح بيدهم مصدراً للخطر.
بابا نويل مسلحا ً؟!
شهدت القامشلي، خلال الأيام العشرة الأخيرة من العام 2014، احتفالات كبيرة بأعياد الميلاد، جاءت كتعويض عن توقف الاحتفالات في العامين الماضيين في مدينة عرفت بتنظيم أكبر احتفالات لأعياد الميلاد على مستوى البلاد في سنوات ماقبل الأزمة، لكن المظاهر المسلحة التي رافقت هذه الاحتفالات، كادت أن تطغى على مشاهد الفرح.
وبينما يجوب عدد كبير من الشباب الذي تقمصوا شخصية بابا نويل أحياء المدينة لتوزيع الهدايا على الأطفال، يقف بجانبه شاب مسلح من اللجان الشعبية حاملاً بارودته في مشهد غير مبرر يثير ردود فعل غير مقبولة من الأهالي الذين يخشون على أطفالهم.
يقول ابو جورج: إذا كان من الممكن تفهم حمل السلاح في ظل توتر الوضع الأمني، وغياب الأجهزة الرسمية، فإن المبالغة بحمل السلاح، داخل الأحياء السكنية، واستخدامه بمناسبة وبدون مناسبة، لايوجد له أي مبرر بل على العكس تماماً يشكل بيئة مناسبة لامتداد التوتر إلى داخل المدينة.