بلدة التل.. التهميش مجدّداً!..
تعاني بلدة التل في ريف دمشق الشمالي من تفاقم الأزمات المعيشية بنحوٍ غير مسبوق. البلدة التي باتت تضم أكثر من 800 ألف ساكن، معظمهم من مهجّري المناطق المتوترة، تفتقر إلى الخدمات الأساسية بأدنى أشكالها
كغيرها من بلدات ريف دمشق، تفتقر بلدة التل إلى أبسط مقومات المعيشة. تعاني البلدة من أزمات خانقة في الكهرباء والماء والمحروقات والمواصلات، إضافة إلى الغلاء الفاحش في أسعار بعض المواد الغذائية، وكساد بعضها الآخر..
الكهرباء والماء..
يروي أحد أهالي التل لـ«قاسيون»: «لا تأتي الكهرباء سوى ثلاث ساعات في اليوم الواحد، ساعة ونصف صباحا وساعة ونصف مساء. هذا بنحو عام، أما في بعض الأحيان فتقطع الكهرباء على مدى أيام». أما المياه فلا تأتي للبلدة سوى يوم واحد في الأسبوع، وفي بعض الأحيان يوم واحد كل 10 أيام، وفي «بعض المناطق في محيط البلدة لم تأت المياه منذ ثلاثة شهور، كمنطقة حرنة الغربية، حيث يتذرع مسؤولو مؤسسة المياه هناك بسوء تمديدات المياه، وبرغم شكاوى أهالي المنطقة من هذه المسألة لم تتم الاستجابة لطلباتهم بصيانة الخطوط المقطوعة». ويضطر الأهالي لشراء المياه من الصهاريج لتعبئة خزاناتهم، مما يضيف أعباء مادية إضافية على كاهل المواطنين، حيث تدفع الأسرة نحو 10 آلاف ليرة سورية ثمناً للمياه خلال الشهر الواحد.
محروقات.. «بالقطّارة»!
تعد التلّ من المناطق الباردة شتاءً بسبب موقعها الجغرافي بين التلال، مع ذلك لا تصلها سوى كميات قليلة من الوقود للتدفئة. يقول أهالي التل لـ«قاسيون»: «خصّصت الجهات الوصائية 20 لتراً لكل أسرة كل 10 أيام، وهذه كمية لا تكفي سوى ليومين فقط». ولكن الأمر الأشد صعوبة يتعلق بقسم من النازحين القاطنين في شقق لا تزال على الهيكل (العظم)، والتي لا تحتوي على أبواب أو شبابيك تقيهم برد الشتاء. يشرح أحدهم لـ«قاسيون»: «الكهرباء ليست نظّامية، ولا نستفيد منها بالتدفئة بطبيعة الحال، أما السوق السوداء فتبيع لتر المازوت بـ350 ل.س، الأمر الذي يدفع بقاطني البيوت غير المكسوة بالاستعاضة عن المازوت بالخشب، الذي يباع بدوره بأسعار خيالية تصل إلى أكثر من 50 ل.س للكيلوغرام الواحد، وفي بعض الأحيان يلجأون إلى حرق ورق الكارتون للتدفئة»، الأمر الذي يحمل مضاراً جمة على صحة المواطنين والبيئة بنحو عام..
أزمة في المواصلات
وتنعكس أزمة المحروقات بدورها على وضع المواصلات، من وإلى التل، نقص الوقود لمركبات النقل العام يؤدي ازدحام خانق نتيجة خروج عدد كبير من السرافيس وسيارات الأجرة عن العمل. وتبلغ تعرفة الانتقال بالسرفيس، إن وجد، نحو 50 ل.س، فيما لا تقل أجرة التاكسي عن 300 ل.س. هذا فضلاً عن المدة التي يقضيها المواطن في الذهاب من العاصمة والعودة منها والتي تصل إلى 4 ساعات ذهاباً وإياباً..
الحرمان في بلدة التل يفوق نظيره في العديد من المناطق في دمشق وريفها. فهل البعد عن العاصمة هو السبب؟ هل هو الفساد وسرقة المخصّصات؟ وتقاعس الجهات المسؤولة عن الوضع الخدمي في تلك المنطقة شبه المنكوبة؟ هل هو كل هذه الأسباب مجتمعة؟ أسئلة برسم محافظة ريف دمشق والجهات الحكومية المسؤولة..