برسم المؤسسة العامة للجيولوجيا: هل قرار إغلاق مقلع «مصياف» محاولة لخصخصته؟
منذ سنوات قليلة دُمجت الشركة العامة للرخام والإسفلت مع المؤسسة العامة للجيولوجيا والثروة المعدنية. وأكّد الكثيرون حينها بأن قرار الدمج لم يأخذ حقه من الدراسة والتدقيق الكافي قبل صدوره. وهذا أمر يمكن بحثه في مقالٍ آخر. وسنكتفي هنا بتسليط الضوء على ما آل إليه الوضع بعد الدمج.
من المعروف أن المؤسسة العامة للجيولوجيا تفتقر إلى الكوادر الإدارية والفنية من ذوات الخبرة للعمل في المقالع، لهذا فقد اعتمدت على كوادر شركة الرخام لتشغيل مقلعي تدمر ومصياف (مقلع الكنفو).
الأزمة وغياب الدعم
وقد تم تجهيز مقلع «تدمر» بأحدث الوسائل الإنتاجية المقلعية، وكان مردوده جيداً وبدأ يلبّي حاجة السوق المحلية من منتجاته الرخامية، وتطوّر عمله وصولاً إلى التصدير لمختلف البلدان محققاً إيرادات هامة، إلى أن جاءت الأزمة فأصبح المقلع شبه متوقف لاعتبارات أمنية.
أما مقلع «مصياف»، فلم يتم دعمه بأيّ شيء يمكّنه من منافسة المقالع المجاورة العائدة للقطاع الخاص. والمجهّزة بأحدث الوسائل الفنية الخاصة بالعملية الإنتاجية من أسلاك ألماسية وأذرع قاطعة وما إلى ذلك.. والتي من شأنها تلبية طلبات الزبائن بزمن أقصر وكلفة أقلّ. وهذا ما انعكس سلباً على العملية التسويقية في مقلع مصياف.
القرار المعرقِل
ومع ذلك لم ييأس عمال مقلع «مصياف»، وتابعوا العمل بعزيمة وإصرار كبيرين معتمدين على إمكانياتهم البسيطة، واستطاعوا الانتهاء من مرحلة التكشيف الأولي (إزالة الأتربة والكشف عن الصخور الحجرية الرخامية) على كامل المساحة العائدة للمقلع.
وبدأ الاستثمار بمردود واعد بمنافسة إنتاج القطاع الخاص، وذلك لما يتمتع به الرخام المنتج من جودة عالية وسعر معقول. ليفاجأ العمال على حين غرّة بصدور توجيه إداري بوقف العمل في المقلع بحجة أنه «خاسر»، والانتقال إلى مقلع «عين الشرقية» التابع لمدينة جبلة! علماً أن هذا المقلع متوقف عن العمل منذ أكثر من عشر سنوات وبالحجة السابقة نفسها: «خاسر»!
تخسير القطاع وفساد الإدارة
صُعِقَ العمال لهذا القرار غير المفهوم وبدؤوا يتساءلون بمرارة وحيرة وغضب:
«لماذا توقف مقلع مصياف بالرغم من الطلب المتزايد على إنتاجه؟! ولماذا تم إغلاقه بعد أن صُرِفَت عليه الملايين وأصبح جاهزاً للإنتاج؟! ولماذا فُتِحَ مقلع عين الشرقية بعد كل هذه السنين من التوقف، وهو الذي أُغلِقَ على أساس أنه خاسر؟! ثم بأيّ عصا سحرية سيتحوّل إلى رابح؟! ولاسيما أنه مضى على العمل فيه بعد الانتقال إليه أكثر من خمسة أشهر ولم يحقق أيّ مردود إنتاجي يذكر، بسبب كثرة أعطال الآليات والمعدّات، والبطء في إصلاحها، وتخبّط وفساد الإدارة المستفيدة من إصلاح الآليات، ناهيك عن أن إنتاجه غير مرغوب به في السوق بسبب العيوب التي تعتوره».
مربط فرس الخصخصة
أخيراً، وهنا مربط الفرس، ثمة شائعة تفوح منها رائحة فساد نتمنى ألا تكون صحيحة تقول: بأن إدارة المؤسسة أقدمت على إغلاق مقلع «مصياف»، لأنها تنوي تلزيم أرضه المكتنزة بالصخور الرخامية الممتازة إلى المقالع العائدة للقطاع الخاص.
وهذا هو سرّ إغلاق مقلع «كنفو»!