حلب: بورصة أزمات جرة الغاز بـ8000 ل.س ولا مال لشراء المازوت
ثلاث سنوات وحلب تعيش أزماتها بالجملة حتى لا تجد لها متنفساً أو مخرجاً في ظل واقع أمني واقتصادي خانق من جهة وتقاعس حكومي من جهة قرارات لا تخدم مصلحة المواطنين، والتعامي عن الفساد الذي استشرى حتى كاد أن يبتلع المدينة.
ففي تاريخ 25/9/2014 أصدرت وزارة النفط قراراً ينص على تقليل الكميات المخصصة من المحروقات لمحافظة حلب إلى حدود نصف الكمية، ما أنذر بأزمة محروقات فيها دون وضع مسوغات لهكذا قرار، وخاصة أنه يمس المواطنين بشكل مباشر، لتصل ذروتها في الأسبوع المنصرم دون انفراجات على الأرض رغم الوعود المتلاحقة من لجنة المحروقات في المحافظة بالحل، لتبلغ أسبوعها السادس تقريباً.
حيث توقفت سيارات التوزيع المباشر عن العمل، واختفت الأسطوانة الزرقاء من المراكز المعتمدة، وأقفل بعض المخاتير أبوابهم تبرماً في وجه إلحاح المواطنين، لتظهر في السوق السوداء وتبدأ المزايدة بلقمة الشعب غير المنتهية عند 8000 ل.س إن وجدت، في تواطؤ غير معلن مع مراكز التوزيع، ما أثار سخط الشارع الحلبي المنهك وكأن المدينة تحولت إلى لعنة على ساكنيها.
وعود الانفراج جاءت خجولة ومرتبكة أمام الاحتقان الذي أصاب المواطنين بسبب افتقاد هذه المادة، فتم تخصيص سيارة تحوي 200 جرة لكل حي في محاولة أولية لحل الأزمة بشكل تدريجي، ليتم الاستيلاء عليها من قبل بعض اللجان الشعبية ومنع المواطنين من الحصول عليها، ما زاد من حدة الأمر.
يقول سلام: «منذ أسبوعين وأنا أخرج من السادسة صباحاً بحثاً وتنقلاً من مركز إلى آخر، حيث تجاوزت أرتال المواطنين المئة، في حين أن سيارة لأحد المسؤولين أو عناصر اللجان كفيلة باقتلاع قلوب الواقفين وهي تأخذ الجرار وتذهب تاركة إحساساً مريراً».
غدير أضاف قائلاً: في يوم الأحد 2/11 قامت اللجان الشعبية بأخذ سيارة الغاز من أمام مقر مختار الإسماعيلية ومنع المواطنين منها، ليقوموا بنفس العملية بتاريخ 10/11، دون وجود أي رادع لهم".
أم سعيد: «فيما نحن واقفون بانتظار توزيع الغاز جاءت سيارتين وقامت باستبدال 40 جرة غاز، دون أن يحرك المختار ساكناً وحين حاولنا الاعتراض انهالوا علينا بالشتائم والألفاظ البذيئة دون احترام لإنسانية أو مواطنة».
لتتوحد الشكاوى حول فساد المخاتير الذين تحول بعضهم إلى تجار أزمة، منهم من تواطأ مع السوق السوداء ومنهم من باعها لحسابه الخاص ومنهم من قام بتوزيعها على (الحبايب)، أو لشراء سكوت اللجان الشعبية، فيقف الموطن مسلوباً عاجزاً.
فيما أنهكت جيوب المواطنين بين الأمبيرات التي ابتلعت الثلث، وجرة الغاز التي ابتلعت الآخر، وغلاء المعيشة الذي أجهز على ما تبقى منه، لا مجال معه لتعبئة المازوت إلا لمن استطاع إليه سبيلا، يأتي الشتاء هذا العام ضيفاً ثقيلاً كما في سنوات الأزمة الماضية.
أم أمين: «في العام الماضي قمت ببيع نصف كمية المازوت المخصصة وهي 250ل، حيث كان سعر الليتر الواحد 60 ل.س، أما اليوم أنا عاجزة عن شرائه».
«غلاء المعيشة والأوضاع الصعبة تجعلنا واقفين على أعتاب إفلاس حقيقي، لا مال لدي للحصول على المازوت» يضيف أبو حسين.
في حين بحث البعض عن بدائل كمدافئ الحطب لحرق ما تيسر لهم لتأمين الدفء من جهة وطهو طعامهم عليه.
لنسأل وزارة النفط هل فكرت بأبعاد قرارها الذي ظلم مدينة بأكملها ووضعها تحت رحمة تجار الأزمة، إضافة إلى لجنة المحروقات وعلى رأسها محافظ حلب وتقاعس مسؤوليها عن القيام بواجبهم في حماية حقوق المواطن المنتهكة