الحسكة بين رحى الأزمة.. والوعود!
تلقي الأزمة السورية بظلالها الكئيبة على محافظة الحسكة الشاسعة لتشمل كل جوانب الحياة، ويبدو المواطن منهكاً بعد مرور نحو أربع سنوات لم يف خلالها المسؤولون في المحافظة بأغلب وعودهم حول توفير الخدمات وتخفيف الأعباء على سكان الحسكة والنازحين إليها من باقي المحافظات.
وخلال زيارة أكثر من وزير للمحافظة خلال الأسبوع الماضي، لم يبد أغلب من التقتهم «قاسيون» أي تفاؤل في تغيير الواقع البائس الذي يعيشونه، رغم كل الوعود التي قدمها الوزراء والمسؤولون في الحسكة التي تصنف كمحافظة آمنة في أغلب مدنها ومناطقها الرئيسية، لكنها تئن تحت وطأة غياب الخدمات الأساسية وارتفاع الأسعار الجنوني.
زيارة دون صدى
لدى سؤالنا عن موعد وصول وزير الكهرباء عماد خميس إلى مدينة القامشلي مطلع الأسبوع الماضي، كانت الإجابة على الشكل التالي «سيصل أمير الظلام بعد نحو ساعتين»، وهو وصف شعبي ابتكره المواطن بعد وصوله لحالة يأس من عودة الكهرباء إلى سابق عهدها، حيث تصل ساعات التقنين إلى عشرين ساعة في اليوم، وأحياناً أكثر.
ولم يجد كلام الوزير خلال اجتماعه بالقامشلي أي صدى لدى سكان الحسكة، ولا أصحاب المولدات الخاصة التي تنتشر في أحياء أغلب مدن المحافظة وتبيع الكهرباء للمنازل، ولاسيما أن كلامه عن تنفيذ مشاريع حيوية تؤمن عودة الكهرباء إلى الحسكة لا يرتبط بجدول زمني لهذه المشاريع المجهولة لتبقى في خانة المفاجأة السعيدة التي يتحتم على المواطن انتظارها يوماً ما.
الكتب المدرسية ستصل يوماً ما
استقبلت المحافظة التي تعاني من نقص كبير في الكتب المدرسية، دفعة جديدة من الكتب تبلغ 50 ألف كتاب مدرسي، في طريق الوصول الطويل لكامل حاجة نحو 2500 مدرسة تقترب من نهاية الفصل الدراسي الأول.
وأمام هذه الوتيرة الحكومية البطيئة في تأمين أكثر من أربعة ملايين كتاب مدرسي تشكل حاجة مدارس المحافظة، لجأ من تمكن من الأهالي إلى طباعة الكتب لأولادهم رغم التكاليف العالية التي تحملوها، حيث يصل سعر تصوير الكتاب الواحد إلى ألف ليرة، وسط تساؤل مشروع، لماذا لم تقم المؤسسة العامة للمطبوعات والكتب المدرسية بتأمين الكتب المدرسية خلال فصل الصيف إذا كانت على علم بصعوبة النقل.
الوعود والتأكيدات
لم تعد اجتماعات وبيانات المسؤولين في المحافظة، والتي تتصدر صفحات وسائل الإعلام الرسمية تقنع المواطنين كثيراً، ولاسيما أنها تدور حول الوعود والتأكيدات، بينما يقول الواقع إن التجار باتوا يتحكمون باحتياجات المحافظة وكأنهم المسؤولون الرسميون عنها.
ويزيد الحديث الرسمي الأسبوع الماضي، عن تنفيذ مشروع جر مياه دجلة إلى المحافظة، وهو مشروع عملاق فشلت الحكومة في ترجمته إلى واقع خلال سنوات الاستقرار، في انعدام ثقة المواطن بالمسؤولين العاجزين عن ضبط انفلات الأسعار في أسواق المحافظة.
صورة بائسة
انعدام الثقة في دور الحكومة بمساندة السكان على الأقل، للتغلب على صعوبة الحياة في ظل ظروف الأزمة السورية، أمر مهم للغاية، ويرتبط بتشكيل الرأي العام الذي قليلاً ما يجري الاهتمام به، مع التركيز على أن وعي المواطن يدرك ما تستطيع الحكومة تحقيقه وتمتنع عن ذلك، وما هو غير ممكن.
وعلى أرض الواقع، تبحث إحدى الأمهات عن المسؤول على توزيع حقائب مدرسية وزعتها منظمة «اليونيسيف» الأسبوع الماضي، على طلاب المدارس الابتدائية، هي تريد حقيبة لابنها، لأن المدرسة منحت حقيبة واحدة لأخيه التوءم، وحرمته منها، وتستغرب كيف يصل الفساد إلى هذا المستوى اللا إنساني.