الحسكة.. التجار يخوضون معركة على «حليب الأطفال»
تعتمد محافظة الحسكة على التجار بشكل رئيسي في تأمين «حليب الأطفال»، إضافة لكثير من المواد الغذائية والدوائية الأساسية للمحافظة التي انقطع اتصالها مع الداخل السوري على خلفية الأزمة السورية وتبعاتها، حيث يمتلك التجار كلمة السر لتجاوز كل المعوقات التي تعترض طريق بضائعهم، بينما لا يستطيع القطاع العام تجاوز هذه المعوقات لعدة اعتبارات ترتبط بآلية عمله.
ويعاني سكان المحافظة الشاسعة والنازحون إليها من باقي المحافظات السورية الساخنة، من شح مادة حليب الأطفال من الأسواق بشكل مستمر، مع ارتفاع سعرها بشكل تصاعدي مقارنة بسعرها الحقيقي في العاصمة دمشق، حيث يتذرع التجار بصعوبات النقل وتكاليفه الباهظة التي يضيفونها على سعر علبة حليب الأطفال.
تأمين الربح
تتسبب آلية عمل التجار، التي تعتمد على مفهوم الربح فقط، في خلق أزمة حليب مستمرة في الأسواق، فلا يشحن التاجر بضاعته من دمشق، إلا إذا فقدت في أسواق الحسكة، ما يضمن له تحديد السعر الذي يريده أمام استعداد الأسر لدفع أي ثمن لتأمين علبة الحليب لأطفالهم.
وتمتد الفترة بين اختفاء المادة من السوق وقرار الشحن إلى أكثر من أسبوع بسبب صعوبة النقل على الطرق البرية، ووصلت في آخر مرة إلى أسبوعين، عانى فيها الأهالي الكثير وهم يبحثون عن غذاء لأطفالهم لا يوجد بديل له، رغم أن هذه المعاناة أصبحت سمة دورية تظهر بين فترة وأخرى.
حروب تجارية
شهد الأسبوع الماضي معركة تجارية حقيقية بين أبرز تجار الحليب في المحافظة، فبعد أن عانى الأهالي من فقدان حليب (نان) وهو الصنف الرئيسي الذي يعتمد عليه الأطباء، بشكل كامل، بدأ السباق التجاري لتصل أول دفعة وتباع للمستهلك بحدود 1400 ليرة، فيما اضطر باقي التجار إلى تخفيض أسعار بضاعتهم حتى 1200 ليرة وأقل من ذلك، بسبب وصولهم المتأخر للسوق.
ولا يتجاوز عدد تجار الحليب في الحسكة أصابع اليد الواحدة، لكنهم غير متفقين لحد الآن على تقاسم السوق، وهو أمر إيجابي للمستهلك في أدبيات التجارة، لأن اتفاقهم يعني ثبات السعر على أعلى رقم وصل إليه، وهو 1400 ليرة حالياً مقارنة بسعر ألف ليرة تقريباً في دمشق.
ويقول عدد من الصيادلة في حديثهم لـ«قاسيون» إن إصرار الأطباء على صنفين محددين فقط من الحليب وهما (نان) و(كيكوز) يتسبب بجزء من الأزمة، رغم وجود أنواع أخرى من الحليب، وهي متوفرة إلى حد ما وبسعر أرخص.
معركة من دون حسم
رغم الأهمية الكبيرة لحليب الأطفال، لا يعرف السبب في تركه لعبة بأيدي التجار مع توفر كثير من الحلول التي تستطيع الجهات المسؤولة في المحافظة تقديمها، وتخفيف جانب أساسي من العبء الذي يتحمله المواطن، ولاسيما في مادة «حليب الأطفال» التي أصبحت هاجساً لكل أسرة تعيش في الحسكة.
ومن بين عدة اقتراحات يمكن العمل عليها، حصر استيراد حليب الأطفال من دمشق بمديرية الصحة، أو نقابة الصيادلة بالحسكة، عن طريق جسر جوي بين مطاري دمشق والقامشلي، يعتمد على دورية نقل عبر طائرة الشحن العملاقة تضمن توفر المادة في السوق باستمرار، وتوزيعها على عدد محدد من الصيدليات الرئيسية وإلزامها ببيع علبة الحليب بالسعر محدد.
ويمكن أن تحقق طائرة الشحن العملاقة، إذا ما تم استغلالها بشكل جيد، نصراً من نوع آخر في معركة يشنها التجار على المواطن، ويستخدمون فيها طائرة الشحن ذاتها لنقل بضائعهم، حيث يمثل ارتفاع أسعار المواد الغذائية والدوائية واحداً من أكبر هموم أبناء الحسكة.