حكومة الابتهالات السعيدة.!
ليس دور الحكومة فقط التعاطف مع أزمات شعبها الاقتصادية، ولم تكن لتولىّ عليهم من أجل أن تمطرهم بالمواعظ وعبارات التأييد، وتلعن معهم ليل نهار الفساد والاحتكار والغلاء.
وما كانت الحكومة أبداً امرأة جميلة تنهال عليها الهدايا والعطورات لتجميلها وتزيينها لليلتها الموعودة، وأما من حولها فهم الرعاع اليتامى حاملي الرايات والمراوح الهوائية كي لا يسيل مكياجها في الحر، ولإبقائه على حالته حتى فترة ظهورها أمام الحشد الذي سيخر صاغراً أمام فتنتها، ويبتهل إلى الله دوام جمالها وفتنة جسدها البض...إنها الحكومة السعيدة الحكيمة التي لا ينافسها أحد، وتسفح من أجلها الدموع وتسبح لها الأرواح والبطون الخاوية.
المواطن السوري الفرح بدور حكومته السعيدة الحيادي، انحنى كثيراً حتى وصل فمه التراب، ولم يعد يقوى على مقاومة الغلاء المستفحل، والجشع الذي فتح فمه لمنتهزي الأزمة، وفتح يديه لتجار الاحتكار، الذين تكرشوا على حساب الجائع الوحيد، أكل منه ما أكل وترك له الجلد ليستر به ما بقي من إنسانيته.
البندورة بـ 200 ليرة، والبطاطا بمثلها، والفليفلة بـ 400 ليرة، والبازلاء بـ400 وهكذا تزيد الأصفار المتزاحمة أمام الأسعار التي فقدت عقلها، بينما الموظف على حاله براتبه البائس ويده المغلولة، والأغلبية من غير الموظفين تطارد الليرة ولا تلحق بها، وبالكاد تنام بطون الصغار على ما يجعلها تنام.
أما الحكومة فتتوعد الجشعين والمحتكرين، بأيديها المتنوعة الحديدة والخشبية والورقية، والأخيرة هي اليد الوحيدة التي لا تكلف الوزير ومكتبه الصحفي ومستشاريه، إلا الإعداد لمؤتمر صحفي تولم فيه العصائر وقطع (الكيك) للصحفيين، ويطلق فيها عباراته المملة والكسولة، ويختلق الأعذار بدءاً من سعر صرف الدولار، وانتهاءً بوعد لا يتجاوز الأيام والأسبوع بإعادة الأسعار إلى ما كانت عليه.
بين المواطن والحكومة الحالية أزمة ثقة، بدأت من تصريحات غير مسؤولة وواقع مزري على الأرض، لا يشي بتغيرات جدية، في سلوك الحكومة وفي إدارتها للأزمة الاقتصادية للمواطن-مع مراعاة كل ما يجري من حصار قاسٍ وموارد ضحلة للخزينة العامة- وعدم قيامها بخطوات جدية لإخراجه من هوة الجوع والعوز، واكتفائها بأن تكون مثله على قدر المساواة، فليس بإمكانك أن تميز حديث الوزير من حديث المواطن...فالكل يشكو واقع الحال ويبتهل بزوال الغمة وانقشاع الأزمة.
إني داعٍ فأمنوا..؟.