تعليمات محافظة دمشق «حبر على ورق» ووزارة التجارة الداخلية «كأنها لم تكن»
كان واضحاً للعديد من السوريين، قلة الإقبال على عادات وتقاليد عيد الأضحى، بدءاً من ماهو معتاد في أي عيد كشراء الملابس وصناعة الحلويات أو شرائها، وصولاً إلى ذبح الأضاحي.
وعلى الرغم من تصنيف دمشق العاصمة من بين المدن الآمنة نسبياً، إلا أن استتباب الأمن بالمعنى العسكري، لم يلق بظلاله على ساحات العيد المخصصة للأطفال، من ناحية تأمين الألعاب بشروط السلامة اللازمة، أو تخصيص وحدات للطوارئ بالقرب منها كما كان الحال في الأعياد قبل الأزمة.
وبما ان العيد مرتبط بـ«فرحة الأطفال» وفقاً لأبو محمود، فقد اقتصرت مظاهر العيد هذا العام على توجه الأطفال إلى ساحات العيد التي من المفترض أن تكون مؤمنة ومرخصة من قبل الجهات المعنية، إلا ان "ذلك كان غير حاضر، في كثير من ساحات اللعب، بحسب أبو محمود الذي أضاف: كانت المخالفات بالجملة بظل غياب الرقابة الصارمة كأي قطاع آخر في الحياة اليومية.
ساحات مخالفة
في مناطق المخالفات
انتشرت في دمشق ساحات لعب غير مرخصة، وتجمعات للألعاب في أحياء عشوائية دون توفر «أدنى مستوى» من وسائل الحماية والأمان للأطفال، حيث قام بعض المعتاشين على هذه النوعية من المناسبات، بنصب الأراجيح والألعاب أينما استطاعوا حتى وإن كانت بأحياء شعبية ضيقة.
ولم تكن مناطق المخالفات بالبعيدة عن هذه التجاوزات، حيث نصب البعض أراجيحهم وألعابهم بمنتصف الطريق، وتركوا الأطفال عرضةً للخطر، ويقول أبو رامي بائع في عشوائيات ركن الدين إن أصحاب الأراجيح نصبوا الألعاب بمنتصف طريق السرافيس، ما أدى إلى عرقلة السير وتعريض حياة الأطفال للخطر.
وتابع هذه ليست المرة الأولى التي يقوم بها هؤلاء بتشكيل ساحات للعيد منتصف الطريق مشيراً إلى أن طريق السيارات العام في المنطقة تعترضه ساحتان للعيد ، لا تراعيان أدنى مستويات الأمان للأطفال، وقد وقعت عدة حوادث في السنوات الماضية للسبب ذاته.
وأضاف لم تكن هناك رقابة أو ضوابط لهذه الساحات المخالفة قبل العيد، فمابالك خلال الأزمة الحالية، وفي ظل غياب الرقابة عن أغلب نواحي الحياة، فقد ازداد عدد الألعاب هذا العام وبأنواع خطرة ومخيفة، إضافةً إلى انتشار الأطعمة المكشوفة دون أي رادع.
لا شرطة ولا إسعاف..
والكهرباء مسروقة
حتى ساحات العيد المرخصة من قبل محافظة دمشق، لم تكن مؤمنة بشكل تام كما وعدت الجهات المعنية، وبحسب باسل أب لـ3 أطفال، فإن ساحة العيد الأقرب إلى مكان سكنهم، كانت في منطقة صلاح الدين مشيراً إلى أن هذه الساحة تفتقد لسيارة إسعاف أو حتى شرطة نجدة، رغم أن القرار بتوفر هذه العناصر في ساحات العيد كان من قبل الجهات المعنية ذاتها.
وتابع الألعاب قريبة من بعضها البعض، ومنها ماهو خطر كإحدى الألعاب التي تدور بالأطفال بشكل كامل وتجعلهم رأساً على عقب، عدا عن أن جميع هذه الألعاب كهربائية، ماقد يزيد من خطرها وخاصة في ظل غياب الرقابة مشيراً إلى أن بعض الألعاب اعتمدت على الكهرباء المسروقة من أعمدة إنارة البلدية.
ورغم أن محافظة دمشق كلفت قبل عيد الأضحى قسم شرطتها بوضع دوريات ثابتة في جميع المواقع المعتمدة للتأكد من تراخيص الألعاب ومنع تموضع أي ألعاب خارج المواقع المحددة وحجزها، بالإضافة إلى تكليف مديرية دوائر الخدمات وبالتنسيق مع مديرية الشؤون الصحية القيام بجولات لمنع بيع الأطعمة المكشوفة، إلا أن جميع الجوانب التي ذكرت بهذا التكليف كانت مخالفة، دون تواجد عناصر المحافظة أو الصحة.
ومن جهته، قال حسام شاب في ساحة العيد بمنطقة صلاح الدين في ركن الدين إن قرار محافظة دمشق كان حبراً على ورق، فقد ذكر القرار أنواعاً من الالعاب بانها ممنوعة، إلا أنها كانت حاضرة وبشدة، ومنع المفرقعات والألعاب النارية والألعاب ذات الطلقات البلاستيكية، ومنع الالعاب التي تتسع لأكثر من عشرة أشخاص والألعاب ذات الدورة الكاملة، كل ذلك كان حاضراً في ساحات العيد إلا المحافظة التي أصدرت القرار.
وأردف نحن معتادون على هذه الالعاب في كل عام، لكن محافظة دمشق تصدر هذه التعليمات من باب (أعذر من أنذر) ليس إلا، حتى أنها ذات الصياغة في كل عام مشيراً إلى أن ساحات العيد المرخصة لم تشهد اي تواجد لسيارات الاسعاف أو الدفاع المدني أو حتى شرطة النجدة كما كان معتاداً في السابق.
مسالخ على قارعة الطريق
المخالفات لم تنحصر في ساحات العيد والألعاب والأطعمة المكشوفة فقط، فقد انتشرت مع أول أيام عيد الأضحى، المسالخ الجوالة، في الهواء الطلق وعلى أطراف الشوارع، التي تقوم بذبح الأضاحي، دون مراعاة الشروط الصحية اللازمة، وقد قال ضياء موظف في القطاع الخاص: إنّ اللحامين نشروا خرافهم على أطراف الشوارع، وعلقوا ما يشبه العواميد على الارصفة، وقاموا بذبح الأضاحي وتعليقها وتقطيعها في الشارع.
وأردف:لا يأخذ هؤلاء أجرة الذبح والتقطيع، وكل مايحصلون عليه هو فرو الخراف ليقوموا ببيعه لاحقاً، مشيراً إلى أن أغلب هذه المسالخ المخالفة، كانت على أوتوستراد العدوي وطريق ابن النفيس، بالقرب من وزارة التجارة الداخلية، المعنية بشكل أو بآخر بضبط هذه المخالفات. وتابع ضياء: انتهكت شرعية وزارة التجارة الداخلية في العيد، بدءاً من المسالخ المخالفة على بعد أمتار منها، وبيع الخبز في السوق السوداء بالجهة المقابلة منها، إلى المتاجرة بمادة المازوت في الكازيات التي تقع بالقرب منها" مشيراً إلى أنّ الأسعار كانت خارج الرقابة نهائياً، وكأن حماية المستهلك لم تكن يوماً لا قبل العيد ولا خلاله ولا بعده.
الحال أفضل بعد المصالحة
ومن جهة أخرى، كانت المناطق التي عانت من توترات أمنية مؤخراً، وبدات فيها ملامح المصالحة الوطنية، بحال أفضل من السنوات السابقة، حيث قال م.د: في منطقة القابون وله أقرباء في برزة، إنّ عيد الأضحى الحالي كان أفضل من السنوات السابقة، فقد نصبت الأراجيح واستمتع الأطفال بقدر لا بأس به من الفرحة رغم انحسار الألعاب المتوفرة في هذه المناطق، وصعوبة التنقل خارج المنطقة.
وأردف: حتى أن بعض الأسر قدمت الأضاحي في عودة ملفتة لعادات وتقاليد الأعياد التي فقدت خلال الأزمة، مؤكداً أنّ هذه المناطق لم تشهد توترات أمنية تذكر خلال فترة العيد.
وفيما يتعلق بالمناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية، فقد أكد نشطاء على صفحات «فيسبوك» بأنّ جزءاً لا بأس به من الأطفال، حرم فرحة العيد وخاصة بعد أن وجدوا أنفسهم في يد تنظيم ما يسمى الدولة الإسلامية «داعش» حيث ضم بعض الأطفال،إلى تشكيلات التنظيم العسكرية، وحملوا السلاح في عمر مبكر، وأنشأ التنظيم عدة معسكرات لهم في مدينة الرقّة، مثل معسكر «اعكيرشي» ومعسكر تل أبيض، ومعسكر الطلائع.
وفيما يخص الأضاحي، فقد اقتصر ذلك بحسب نشطاء على عناصر التنظيم، حيث أكد هؤلاء أن إحدى الجماعات المسلحة في دير الزور قامت بتوزيع 100 دولار عيدية، على عناصرها مع خروف كأضحية، بمناسبة عيد الأضحى، ضاربةً بعرض الحائط باقي الأسر المحتاجة.
وفي الغوطة الشرقية، قال نشطاء معارضون: إن منظمة تدعى السلام لأجل سورية، قامت بتوزيع 50 أضحية عجل على الأسر، مشيرين إلى أن العدد ازداد إلى 55 بعد مساهمة بعض الأسر القادرة، وتم ذبح هذه الأضاحي في أول أيام العيد، ووزع كيلو غرام واحد على كل فرد بدءاً من منطقة الضمير.