التعليم  نفقات باهظة تحرم أبناء الفقراء..!!
أحمد العبد أحمد العبد

التعليم نفقات باهظة تحرم أبناء الفقراء..!!

منذ بداية العام الدراسي الجاري، ما تزال الأسر السورية تواجه الصعوبات في تأمين نفقات إرسال أبنائها إلى المدارس، وتتعاظم المشكلة كلما زاد عدد الطلبة في الأسرة الواحدة..

في ظل الأزمة التي تمر فيها البلاد، تحوّل التعليم، حتّى في أدنى مراحله، إلى عبء إضافي يثقل كاهل السوريين، وذلك بسبب ما يترتب على هذه العملية من أعباء مادية، وضعت وتضع الكثير من تلك الأسر أمام خيارات صعبة، تصل في بعض الأحيان إلى حد التخلي عن تدريس أبنائها، نتيجة العجز عن تأمين نفقاته، ولاسيما مع استمرار غياب الحلول الحكومية لهذه المعضلة.
حسبة بسيطة
في حساب بسيط لتكلفة إرسال طفل واحد إلى المدرسة، يبلغ ثمن نسخة الكتب المدرسية بالحد الأدنى 1500ل.س، يضاف إليها 1000 ل.س ثمن القرطاسية، فيما لا يقل ثمن الحقيبة المدرسية  عن 1500ل.س، لتصبح التكلفة في المحصلة 4000 ل.س، لكي يكون بمقدور تلميذ واحد البدء في عامه الدراسي، هذا في حال أهملنا تكلفة اللباس المدرسي، والذي لا تشترط أغلب المدارس ارتداءه، ولا تقل تكلفته لوحده عن 3000 ل.س. وبما أن متوسط عدد الأبناء الدارسين في الأسرة السورية يبلغ 3 أبناء، فإن تكلفة تدريسهم تصل إلى 12000 ل.س في الحد الأدنى، وهذا على فرض أن كل الأبناء في مرحلة التعليم الأساسي، الذي يُعد الأقل كلفة من الدراسة في المراحل الأعلى كالمرحلة الثانوية أو الجامعية.
لا تتوقف تكلفة التدريس على الحساب المذكور آنفاً فحسب، فهناك الكثير من المصروفات الجارية الأخرى، والتي لا تزال تشكل هاجساً حقيقياً لدى أرباب الأسر، كأجور النقل التي زادت تعرفتها مؤخراً، وخصوصاً في ظل ازدحام المدارس بسبب التهجير والتوتر الأمني في بعض المناطق واضطرار أغلب أهاليها، إلى نقل الطلاب إلى مدارس في المناطق الأكثر أماناً والأقل ازدحاماً بالطلاب.
وفي المحصلة، تشكّل التكلفة الأولية، التي تبلغ 12000 ل.س، حوالي ثلثي متوسط دخل العائلة الذي يتراوح بين 15000 إلى 20000ل.س، وهذا ما لا تستطيع معظم الأسر السورية تحمّله في ظل الغلاء والظروف الصعبة التي تعيشها، وبالأخص مع قدوم الشتاء بما يحمله من نفقات باهظة أخرى.
الحرمان من التعليم
أدت هذه المشكلة إلى اضطرار بعض العائلات السورية إلى تقليل عدد الأبناء الدارسين، حيث يلجأ بعضها إلى تعليم الفتيات فقط، وإرسال الأبناء الذكور إلى سوق العمل، في حين تجري العملية بنحو معاكس في عائلات أخرى، فيتم تعليم الفتية وتُحرم الفتيات منه، الأمر الذي يحمل نتائج سلبية وخطيرة على الأطفال والمجتمع، ويستوجب العمل على اتخاذ إجراءات سريعة لإنقاذ العملية التربوية من التدهور، والمحافظة على مسارها خلال المرحلة الراهنة: كدعم قطاع التعليم من الحكومة، بحيث يجري تأمين الحد الأدنى من الاحتياجات التعليمية الأساسية مجاناً، كالكتب والقرطاسية واللباس المدرسي للمرحلة الأساسية بأقل تقدير. والاعتماد على المؤسسات الاستهلاكية الحكومية لبيع بقية اللوازم المدرسية بأسعار تتناسب ودخل الأسر. وضبط أسعار السوق، وعدم السماح للتجار باستغلال بدء العام الدراسي كموسم تجاري لهم.