على أبواب العام الدراسي طلبة خارج دائرة التعليم.. وأسعار القرطاسية تثقل كاهل من تبقى

على أبواب العام الدراسي طلبة خارج دائرة التعليم.. وأسعار القرطاسية تثقل كاهل من تبقى

دخلت الجامعات والمدارس الخاصة في سورية سوق المتاجرة بالسلع، وأضحت «المادة الدراسية» أو «الساعة الدراسية» كأي سلعة تجارية طالها رفع الاسعار، وفقاً لأهواء التاجر –صاحب المشروع- ومطامعه بتحقيق أكبر قدر ممكن من الربح، بحجة «ارتفاع سعر صرف الدولار وباقي المستلزمات».

وبحسب عدة شكاوى وردت لصحيفة  «قاسيون»، فإن «الجامعات الخاصة رفعت أقساطها بصورة غير منطقية ولا تتناسب مع دخل أي مواطن سوري واكب الأزمة خلال السنوات الماضية، وما عكسته من تردي الوضع المادي وانهيار اقتصادي لبعض الأسر».

مليون ليرة قسط الجامعة !

وأكد البعض أن «أقساط بعض الجامعات وصلت حد المليون ليرة سورية وأكثر في العام الدراسي الواحد لبعض الاختصاصات مثل الطب البشري دون أن تدخل بها تكاليف المواصلات أو أي مستلزمات أخرى، في حين اختلف قسط العام الدراسي لذات الاختصاص من جامعة إلى أخرى وكأنها سوق تجارية».

ضربت بعض الجامعات الخاصة بعرض الحائط المادة الثانية من قرار مجلس التعليم العالي رقم 84 للعام 2009، التي تضع تقدير زيادة الرسوم والأقساط على الطلبة القدامى المسجلين في الجامعات الخاصة بيد مجلس التعليم العالي، ولا يصدر إلا بقرار من وزير التعليم بناء على موافقة المجلس الذي يأخذ في الاعتبار معدلات التضخم الجديدة، وما أكدته الوزارة بأن ذلك لم يحدث لأي جامعة ولم يتم رفع أي أقساط على الطلاب القدامى، رغم شكاويهم بهذا الصدد.

تغطية الأضرار على حساب الطلاب

أكثر المتضررين من رفع الأقساط، هم الطلاب الذين سجلوا سابقاً بالجامعات على السعر السابق قبل الرفع والذين اضطروا لتأمين المبالغ المطلوبة وإلا خسروا دراستهم، ورغم نفي وزراة التعليم العالي حدوث مثل هذه المخالفة القانونية –رفع القسط على الطلاب القدامى – إلا أن عدد من الطلاب أكدوا لـ«قاسيون» قيام أكثر من جامعة بهذا التصرف العام الدراسي الماضي، مشيرين إلى أن «رفع الأقساط طبق في الفصل الدراسي الثاني وقبله في بداية العام».

الجامعات الخاصة وكغيرها من المنشآت التجارية أو المؤسسات الحكومية، وبحسب بعض الشكاوى، «حاولت تغطية نفقات خسارتها خلال الأزمة الحالية، عبر رفع أقساطها لحدود غير منطقية مقارنة مع الجو الدراسي المفروض الذي أضحى أقل من المتوسط بعد تغير المقر الرئيسي نتيجة الأوضاع الراهنة».

وفي جولة قصيرة لـ«قاسيون» على مواقع بعض الجامعات الخاصة، أخذت عينة من إحدى الجامعات، التي كانت أسعارها تقريباً وسطية بين نظرائها كما في الجدول، ويضاف إلى ذلك:

رسم الانتساب: 20000 ل.س و يسدده الطالب لمرة واحدة فقط لدى انتسابه للجامعة .

رســم فصـلي:   20000 ل.س و يسدده الطالب عن كل فصل دراسي.

رسم المفاضلة:   3000  ل.س  ويحسم من رسم الانتساب للطلاب المقبولين في الجامعة.  

ألمانيا أرخص!

وبمقارنة هذه المبالغ مع تقارير سابقة لأسعار التعليم العالي في ألمانيا للطب البشري مثلاً، فقد كان قسط الفصلين بحدود (1400) يورو اي بحدود 280000 ليرة سورية، بسعر يورو (٢٠٠) ليرة سورية، في حين تبلغ تكلفة الغذاء والإقامة أقل من 225000 ل.س، وبهذا يكون المجموع حوالي خمسمئة ألف ليرة سورية، بينما ووفقاً للجدول أعلاه تكون التكلفة للدراسة فقط مع رسوم التسجيل في سورية  حوالي 900 الف ليرة سورية.

معاون وزير التعليم العالي لشؤون التعليم الخاص، بطرس ميالة أكد في تصريحات صحفية، أن أسعار أقساط وساعات الدراسة في الجامعات الخاصة «محررة» وتعود إلى قرارات الجامعات ذاتها، مشيراً إلى أن «ذلك يخلق نوعاً من التنافس» على حد تعبيره.

وأكد « لايجوز بشكل من الأشكال زيادة أسعار الأقساط على الطلاب القدامى في الجامعات الخاصة» مشيراً إلى أن «ذلك لم يحدث في اي جامعة خلال الفترة الماضية»، رغم وجود الشكاوي.

إغلاق الجامعة المخالفة شبه مستحيل!

وتابع «أي مخالفة من هذا النوع تستدعي عقوبات مادية شديدة ومتدرجة حددها نص المرسوم 383 مع إعادة فرق القسط المدفوع من قبل الطالب إن تم رفع السعر عليه اثناء العام الدراس وان كان طالباً قديماً» منوهاً إلى أن «عقوبة إغلاق الجامعة نتجية المخالفات صعب جداً إلا في حال المخالفات الكبرى كتزوير الشهادات».

شكاوى طلاب الجامعات الخاصة لم تقف فقط عند رفع الأقساط، بل طالت المستوى التعليمي المقدم، الذي وصفه بعض الطلاب بالمتوسط مقارنةً بالقسط المرتفع، عدا عن «انعدام المزايا الممنوحة للمتفوقين» في بعضها كصفة معيد أو منحة خارجية، وقد يعود ذلك إلى عدم إلزام الجامعات الخاصة من قبل وزارة التعليم العالي بهذه التفاصيل، حيث أكد ميالة أنه «لا يوجد إلزام بهذا الصدد للجامعات الخاصة ويعود ذلك لنظام الجامعة، فمنهم من يخفض الاقساط أو الرسوم على المتفوقين ومنهم من يعينهم كمدرسين».

ويبلغ عدد الجامعات الخاصة المرخصة في سورية حتى الآن 20 جامعة خاصة، وخلال العام الجاري لم يتم الترخيص لأي جامعة جديدة، في حين توجد دراسة وقرار مبدئي لترخيص حوالي 10 جامعات، لكن هذه الدراسة قد تحتاج لسنوات «فالترخيص عادة يحتاج لسنوات من الدراسة حتى يمنح» بحسب ميالة.

مدارس كالفنادق

وكونها منشآت «تجارية» في النهاية، ركبت رياض الأطفال والمدارس الخاصة، موجة رفع الأسعار تحت عدة ذرائع منها سعر الصرف والمحروقات وما إلى ذلك، واختلفت الأقساط من مدرسة إلى أخرى كنجوم الفنادق.

ووفقاً للشكاوى، فإن المدارس والرياض الخاصة، ارتكبت ذات مخالفة الجامعات الخاصة برفع الأقساط على الطلاب القدامى، ما أكده «وسام . م» أب لـ3 أطفال، بان المدرسة رفعت القسط على أطفاله الفصل الثاني من العام الدراسي الماضي حوالي 20 الف ليرة سورية ليصل إلى 70 ألف، وفي بداية العام الحالي وصل القسط للعام الواحد إلى 100 الف ليرة.

وبحسب ما تقوله وزارة التربية، فإن هذا التصرف مخالف للقوانين، مؤكدةً ان «زيادة أسعار الاقساط تأتي في بداية العام الدراسي ورفعها ضمن العام يعتبر مخالفة».

وزارة التربية ترفع أقساط المدارس الخاصة رسمياً

لكن الوزارة أكدت بانها سمحت للمدارس الخاصة برفع أسعارها ضمن نسب محددة، دون تحديد سقف معين للقسط الأساسي قبل الرفع، وأكد مدير التعليم الخاص بوزارة التربية غيث شيكاغي أن «الوزارة سمحت  للمؤسسات بزيادة أسعار الأقساط في الشهر الثامن من عام 2013، ويطبق ذلك على العام الدراسي الحالي، والسبب في ذلك ارتفاع اسعار المحروقات والكهرباء وعدد من أمور أخرى».

ولم تسمح الوزارة برفع الاقساط فقط، بل سمحت أيضاً بزيادة عدد الطلاب في الشعب الدراسية إلى 45 طالب ورياض الأطفال إلى 35.

ونسب الزيادة في الأقساط بحسب شيكاغي هي على الشكل التالي : إذا كان القسط أقل من 10 آلاف فتكون نسبة الزيادة مئة بالمئة، وإذا كان القسط أكثر من 10 آلاف حتى 30 ألف فنسبة الزيادة 75 بالمئة، وإذا كان القسط أكثر من 30 وحتى 60  ألف تكون نسبة الزيادة 50 بالمئة، وإن كان 60 حتى الـ 100 ألف  تكون الزيادة 25 بالمئة، وإن كان القسط يفوق الـ 100 ألف تكون 15 بالمئة».

وعن تفاوت سعر القسط الدراسي بين مدرسة وأخرى لذات المرحلة الدراسية، قال شيكاغي إنه «يتم تصنيف المؤسسات التعليمية الخاصة ضمن 4 مراحل، فمثلاً هناك بعض المؤسسات العريقة والمرخصة قديماً، والتي لا يمكن تطبيق أسعار الأقساط عليها كالمدارس الجديدة» مشيراً إلى أن «تقييم الأقساط قد يخضع لعدة عوامل منها القرطاسية والخدمة التعليمية ونوعية الإنارة والتدفئة وعدد الطلاب في الشعب وغير ذلك».

غياب الرقابة

وحول حدوث مخالفات رغم وجود مندوبين من الوزارة داخل هذه المنشآت الخاص، أكد شيكاغي أنه «هناك بعض المدارس التي تحوي أعداداً قليلة من الطلاب، يكون المشرف عليها موجه تربوي يزورها مرتين في الشهر تقريبا بدلاً عن المدير المشرف الذي من المفترض أن يكون متواجداً فيها بشكل يومي».

وأصدرت وزارة التربية نهاية العام الماضي 2013، بلاغها القاضي بالسماح للمؤسسات التعليمية الخاصة بزيادة أقساطها حتى وصلت نسبة الرفع إلى 115% تقريباً، وذلك «بما يتناسب مع زيادة أجور ورواتب العاملين لديها بعد موافقة مديرية التربية شريطة تقديم كشوف بفروق الرواتب والأجور للعاملين مرفقاً بكشوف أصولية عن المبالغ المدفوعة عنهم لمؤسسة التأمينات الاجتماعية.

ونوهت الوزارة بأنه لم يستفد من هذه التعليمات سوى بعض المؤسسات التعليمية الخاصة والتي تقدمت بالكشوف التي تتناسب مع زيادة أجور العاملين بنسبة زهيدة، في حين أكد طلاب من مدارس مختلفة، بان رفع الأقساط طال جميع المدارس الخاصة تقريباً.

آخر تعديل على الإثنين, 08 أيلول/سبتمبر 2014 12:11