ماذا يفضل السوريون ضبط الأسعار أم زيادة رواتبهم؟
يحاول السوريون إكمال أيام الشهر بأقل الخسائر، حيث أبعد الغلاء والأوضاع المادية الصعبة لمعظم السوريين ريح الشهر الكريم عن يومياتهم. فاقتصرت موائدهم على أقل ما كان يوضع على مائدة رمضان قبل ثلاث سنوات من الأزمة. وحالت الأزمة المستمرة دون قيام السوريين بطقوسهم الخاصة في شهر رمضان.
وحال ما يعيشه السوريون في شهر رمضان ينسحب على باقي شهور السنة، لكن السوريين باتوا يخشون قراراً كان في البداية، مجرد التفكير به يترك ابتسامة عريضة على محيّا السوريين ألا وهو موضوع زيادة الرواتب والمنحة.
موظف معتر
من المفترض أن يكون الموظفون لدى القطاع العام هم الفئة التي يطالها ويصرف لها زيادات الرواتب لكن عدد كبير من هذه الشريحة لم تعد تجد جدوى من صرف زيادة على الرواتب خاصة أن التجار يرفعون أسعارهم قبل أن يقبض الموظف مرتبه.
يقول جمال .ح موظف في وزارة التربية: إن الزيادة على الراتب كانت في البداية أمرٌ جيد لكن مع مرور الأيام وتكرار موضوع الزيادة وجدنا أنه لو تم ضبط الأسواق، والحد من ارتفاع الأسعار ومنع الاحتكار، لكان أفضل من زيادة في الراتب التي ستلحقها زيادة في كل أمورنا الحياتية. ويتابع جمال قبل الأزمة والزيادات كنا نشتري كيلو اللبن ب25 ليرة سورية واليوم يباع كيلو اللبن ب150 ليرة سورية . لذلك لم نستفد من الزيادة بل زاد العبء علينا.
لمى .ع تقول: كنت أتقاضى راتبي وكان هذا الراتب يوصلني لآخر الشهر بشق الأنفس واليوم تضاعف مرتبي لكن مع ذلك لم يعد يكفيني للوصول إلى منتصف الشهر في ظل ارتفاع الأسعار الجنوني الذي نشهده. وتتابع كان أحرى بالمسؤولين في وزارة المالية والاقتصاد ضبط الأسعار كي نستفيد من الزيادات التي يصرفونها لنا.
لا تجد هاجر. س مبرراً للخوف من موضوع الزيادات حيث تقول: عندما تزداد رواتبنا فإن البقال وبائع الخضرة واللحام وبائع الحليب وأجرة السرفيس جميع هذه الأشياء وأمور ثانية سوف يرتفع ثمنها أو سترفع أجرة خدماتها، لذلك أجد أن هذا القلق من ارتفاع الأسعار بعد زيادات الراتب أمر غير مبرر.
موظفو القطاع الخاص له همهم
صدرت قوانين عديدة كي تنصف عمال القطاع الخاص لكن أي من هذه القوانين لم يتبع بخطوات تنفيذية ملموسة أو عقوبات رادعة من قبل الحكومات المتلاحقة بحق أصحاب العمل في القطاع الخاص بشأن إعطاء الموظف لدى القطاع الخاص حقوقه وخاصة الحقوق المادية التي غالبا ما يتجاهلها رب العمل فكم من زيادة رفعت لعمال القطاع العام ولكن موظفي وعمال القطاع الخاص لم تَطَلهُم هذه الزيادة ولم يلحق بهم سوى زيادة الأسعار.
يقول مازن سعيد الذي يعمل في معمل للكونسروة منذ عشر سنوات تابع للقطاع الخاص: نحن نعمل في ظروف عمل صعبة لكننا لا نملك خياراً ثانياً، حيث لا يوجد عمل كثير حالياً. يتابع مازن بالنسبة للأجور نحن العاملين في القطاع الخاص لا نحصل على أي زيادة رواتب رغم الزيادات التي لحقت بالقطاع العام ويضيف مازن نحن نفضل أن تحافظ الحكومات على الأسعار والبضائع في وضع مستقر على أن نتلقى أي زيادة رغم أن عمال القطاع الخاص لم يتلقوا أي زيادة على الراتب.
رولا أحمد عاملة في شركة خدمات منذ ست سنوات تقول: إن أصحاب العمل يتحكمون بأجورنا وساعات العمل وذلك لأن أصحاب العمل لا يلتزمون بالقوانين الناظمة للقطاع الخاص وخاصة موضوع الرواتب حيث لم نتلقَ زيادات على رواتبنا كالزيادات التي حصل عليها عمال القطاع العام، وعندما كنا نطالب أصحاب العمل بالزيادة كان المسئولين عن العمل يقولون لنا: بأن الأشخاص الذين لا يعجبهم العمل لدينا ليتركوا العمل ويرحلوا.
المواطن لا يتلقى سوى الضربات
حال المواطن العادي المتعب لم يعد يخفى على أحد. وخاصة بعد أن أصبح معظم السوريين نازحين ولاجئين ومهجرين يتكلون على المساعدات رغم قلتها، حيث يوجد شريحة باتت منذ سنوات خارج حسابات الحكومات المتلاحقة في سورية وهم الأشخاص أصحاب المهن الحرة والحرف. كالخياط والدهان والبلاط والنجار وغيرهم من أصحاب المهن الذين توقفت أعمالهم مع بداية الأزمة قبل ثلاث سنوات ومازالت معاناتهم مستمرة.
يقول غازي.ع: أنا كنت اعمل بلاط ولكن الأزمة أثرت كثيرا على العمل الذي كنت أعيش منه. في بداية الأزمة ازدهر موضوع البناء في دمشق وريفها، لكن بعد سنة من الأزمة تراجع العمل وفقدت الدخل الذي كان يؤمنه عملي، كما أنني نزحت عن بلدتي وفقدت منزلي ، وصرت اعتمد على المساعدات والمعونات التي تأتينا. ومنذ فترة قليلة عدت إلى ممارسة عملي وأي زيادة جديدة على رواتب الموظفين سوف تشكل ضربة لنا لان الأسعار بالوقت الحالي هي مرتفعة جداً. وتابع غازي إذا كنا نريد البقاء والصمود في ظل زيادة رواتب جديدة فعلينا أيضا أن نرفع من سعر الأجر الذي نتلقاه مقابل خدماتنا.
أم أحمد بائعة خضار تقول: نحن نبيع الخضار وفق سعر السوق الذي يرتفع وينخفض حسب سعر الدولار وكذلك حسب رواتب الموظفين الذين يعتبرون من أفضل الزبائن كونهم يملكون دخلاً ثابتاً وبالتالي زبائن ملتزمين بالدفع. وعن تأثير زيادة الرواتب على الأسعار تقول أم أحمد: هم يرفعون الرواتب ونحن سنرفع أسعارنا.
خطوات حكومية
اتخذت حكومة تسيير الأعمال الحالية قرارات رفعت من خلالها وزارة التجارة الداخلية السورية، أسعار مبيع السكر الأبيض والأرز وفق البطاقات التموينية، إلى 50 ليرة سورية للكيلوغرام. وكان سعر كيلو السكر والأرز قبل عملية الرفع الأخيرة 25 ليرة سورية.
ويأتي هذا القرار عقب يوم من تحديد سعر ربطة الخبز بـ25 ليرة، بعدما كانت بـ15 ليرة، وسعر الكيلو 15 ليرة بعدما كان بـ9 ليرات، أي بنسبة ارتفاع تصل إلى 67%.