في مدينة السلمية وباء في المدينة بعد انقطاع الماء والكهرباء
نزار عادلة نزار عادلة

في مدينة السلمية وباء في المدينة بعد انقطاع الماء والكهرباء

منذ عام 1957 ومنطقة السلمية تعاني من عجز مائي ليس للزارعة التي ضربت في الصميم وإنما في مياه الشرب أيضاً و ابتدأ تقنين المياه منذ ذلك التاريخ، في السبعينيات  ثم استجرار مياه الشرب من نبع الهرمل في جبال لبنان الشرقية، وشرب سكان المدينة مياهاً نظيفة رغم التقنين الذي يستمر ستة أيام في الأسبوع.

في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي  قدمت عشرات الدراسات إلى وزارة الري ورئاسة الوزراء من أعضاء في مجلس الشعب لاستجرار المياه من سد الفرات إلى السلمية للزراعة وللشرب وبكلفة قدرت آنذاك بمائة مليون دولار ورفضت جميع هذه الدراسات دون تبيان الأسباب ودون دراسة الجدوى الاقتصادية. في التسعينات من القرن الماضي بدأ انقطاع المياه عن المدينة لأسبوع أو أكثر وعلم آنذاك بأن بعض الملاك الكبار المتنفذين وأصحاب المزارع الخاصة باتوا يستجرون حاجة مزارعهم من القساطل التي تمر بالفرات من مزارعهم إلى السلمية واستمر هذا المسلسل لسنوات ولم يحرك أحداً ساكناً في العام 2007 استفاق سكان المدينة في شهر أيار تحديداً على آليات تحفر الشوارع وعندما سألنا العمال قالوا أننا نعمل مع المتعهد لاستبدال شبكة المياه لأن المياه ملوثة من المجارير لم يهتم أحد بهذه القصة وكان المتعهد يقطع المياه عن البيوت السكنية لمدة عشرة أيام وبعد أن يدفع المواطن ما يترتب عليه من رسوم وفواتير كانت المياه تمدد لبيته ، عشرة أيام بقيت أحياء بكاملها دون مياه ودون إنذار وتنبيه لأخذ الحيطة.

مددت شبكة بلاستيكية بدلاً من شبكة الحديد التي كانت موجودة. تركت الحفر والأتربة في الشوارع ولم تكن الوصلات إلى البيوت نظامية.

وتساءلنا آنذاك: كيف يعطى هذا المشروع لمتعهد ولماذا لا يعطى إلى شركات إنشائية متخصصة في هذا المجال و لها فروع في المحافظات؟ ولم نلق جواباً. تفاجأ سكان المدينة في أواخر أيار من العام 2007 بأكثر من 600 إصابة بالتهاب الكبد اليرقاني شملت هذه الإصابات أطفالا ونساء وشباباً وكهولاً وطلاباً تعطلوا عن امتحاناتهم الثانوية والجامعية شكلت لجان واستمت أشهراً تجتمع  وتدرس ولكن من أصيب أصيب!!!

فساد وعدم شعور بالمسؤولية واستهانة بكرامة الإنسان وابسط حقوقه، كان آنذاك مدير وحدة المياه سلميه يقول: «ليس لنا علاقة بما جرى والجهات الصحية تحدد سبب انتشار الوباء الذي انتشر في المدينة نحن قمنا باستبدال الشبكة الفرعية وتم تمديد خطوط جديدة بطول 80 ك.م لأن عمر الشبكة أكثر من 25 عاماً وهذا إجراء طبيعي».

وحول شرب مياه المجارير قال مدير الوحدة: «نعم يوجد تسرب في عدة أماكن وتم علاجها» وحول أسباب الوباء قال: «قد تكون من الصهاريج التي كانت تنقل المياه للمنازل وقد يكون من المجارير» أحد الأطباء قال: «وزارة الصحة ليست معنيه ولا أحد يحاسب أحداً وليس لأحد سلطة على أحد» وانتهت القضية وقيدت ضد مجهول.

واستمر مسلسل تقنين مياه الشرب عن المدينة لمدة ستة أيام في الأسبوع وتعايش المواطن مع هذا التقنين المجحف والكارثة أن مسلسل الانقطاع الكلي للمياه بدأ منذ عام 2013 لأسابيع عديدة تحت دعاوى تقول« اعتداء على الشبكة من قبل مسلحين » إلى «تلوث المياه بسبب أوبئة وجراثيم » شح المياه وانقطاعها من نبع الهرمل إلى إصابة المحطات بقذائف هاون وانتشرت في المدينة صهاريج تبيع المياه للمنازل دون معرفة مصادر هذه المياه وتحمل المواطن أعباء مادية كبيرة في هذه الظروف الصعبة وتفاقم الوضع المأساوي مع الأول من حزيران 2014 وحتى الآن في نهاية حزيران مازالت السلمية بلا مياه. أمّنَ الهلال الأحمر خزانات في بعض الأحياء لمياه الشرب وتعبئ من قبل ناقلات تتبع الهلال الأحمر وتحتشد أمام هذه المناهل والخزانات آلاف النسوة بعبوات صغيرة لتعبئة مياه للشرب إلى مدينة تضم الآن أكثر من 400 ألف إنسان بين وافد من مناطق ساخنة ومقيم ولا تعرف مصادر هذه المياه نقول ذلك لأن أمراضاً عديدة انتشرت بين المواطنين «اسهالات، التهاب كبد، بثور على الوجه والفم» وقد تكون هذه الإصابات ليست بسبب تلوث المياه وإنما بسبب عدم وجود مياه النظيفة لمدة أكثر من شهر وعلم بأن مؤسسة الإغاثات رفعت دراسة للجهات المسؤولة لإقامة آبار بحرية واستيراد محطات تصفية على نفقتها ورفض المشروع تداعى سكان المدينة في 20 حزيران الماضي لاعتصام في ساحة المدينة يطالبون ليس بالحرية والإصلاح والتطوير وإنما بمياه للمدينة أو قبل بدء الاعتصام بيوم واحد فض الاعتصام بعد إعلام سكان المدينة بأن المياه سوف تصل إلى المدينة غداً بعد أن تم تنظيف الأنابيب من التلوث ولكن لمدة يومين لا تصلح للشرب وقد أذيع هذا البيان الهام بمساجد المدينة بمكبرات الصوت وبعد عشرة أيام من هذا البيان لم تصل المياه. إصابات عديدة بسبب المياه بدأت بوادر هجرة من المدينة بعد أن كانت الهجرة إليها بسبب الأمان لا حلول حتى الآن، حلم سكان المدينة أن يصل التقنين إلى عشرة أيام. شاحنات تجوب المدينة وتستنزف المواطن مادياً وإذا كانت الحصة المائية للأفراد في الدول العربية قد تراجعت في السنوات الماضية إلى النصف بسبب انخفاض هطل الأمطار وارتفاع معدلات الزيادة السكانية فإن حصة المواطن في السلمية قد انقطعت نهائياً ووصلت إلى ما دون الصفر ولهذا عواقب خطيرة لا أحد يعلم نتائجها. أقبل مدير وحدة مياه السلمية في العاشر من تموز الحالي، وقال المدير الجديد إن المياه سوف تعود إلى البلدة قريباً ولا ندري حتى الآن لماذا قطعت المياه لأكثر من شهر ونصف دون معرفة الحقيقة.

والكهرباء ايضاً

رافق انقطاع المياه انقطاع التيار الكهربائي لمدة 20 ساعة يومياُ عن المدينة وتعيش البلدية في ظلام وأمس منذ أكثر من شهر وقد رافق ذلك توقف صهاريج المياه عن العمل لأن استجرار المياه من الآبار يتم بالتيار الكهربائي .

وصل سعر برميل المياه إلى 200 ل.س هذا إذا وجد وإذا استمر الوضع هكذا لبضعة ايام سوف يصل إلى 1000 ل.س.

رغم الأزمة المعيشية العائلية قام أكثر سكان المنطقة بحفر آبار ارتوازية في بيوتهم بكلفة كبيرة وبأعماق وصلت إلى 100م.