الحسكة.. ما السر خلف انقطاع «شبكة الاتصالات»!
مرت نحو ثلاثة أشهر متواصلة على غياب الاتصالات الخليوية والثابتة عن الحسكة، دون أدنى نوع من الملل في انتظارها والسؤال عن عودتها بين سكان المحافظة، فاستمرار الحياة وشؤون الناس يرتبط بهذه الشبكة التي ربطت الحكومة السورية كثيراً من معاملات السكان الأساسية بعودتها دون أن تعمل بشكل جدي على إعادتها.
ومنذ الأيام الأولى للأزمة السورية، بدأت شبكة الهاتف الخليوي والاتصالات الثابتة القطرية والدولية تتموج، قبل أن تنقطع بشكل تام منذ أكثر من عام ونصف عن كافة مدن وبلدات المحافظة، بالتزامن مع الحديث عن استهداف كابلات ضوئية وعقد اتصالات وأمور فنية أخرى تبرر انقطاع الاتصالات.
الانقطاع والتبرير الغائب
لكن عودة الشبكة لأيام محددة في أول كل شهر، يتم خلالها إنجاز المعاملات الحكومية الرئيسية، ولاسيما التحويلات البنكية المرتبطة بالرواتب والأجور، قبل أن تنقطع مجدداً، تثير التساؤل عن مدى صحة ارتباط انقطاع الشبكة بأعطال فنية ناجمة عن استهدافها على خلفية الأزمة السورية وتداعياتها.
ورغم هذا الواقع، اعتاد سكان المحافظة الواسعة والعدد الكبير من النازحين إليها، على انتظار بداية كل شهر لإنجاز المعاملات الضرورية، واستلام رواتبهم، وإجراء المكالمات الضرورية، لكن الانقطاع الأخير المستمر منذ ثلاثة شهور، بات يؤرق السكان، ويؤجل متابعة الحياة التي اكتشفوا أنها ترتبط بالاتصالات الخليوية والثابتة بشكل أكبر من المتوقع.
«غير محكوم» بانتظار الشبكة
وترتبط خدمات البنوك، العامة والخاصة، بعودة الاتصالات، وهو أمر يعني أن مصرف مثل المصرف التجاري السوري، الذي ترتبط غالبية معاملات المواطنين به، يتوقف عن العمل بانتظار عودة الاتصالات، بما يعنيه ذلك من توقف شبه كامل للحياة في شقها الرسمي الحكومي.
فقد كشف غياب الاتصالات، مدى اعتماد مؤسسات القطاع العام على الربط الشبكي مع وزارات ومديريات دمشق الرئيسية، وبدون شبكة اتصال، لا يمكنك اليوم استخراج جواز سفر، ولا أي نوع من التحويلات المالية عبر البنوك، ولا أي معاملة تقاعد، ولا اشتراك بهاتف أرضي، وينطبق ذلك على أغلب الخدمات التي تقدمها المؤسسات والشركات في المحافظة، ويمكن معرفة حجم المشكلة التي يواجهها السكان عند الإشارة إلى أن وثيقة «غير محكوم» الشهيرة ترتبط بعودة الشبكة، وهي وثيقة مطلوبة في أغلب المعاملات الرسمية.
ترك الساحة للشبكة التركية!
ويطرح انقطاع الاتصالات عن المحافظة، وغياب أي حديث رسمي عن أسبابه، وإمكانية إعادته، مشكلة الاعتماد على الاتصالات التركية التي تغطي شبكاتها الخليوية المدن والبلدات الشمالية للمحافظة، التي نشأت فيها أسواق اتصالات نظامية تبيع خطوط الاتصال والإنترنت وباقي الخدمات الأخرى المرتبطة. وما هي الحكمة الأمنية في ترك محافظة كاملة تعتمد على شبكة اتصال لدولة أخرى خارجة عن إمكانية المراقبة.
وفي ظل هذا الواقع، تأتي الإعلانات الأخيرة للشركة السورية للاتصالات حول تخفيضات على المكالمات القطرية خلال شهر رمضان، وتركيب 200 ألف بوابة إنترنت جديدة، لتزيد الاستغراب عن تجاهل الشركة ومن خلفها الوزارة والحكومة ككل عن الحديث حول واقع الاتصالات في محافظة الحسكة.
الحكومة ومعاييرها
ويزداد هذا الاستغراب، عند معرفة أن الاتصالات بكافة أنواعها موجودة في محافظات ساخنة مثل حلب ودير الزور والرقة، التي لا يمكن مقارنتها بمحافظة الحسكة المصنفة في معايير الحكومة كـ«محافظة آمنة»، حيث تسيطر الدولة على غالبية مدنها وبلداتها، باستثناء بعض المناطق الريفية النائية التي هجرها سكانها واستقروا في مدينتي الحسكة والقامشلي، كما أن المواجهات العسكرية القليلة التي وقعت خلال سنوات الأزمة لا تقارن من حيث الشدة بما جرى في باقي المناطق الأخرى.