انقطاع الكهرباء ...التقنين «العشوائي والطبقي» يتفاقم .. الكهرباء: التقنين يطبق حتى على الوزير!
مشكلة تقنين الكهرباء العشوائية مازالت متفاقمة، ووصلت حد تغيير موعد التقنين ومدته يومياً في بعض المناطق، وقد تختلف مدة التقنين من حي إلى حي في المنطقة الواحدة بطريقة وصفها مواطنون بـ»المزعجة»، ويتزامن ذلك بتصريحات شبه دورية لوزارة الكهرباء السورية بأن التقنين الطويل «مشكلة مؤقتة»، أو أن الوزارة تبحث سبل تخفيض ساعات التقنية بشكل «جدي».
ويزداد التقنين «عشوائية» في المناطق المحيطة بدمشق، وقد تتراوح مدة الانقطاع بين 12 و16 ساعة يومياً، مثل مدينة صحنايا التي تعج بالعائلات النازحة، بينما يتراوح التقنين العشوائي في دمشق مابين 6 و8 ساعات يومياً، ورغم هذه الإحصائية التي اعتمدت على متوسطات الأرقام التي تقدم بها مشتكون في هذه المناطق، إلا أنهم أكدوا في الوقت ذاته على ان «التقنين غير منضبط بشكل يومي، فقد تختلف مدته وساعاته بين يوم وآخر، دون تبرير».
مناطق لاتتأثر
حتى بـ «الاعتداءات»!
وتعلل وزارة الكهرباء السورية بأن التقنين العشوائي مرده للاعتداءات على محطات التوليد وخطوط الغاز المتكررة، في حين يؤكد مواطنون انتظام هذا التقنين ولو طالت مدته في مناطق معينة ضمن برنامج واضح كما هو الحال في مدينة جرمانا بريف دمشق، بينما يؤكد آخرون بان التقنين غير موجود نهائياً، ولو حدثت أي اعتداءات، في مناطق معروفة بسكانها من ذوي الطبقة الميسورة كمنطقة المزة فيلات غربية، ومناطق أخرى قد تشهد ساعة واحدة او ساعتين من التقنين كمنطقة الشعلان وأبو رمانة.
ورغم الوعود والتصريحات «الرنانة» من وزارة الكهرباء، إلا أن الواقع يقول غير ذلك، وقد أكد وزير الكهرباء عماد خميس مؤخراً أن «المشكلة الرئيسية لاستمرار انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة نسبيا سببها نقص مادة الغاز اللازمة لتشغيل بعض محطات توليد الطاقة الكهربائية نتيجة الاعتداءات الإرهابية الأخيرة على أنابيب الغاز في عدد من المناطق».
لكن، مدير التشغيل في المؤسسة العامة لتوزيع الكهرباء المهندس أكرم الخطيب قال عبر حديث إذاعي إن المنطقة الجنوبية تعتمد على الفيول مؤخراً على اعتبار أن خط الغاز العربي متوقف حالياً، مشيراً إلى أن تأمين الفيول صعب جداً، وهو لايغطي أكثر من 30% من احتياجات المحافظات.
سورية تستهلك
من مخزون الفيول الاستراتيجي
وكشف الخطيب، بأن سورية بدأت باستخدام مخزونها الاستراتيجي الاحتياطي من الفيول نتيجة صعوبة تأمينه، مشيراً إلى أن «تأمين الفيول يتم عبر الصهاريج فقط، وهي غير كافية لتشغيل المحطات بشكل مستمر كون سعتها ليست كبيرة مايكفي.
وبرر الخطيب، عدم انقطاع التيار الكهربائي في بعض المناطق، أن العاصمة دمشق تحتوي أماكن حساسة وذات أهمية كوجود السفارات في بعض مناطق العاصمة، والتي لايمكن قطع التيار الكهربائي عنها، في حين لم يفسر قلة ساعات التقنين في مناطق أخرى مقارنة بغيرها رغم ما تحدث عنه من صعوبات بتأمين الفيول والغاز.
وبناءً على ماتقدم به، يتبين أن جزءاً مهماً من الفيول «الشحيح» وصعب التأمين يذهب بنسبة كبيرة إلى المناطق التي لا تشهد تقنيناً أو تقنيناً قليلاً، رغم أنه أكد بان «حتى منزل وزير الكهرباء الشخصي، يشهد تقنيناً كباقي المواطنين، ولايوجد تمييز بين المناطق او المواطنين».
وزير الكهرباء عماد خميس أكد مراراً أن «الحكومة تبذل جهودا استثنائية لتأمين موارد نفطية بديلة لتشغيل محطات التوليد» مالم تلمسه دمشق أو غيرها حتى الآن، وما أكده الخطيب بحديثه أن «تأمين الفيول صعب جداً لكون نقله يعتمد على الصهاريج فقط» مشيراً إلى مخاطر نقله من مكان لآخر، ماقد يشير إلى استمرار مشكلة التقنين وصعوبة حلها في المستقبل القريب.
عيوب الشبكة
وجداول غير موجودة
وكشفت الأزمة الحالية التي تمر بها سورية عيوب وضعف الشبكة الكهربائية بعيداً عن الإعتداءات من الجماعات المسلحة، فمع بدء فصل الشتاء الماضي ازداد التقنين للتيار الكهربائي بشكل ملحوظ شغل بال غالبية المواطنين، حيث وصل في بعض المناطق إلى 6 ساعات متواصلة، ورغم دخول فصل الصيف الحالي الذي يقل فيه الاعتماد على الوقود نوعاً ما، إلا أن التقنين مازال موجوداً بذات العشوائية وقد تفاقم بعض الأحيان.
الخطيب أكد بأن الموقع الرسمي لوزارة الكهرباء يتضمن جداول واضحة للتقنين ان لم يحدث أي طارئ، بينما كان مدير كهرباء دمشق قد أكد في تصريحات صحفية سابقة، أنه «يوجد لدى المديرية جداول محددة لساعات التقنين، إلا أن تعدي المجموعات المسلحة على خطوط الكهرباء فجأة وبشكل متكرر، يحول دون تعميم هذه الجداول».
وبعد البحث، تبين أن وزارة الكهرباء وشركاتها، لم تعمم هذا العام أي جداول توضح ساعات التقنين كما كان معتمداً قبل الأزمة، وعلى هذا علق المشتكون إن «وزارة الكهرباء لم تكن تلتزم بالجداول حتى قبل الأزمة، وعدم إصدار جداول واضحة في الأزمة يوضح التوزيع الطبقي للكهرباء».
ورش محدودة
وفي حديث سابق مع أحد مهندسي الكهرباء لقاسيون، أكد أنه «هناك شبكات كهربائية في سورية قديمة ومهترئة وفاقدة لخواصها الفيزيائية، وكانت هناك مشاريع قائمة قبل الأزمة لإعادة تأهيلها، إلا أن الوضع الأمني ساهم في عرقلتها وتوقفها» مشيراً إلى «وجود كبلات رئيسية استهدفت في الأزمة الحالية وليست هناك قدرات لإعادتها إلى الخدمة كون إصلاحها مرتبطاً بنقاط البداية والنهاية، وهي غالباً ما تكون في أماكن متوترة حالياً كالخط المغذي لمنطقة الميدان».
وأوضح أن «سورية شهدت خلال السنوات الـ10 الماضية قفزة ملحوظة في الطلب على الكهرباء، وذلك مع اعتماد المواطنين بشكل شبه أساسي على التدفئة الكهربائية، وكان من المفترض أن تضع الحكومة ضمن استراتيجياتها وسائل وخطط لزيادة إنتاج الكهرباء عن طريق زيادة محطات التوليد والتحويل وتأهيل الشبكات والكوادر المناسبة لمراقبة السرقات وضبطها».
وتابع إن «وزارة الكهرباء وشركاتها لا تملك سوى ورش محدودة الإمكانيات للقيام ببعض أعمال الصيانة المحدودة، في حين تعتمد في أمور ضخمة أخرى على مناقصات مع متعهدين مختصين».