محافظة الحسكة... معارك «غير مفهومة»!

محافظة الحسكة... معارك «غير مفهومة»!

تعيش محافظة الحسكة بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على الأزمة السورية التي تشهدها البلاد في دوامة خاصة بها، تختلف عن واقع الحال في باقي محافظات البلاد، ويمكن وضعها تحت عنوان الاستقرار واللااستقرار في آن واحد.

ويعكس العدد الكبير للنازحين السوريين، الذين لجؤوا إلى المحافظة واستقروا بها قادمين من حلب ودير الزور وحمص والرقة، الوضع الآمن الذي تعيشه، في وقت تعطي أعداد الهجرة الكبيرة لسكان المحافظة الأصليين نحو دول الخارج صورة مغايرة تعكس قلقاً وخوفاً من القادم.

وعلى أرض الواقع، فإن التأثير الاقتصادي السلبي والوضع المعيشي الصعب للسكان مع الارتفاع الجنوني للأسعار، والغياب الكامل لشبكة الهاتف النقال، وانقطاع الكهرباء لنحو 20 ساعة يومياً، إضافة لباقي الخدمات الأساسية، هي أبرز تأثيرات الأزمة السورية في المحافظة، التي تصنف كمحافظة آمنة عسكرياً.

الاستقرار والمعارك المجانية

رغم العمليات العسكرية العنيفة التي شهدتها بعض المناطق في المحافظة خلال السنوات الثلاث الماضية، إلا أنها تبدو في حالة استقرار نسبية مقارنة بما آلت إليه الأوضاع في باقي مناطق البلاد، فمعظم مدن وبلدات المحافظة تحت سيطرة الدولة، باستثناء بعض المناطق المحدودة في الريف.

وبشكل عام، تنعم المدن الرئيسية الكبرى في المحافظة باستقرار نسبي يعكره صراع مجاني- إن صح التعبير- بين فصائل وقوى مسلحة يفترض أنها في الصف الرافض للعنف والتدخل الخارجي، ما يزيد الضغط على السكان المحليين الذين وضعوا قرار الهجرة كأحد خياراتهم الرئيسية.

وكانت مدينة الحسكة مؤخراً ساحة مواجهات عنيفة بين بعض الفصائل واللجان والقوى المسلحة، وتحديداً بين «الدفاع الوطني» و«الحماية الشعبية» أودت بحياة عدد من المدنيين الأبرياء، إضافة لخسائر بشرية بين تلك القوى، قبل أن يتم الصلح كما جرت العادة.

وتلك المواجهات، باتت أمراً معتاداً لدى السكان، حيث لا يمر شهر دون تسجيل معركة هنا، أو سوء تفاهم بين شخصين يتطور لاقتتال بين تلك الفصائل، ويتسبب في مقتل الأبرياء.

تواتر غير عفوي

يتعدى تأثير أي مواجهة مسلحة بين الفصائل والقوى السياسية المسلحة الموجودة على أرض الواقع في المحافظة، على أمن السكان، ويمتد ليعطل كثيراً من مناحي الحياة الرئيسية التي تهدد اقتصاد المحافظة وواقعها التعليمي.

فدورية هذه المواجهات تتصادف في الغالب مع بدء موسم حصاد القمح والشعير الاستراتيجيين، أو مع انطلاق الامتحانات العامة لطلاب المدارس والجامعات، أو مع بدء موسم الصيف واستعداد المغتربين لزيارة ذويهم. وهو ما يطرح تساؤلاً عن عفوية هذه المواجهات أم ارتباطها ببرنامج معين؟

قلق من المستقبل

يتوجس أبناء المحافظة خوفاً من المواجهات المسلحة بين هذه الفصائل المتواجدة في المدن، وتتوزع فيها السيطرة والنفوذ، ويعزز من هذه المخاوف التركيبة «الطائفية والعرقية» لهذه الفصائل التي تتحكم بها الإشاعات ووسائل الإعلام بشكل كبير.

ولا يوجد جهود حكومية ملموسة لحد الآن لتغيير تركيبة هذه الفصائل نحو اصطفاف وطني يجعلها في صف واحد سيغير حال حدوثه الكثير من الواقع الأمني والاقتصادي للمحافظة، ولا يبدو أن ذلك أمر صعب بين قوى تتفق على رفض العنف والتدخل الخارجي.