مجانين عامودا  وفتاوى «اللحيدان»!!
حمدالله إبراهيم حمدالله إبراهيم

مجانين عامودا وفتاوى «اللحيدان»!!

عندما قرأت الفتاوى التي أطلقها الشيخ صالح اللحيدان ضد سورية أصبت بالذهول والدهشة، وازدادت صدمتي عندما قرأت بأن الشيخ صالح اللحيدان هذا، هو الرئيس السابق لمجلس القضاء الأعلى في السعودية وهو عضو هيئة كبار العلماء.

مباشرة تذكرت الفتاوى التي أطلقها معلمه الشيخ الباز عندما كان مفتي عام للمملكة السعودية قبل ربع قرن، ويمكن إيجاز تلك الفتاوى بما يلي:

1- كل من يقول إن الأرض كروية أهدر دمه.

2- كل من يقول إن الأرض تدور حول الشمس أهدر دمه.

3- كل من لا يقول إن الشمس تدور حول الأرض أهدر دمه.

كنت في تلك الفترة مدرساً لمادة الجغرافيا، وكان طلابي يعلقون على تلك الفتاوى قائلين لي: «دمك يا أستاذنا مهدور ثلاث مرات».

وفي تلك الفترة كان هناك بعض الساسة من الدول الاستعمارية يؤكدون بأن هناك دولاً متخلفة في العالم يجب إعادة الاستعمار أو الوصاية أو الانتداب عليها لمساعدتها في تجاوز تخلفها.

ولعل ابن الباز يقدم أكبر دليل على تخلف عدد من الدول العربية نتيجة هذه الفتاوى ومثيلاتها المتعددة.

بعد مرور أكثر من ربع قرن على فتاوى الباز، يطلق تلميذه الشيخ صالح اللحيدان سلسلة فتاوى تخص سورية، وتؤكد جميعها بأن سورية دولة كافرة، ودولة فاسقة وووو... الخ.. وأن الثورة على هذه الدولة فرض عين، أي الكل يجب أن يشارك فيها، كما يجب استخدام العنف ضد نظامها مهما كان الثمن، وأنه يجوز قتل ثلث سكانها المنتمين إلى طوائف محددة ليسعد الثلثان الآخران. ولا ينسى أخيراً أن يدعو السوريين إلى قتال أبناء جلدتهم وتحويل الحراك الشعبي والاحتجاجات إلى ثورة مسلحة، أي دفع الناس في سورية إلى الموت الأسود عبر تحريك القوى المتطرفة من مسلحين ومرتبطين وتكفيريين لقتل نحو عشر ةملايين مواطن سوري..

لا أعرف لماذا ذكرني هذا العدد بعدد من أبطال السوفيت الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل وطنهم الاتحاد السوفيتي ضد ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية.

لست من علماء الدين وليس اختصاصي الفقه الإسلامي، ولكن أعلم جيداً بان الإسلام الحقيقي بعيد كل البعد عن هذه الفتاوى، حيث جاء في القرآن الكريم (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين).. وفي آية أخرى (لقد كرمنا بني آدم)، وفي حديث نبوي شريف أوجز الرسول عليه السلام الإسلام بكلمة واحدة عندما قال: (الدين معاملة).. وأعلم جيداً أن الإسلام كان مثالاً رائعاً في التسامح والمحبة والخير.

كان الأجدر بك يا شيخ صالح اللحيدان أن تطلق بعض الفتاوى تدعو فيها المسلمين إلى قتال الجيش الأمريكي الذي يحتل أفغانستان والعراق، والذي قتل حوالي مليون عراقي وشرد أكثر من مليون.

كان الأجدر بك أن تطلق فتاوى لقتال الإسرائيليين الذين يقتلون الفلسطينيين يومياً وما زالوا يحتلون جزءاً من سورية ولبنان.

كان الأجدر بك أن تطلق بعض الفتاوى بعدم دخول الجيش السعودي إلى البحرين لأن المشاكل في البحرين قضية داخلية.

في عامودا وفي إحدى المظاهرات تم ترديد بعض الشعارات التي لا تليق بمدينة عامودا ولا بأهلها، وعلى الفور اجتمع أكثر من 138 شخصاً يمثلون الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية والحركة الشبابية، والجميع استنكر تلك الشعارات وأكدوا بان الحراك جماهيري وسلمي ومطالبه إصلاحية.

علماً أن سكان عامودا مكونون من أكراد وعرب ومعظم الطوائف الإسلامية والمسيحية واليزيدية. وهم في محصلتهم جزء من الشعب السوري.. فهل هذا الشعب يستحق الموت الأسود الذي تدعو إليه أيها الشيخ صالح اللحيدان الفاضل؟.

عندما كنا نناقش مع بعضنا الأوضاع في وطننا سورية تحدثت عن فتاوى هذا الشيخ فسأل أحدهم: «هل هذا الشيخ من مجانين عامودا؟».. أجبته جازماً: استغفر الله.. إن هذا الشيخ هو زعيم النازيين الجدد في العالم.