قرار دعم أربع مواد إضافية.. حبر على ورق

قرار دعم أربع مواد إضافية.. حبر على ورق

بررت المؤسسة العامة الاستهلاكية في دمشق التأخر في توزيع مادة الرز على المواطنين بموجب القسائم التموينية بـ«قلة الطلب على المادة، فضلاً عن قلة توفرها»، في الوقت الذي غابت  فيه هذه المادة عن صالات الاستهلاكية في دمشق لمدة 11 شهراً..

دعم السكر والرز بالأرقام وسحبه من متناول الأيدي 

 

وعلى الرغم من انقطاع توزيع مادة الرز بشكل شبه كامل عن مدينة دمشق، أعلنت فروع المؤسسة العامة الاستهلاكية في عدة محافظات عن عمليات توزيع هذه المادة، ما يثير التساؤلات حول، كيفية توفرها في مناطق وانقطاعها عن مناطق أخرى، باعتبار المادة مستوردة من قبل المؤسسة العامة للتجارة الخارجية ويتم تسليمها للمؤسسة العامة الاستهلاكية ككل...

 

مواطنون: لم نستلم الرز

منذ سنة تقريباً

وتلقت جريدة (قاسيون) العديد من الشكاوى من بعض المواطنين في مدينة دمشق، حول مادة الرز التمويني.

وقالت فدوى 51 عاماً، أم لأربعة أولاد، «أنتظر يومياً أن أقرأ على الشريط الإخباري، ما يدل على بدء توزيع مادة الرز التمويني، لكن ذلك لم يحدث»، لافتة إلى أنها لا تتوانى بالذهاب إلى صالة مؤسسة الاستهلاكية في منطقة سكنها في أسد الدين بدمشق، للسؤال عن توفر الرز وتوزيعه، لكن الجواب يكون بعدم استلامهم أي كميات منذ شهور عديدة.

ومن جانبها بينت سناء ربة منزل وأم لولدين، «مضت فترة طويلة منذ استلمنا مادة الرز على البطاقة التموينية، حتى عندما أعلنوا عن توزيعه عوضاً عن البرغل، لم نستلم شيئاً».

وتابعت سناء «أذكر أننا استلمنا الرز في أواخر العام الماضي، ومنذ ذلك الوقت، لم يعد متوفراً في صالات المؤسسة، لكننا سمعنا من بعض الناس أنه تم توزيع كميات منه في مناطق الريف».

 

قلة في العروض.. 

بالمقابل، تبين الأرقام التي تعلن فروع الاستهلاكية عن توزيعها من مادة الرز، النقص الكبير في الكميات المؤمنة منها، وخاصة إذا ما قورنت بمادة السكر، فالكميات المقررة للشخص الواحد من الرز، تساوي نصف الكمية المخصصة له من السكر، حتى تكون الكميات تصل للجميع بالتساوي، إلا أنه وبمتابعة الأرقام الصادرة عن استهلاكية حماة على سبيل المثال، تبدو قلة مخازين المؤسسة واضحة من مادة الرز، حيث لا يتجاوز مخزون الفرع من الرز 200طن، بينما هناك حوالي 5 آلاف طن من السكر.

ومن جانبها المؤسسة العامة الاستهلاكية في دمشق، لم تنف قلة توزيع مادة الرز، مبررة ذلك بقلة الطلب على المادة، فضلاً عن قلة الكميات المتوفرة منها، لافتة إلى أنه خلال العام الحالي، تم توزيع كميات قليلة من الرز، حيث لم تكف الكميات ليتم التوزيع في كافة الصالات.

وعن تقديراتها لاحتياجات مدينة دمشق من مادتي السكر والرز التمويني، بينت المؤسسة إنها تقدر حاجة مدينة دمشق من السكر بحوالي 5آلاف و400 طن كل ثلاثة أشهر، بينما تقدر الحاجة من مادة الرز بحوالي 2700 طن، أي تقريباً نصف كمية السكر.

 

وفقدان باقي المواد

وفي سياق متصل، تشير الإجراءات المتخذة من قبل وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك مؤخراً، عبر تبديل المادة المفترض توزيعها بواسطة القسائم من برغل وشاي، إلى سكر ورز، بوجود خلل ما في تأمين تلك المادتين، إذ لم يتم توزيع أي كميات من البرغل والشاي عبر القسائم التموينية منذ أن تم إدراجهما في نظام الدعم أو التقنين، منذ أكثر من عام، إضافة لعدم توزيع أي كميات من السمنة والزيت النباتي على الأسر بموجب دفتر العائلة كما كان مقرراً.

 

وبالرغم من تصريح وزير التجارة الداخلية السابق سمير قاضي أمين، بعدم إمكانية توزيع مادتي البرغل والشاي عبر القسائم  التموينية لعدم كفاية المخازين منهماـ إلا أن الحكومة لم تتخذ إجراء مسايراً للواقع بإلغاء القرار، أو تعديل محتوياته على سبيل المثال، فضلاً عن أن مصير السمنة والزيت النباتي لم يتم التطرق إليه في أي مناسبة، بل تم إغفاله كلياً..

وبحسب أمين تقدر الحاجة من مادة البرغل بحوالي 160 الف طن، بينما لا تزيد الكميات المتاحة عن 60 ألف طن كما  قامت وزارة التجارة الداخلية في وقت سابق، بالإعلان عن توزيع مادتي السكر والرز عوضاً عن مادتي البرغل والشاي.

وصدر في تموز 2013 قرار قضى ببيع مادتي الشاي والبرغل المقنن بموجب القسائم التموينية على البطاقة لعام 2003، على أن تخصص القسيمة التموينية رقم 71 لكل من أشهر تموز وآب وأيلول، لتوزيع مادة الشاي، بواقع 300غ لكل فرد، وبسعر 180 ل.س.

وتخصص القسيمة التموينية رقم 72 لتوزيع مادة البرغل، بواقع 3 كغ لكل فرد خلال الأشهر المذكورة ذاتها وبسعر 180 ل.س.

وتضمن القرار تخصيص كل عائلة بموجب دفتر العائلة بـ2 كغ سمن نباتي بسعر 750 ل.س، و2 ليتر زيت نباتي بسعر 600 ل.س شهرياً.

كما نص القرار على توجيه كل الوزارات والاتحادات والنقابات والهيئات والجهات الإدارية لتوسيع منافذ البيع لديها لضمان أكبر توزيع لتلك المواد.

 

الدعم يرتفع على الحكومة

ويتراجع عن المواطن!

وتناولت تقارير محلية حجم التكلفة الذي تدفعه المؤسسة العامة الاستهلاكية مقابل تأمين مادتي السكر والرز التموينيين وبيعهم للمواطن بسعر 25 ليرة، قبل رفع السعر إلى  ليرة50/ كيلو، حيث تدفع المؤسسة لقاء الطن الواحد من السكر أو الرز مبلغ يتراوح بين 50- 60 الف ليرة سورية، وكانت تبيعه بـ25 ليرة، إلا أن رفع سعر المادتين إلى 50 ليرة، يقلص حجم العجز الذي تتكبده المؤسسة لقاء تأمين المادتين، ما يعني أن حجم الدعم الحكومي لمادتي السكر والرز تراجع إلى نسبة لا تتجاوز 20%.

ووفقاً لتصريحات وزير التجارة الداخلية السابق سمير قاضي أمين، يقدر العجز التمويني الخاص لمادتي السكر والأرز بحدود 30.6 مليار ليرة.

وقدرت خطة المؤسسة العامة الاستهلاكية أن حاجة سورية من مادتي السكر والرز المقننتين لعام 2014 تبلغ 276 ألف طن من مادة السكر و138 ألف طن من مادة الرز، إذ تقوم المؤسسة بتأمين حاجتها من الكميات المذكورة عبر موردين من القطاع الخاص وجزء آخر عبر خط التسهيل الائتماني الإيراني.

 

«اللبرلة» المتهم الأول!

ليس لدى المسؤولين الحكوميين سوى التصريحات والذرائع ذات الطابع الفني والإداري، الغارقة في لغة الأرقام «الملتبسة» غالباً، لتبرير العجز الحكومي في القيام بدوره في دعم سلة الاستهلاك للفئات الشعبية الأكثر فقراً، والتغطية على تراجع دور الدولة الاجتماعي وانسحابها من السوق، لتضع المواطن بين سندان الحاجة إلى مواد لا يمكن الاستغناء عنها ومطرقة جشع التجار وقوانين السوق المنفلتة واللاأخلاقية، دون أن تفصح عن حقيقة أساسية تبقى جوهر الأزمات المعيشية كلها وهي الاستمرار في تلك السياسات الليبرالية رغم كل ما أنتجتها وأفرزتها.