دير الزور مطالب مشروعة.. ومحاولات حرفها..

دير الزور مطالب مشروعة.. ومحاولات حرفها..

عانت المنطقة الشرقية - كما كل المناطق السورية- من جور السياسات الليبرالية وظلمها، وجاءت مصيبتها مضاعفة، فهي التي كانت في ما مضى من تاريخ سلة غذاء روما، تكاد الآن لا تقوى على إطعام أبنائها، فإن رفع الدعم عن المحروقات أدى إلى تراجع الإنتاج الزراعي إلى مستويات مريعة، وأرغم أبناء المنطقة على الهجرة الداخلية والخارجية ليحملوا آلامهم إلى بقاع سورية وبقاع الأرض بحثاً عن الرزق والحياة الكريمة. 

ورغم إصرارهم على ضرب الأرض طولاً وعرضاً بحثاً عن أبواب الرزق إلا أن السياسات الليبرالية لاحقتهم في كل بقعة من بقاعة وطنهم، فتهددتهم البطالة بالفاقة المطلقة وبالعوز، وزادت نسب الفقر بينهم.

وفي سياق التحركات الجارية خرجت جموع في ناحية (موحسن) بشكل سلمي لتطالب بحقوق طال انتظارها من حريات سياسية وتحسين الأوضاع المعيشية، وعوضاً عن التعامل معها على أنها حركة جماهيرية محمودة وتعيد للعمال والفلاحين دورهم الطليعي في بناء البلاد وتطويرها، تم التعامل مع الحراك بطرق مريبة، حيث أطلق البعض عليهمن صفات غير مقبولة من قبيل «خونة» و«متآمرين»، وتعرض بعضهم للضرب على أيدي من يدعون أنهم مؤيدون!.

وفوق ذلك فقد وصل الأمر إلى اعتبار من تظاهر من العاملين في الدولة (شذاذ)، وكنا قد نوهنا في عدد قاسيون الماضي إلى كتاب مديرية التربية بمنع عودة الموقوفين إلى عملهم قبل الحصول على موافقة المحافظ، وفي ذلك خرق سافر لدستور الجمهورية العربية السورية الذي أباح للسوريين حق التعبير والتفكير، وجرّم كل من يسيء إلى هذا الحق. وفي سياق هذه التجاوزات مُنع عاملان في السجل المدني بدير الزور من العودة لعملهما لأنهما أوقفا!، كما أجبر العديد من الموظفين في المنظمات والنقابات المهنية على التواجد في أماكن عملهم، وتم تهديد من لا يحضر بالتسريح المباشر دون أي مراعاة لقانون العمل رقم 17، علماً أنّ المادة 67 منه وفي الفقرة الرابعة تؤكد أنه: لا يجوز أن يسرح العامل بسبب الرأي السياسي..

هل التعامل مع هذه الأمور بهذه العقلية هو تعامل حكيم ودستوري، أم أن هنالك من يقوم بتجاوز القوانين لحسابات خاصة مختفية في الظل؟

وهناك أكثر من هذا وذاك بكثير، والأمثلة متعددة.. فهل يريد من يقدمون على تجاوزات من هذا النوع دفع الأمور نحو أشكال غير سلمية من خلال إغلاق المنافذ السليمة للتعبير وزيادة الاحتقان من خلال الممارسات المهينة؟!