الوطن يضيق بأبنائه!

الوطن يضيق بأبنائه!

يشهد فرع الهجرة والجوازات في محافظة الحسكة السورية ازدحاماً كبيراً منذ عدة أشهر، حيث زاد عدد الراغبين بالحصول على جواز سفر بدرجة كبيرة منذ تصاعد أعمال العنف المسلحة التي تشهدها غالبية المدن والبلدات السورية، كتعبير عن حالة القلق التي يعيشها المواطن السوري جرّاء الوضع المتوتر في البلاد، وذلك رغم الهدوء النسبي التي تعيشه المحافظة مقارنة مع الكثير من محافظات البلاد الأخرى، ، حيث يمثل جواز السفر استعداداً أولياً للهجرة.

 ودفع هذا الطلب الكبير غير المعتاد على جوازات السفر، الجهة المصدرة له إلى عملية تنظيم تهدف إلى تخفيف الازدحام الكبير للمراجعين، حيث يقوم المسؤولون بفرع الهجرة والجوازات في مدينة الحسكة بمنح المراجع موعداً لاحقاً لتقديم الأوراق المطلوبة والحصول على جواز سفر، ولا يقل الموعد المحدد عن انتظار 15 يوماً كحد أدنى.

ووفق الوقائع الملموسة فأن آلاف الأسر غادرت المحافظة باتجاه البلدان الاوربية، وبعض دول الجوار، وتكاد لا تخلو جلسة خلال اليوم من الحديث عن الهجرة وطرقها وإجراءاتها ومصاعبها، خاصة الهجرة غير الشرعية، مقابل مبالغ مالية طائلة قد تصل لأكثر من 1.2 مليون ليرة (حوالي 18 ألف دولار).

ومن أحد هذه النماذج ما حدث مع سفينة تقل مهاجرين سوريين من مدينة أزمير التركية وغرقها قبالة الشواطىء التركية حيث وصلت إلى مدينة عامودا وقراها - محافظة الحسكة - في الشمال الشرقي من البلاد يوم الجمعة 14/9/2012جثامين تسع وثلاثين ضحية من الذين كانوا على متن السفينة التي غرقت في بحر ايجه بتاريخ 6/9/2012 وهي تقل مجاميع من الذي كانوا ينوون الهجرة إلى البلدان الأوربية في ظل الأوضاع المتوترة التي تشهدها البلاد، وحسب المعلومات الواردة إلى مكتب الجريدة، فإن عدد الضحايا من أبناء مدينة عامودا وريفها بلغ 41 شخصاً، هذا وشارك في مراسيم التشييع عشرات الألوف من أبناء محافظة الحسكة بالإضافة إلى العديد من الفعاليات الاجتماعية والقوى السياسية، وتسود مدينة عامودا منذ وقوع الحادثة أجواء من الحزن نتيجة المصاب الجلل الذي ألمّ بأبناء هذه المدينة، وفي الشأن نفسه فإن الضحايا الآخرين 12 منهم من مدينة الحسكة وشخص واحد من مدينة القامشلي وخمسة من عفرين وشخص واحد من حلب، و 3 من الدرباسية واثنان من الأشقاء العراقيين.

 لاشك أن الهجرة كانت موجودة قبل الأزمة لأسباب اقتصادية اجتماعية وسياسية، واستنزفت آلاف الشباب سنوياً لكنها استفحلت بعد تعمق الأزمة أكثر، فالوطن بات يضيق بأبنائه، جرّاء الحرب المجنونة الدائرة في البلاد، الأمر الذي يؤكد مرة أخرى ضرورة البحث عن حل سياسي للأزمة عبر حوار وطني حقيقي يفتح الطريق لبناء سورية الجديدة.