حلب.. اغلاق المعبر واستمرار المعاناة
مع تزايد معاناة المواطنين السوريين بشكل عام، وأبناء محافظة حلب بشكل خاص نتيجة تفاقم الأزمة الوطنية الشاملة، وتصاعد العنف المزدوج، أصبحت المآسي جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية للمواطنين ...
مَعبَرُ الموتِ والذّل
فمنذ إغلاق الجهات الرسمية للمعبر الوحيد الذي يربط بين شطري مدينة حلب الغربي و الشرقي وهو ما يسمى معبر كراج الحجز أو معبر الموت والذل، كما يحلو للبعض أن يسميه دلالة على حجم المعاناة والأخطار والتي تصل إلى حدّ الموت برصاصة غير طائشة لقنّاصٍ من أحد الطرفين ( نظام - الجماعات المسلحة ) فقد ازدادت الهموم والمآسي كثيراً وأصبح المواطن من أجل ان يقطع من الطرف الذي تسيطر عليه القوى المسلحة إلى الطرف الآخر يتحمل أعباء مالية تقدر بـ 3000 ل.س، ويستغرق زمناً حوالي 12 ساعة بالسفر إلى السلمية في حماه، وذلك من أجل الوصول إلى القسم الآخر من المدينة الباقي تحت سيطرة الدولة والعكس صحيح، ناهيك عن الخوف والرعب والمعاناة النفسية..
العمال بين نارين
لقد أصبحت معاناة العمال عموماً، وعمال القطاع العام بشكل خاص كبيرة، بعد إغلاق المعبر، كما فرضت عليهم قوانين جديدة من أجل الدوام ومن لا يلتزم بها يصرف من الخدمة مباشرة، وقبل إغلاق المعبر كان على العامل من سكان حلب الشرقية أن يداوم يوماً واحداً في الأسبوع، أما بعد إغلاقه أصبح مطالباً بالدوام يومين كل 15 يوما، وإذا كان العامل من خارج محافظة حلب فيجب عليه الدوام أربعة أيام متتالية بالشهر . لقد أصبحت معاناة العمال أضعافاً مضاعفة عما كانت عليه، فإذا جاء العامل كل شهر مرتين وكان متوسط الراتب 15 ألف ليرة سورية فهو لا يكفيه أجور سفر ومبيت وأكل وشرب له، فما بالك بأسرته التي هي بالأساس بحاجة إلى هذا الراتب ولا يكفيها في ظل الارتفاع الجنوني للأسعار سوى أيامٍ معدودات ..
كما أنّ التهديد بالطرد في حال عدم الالتزام بالدوام وقطع الراتب عنه على بساطته وقلته، قد يكون الفاصل بين أن يكون هذا العامل من المسلحين أو لا يكون..! فكما هو معلوم هناك جزء لا باس به من المسلحين حمل السلاح بسبب عدم وجود عمل وتوقف مصدر دخله، وتدفق المال الخليجي بين يدي الجماعات الإرهابية، إن فصل عامل القطاع العام بسبب عدم تمكنه من الحضور إلى مكان عمله في ظل الوضع الامني المضطرب يعتبر جريمة بحق العامل وأسرته وتناقض الدستور.
حلب المنكوبة
الآن وبعد آن تقطعت أوصال مدينة حلب..أصبح أجار سيارة نقل الأثاث والمفروشات من الشرقية إلى الغربية التي لا تبعد سوى أمتار حوالي 85 ألف ليرة سورية، مع العلم أن أغلب ساكني تلك الأحياء هم من الطبقة الوسطى ومادون، من العمال والفلاحين الذين قدموا من الريف إلى المدينة بحثاً عن فرص العمل والتعليم الأفضل، وما يزيد الطين بِلّة كثرة الحواجز الموجودة على طريق السلمية – خناصر، وهذه الحواجز في أغلبها لا تقوم بالتفتيش بل وضعت من أجل أخذ الاتاوات من العابرين على هذا الطريق، والمعاناة الأكبر في حاجز الراموسة سيئ الصيت بمدخل حلب، حيث تصطف السيارات القادمة من الجزء الشرقي أو الريف برتل طويل ولساعات طويلة تصل إلى أربع ساعات، وفي بعض الأحيان يكون التدقيق والتفتيش إذلالاً متعمداً للمواطنين. ويفرض على سائقي الشاحنات المحملة بالبضائع دفع مبالغ كبيرة جداً حسب نوع البضاعة تصل مئات الآلاف من الليرات السورية حتى سُمي هذا الحاجز بحاجز المليون.
إن هذه الممارسات التي يقوم بها بعض عناصر الحواجز الرسمية تضر بالمصالح اليومية للمواطنين وتخلق استياء وتزيد من الاحتقان.. لقد بات من الملح والعاجل فتح معبر كراج الحجز ومعابر أخرى لأن الوضع الإنساني أصبح كارثياً، وأي إبطاء سيزيد الوضع تعقيداً.