مطبات: رسالة من مواطن.. ذكي
من الواضح أن مداولات واقتراحات حكومية هنا وهناك تريد أن تقول لنا شيئاً، ومن الواضح أيضاً أننا نفهم ما تريده دون لبس أو غموض، وأننا بالضبط كمواطنين جربنا هذه السجالات التي تسبق القرارات.
بالتالي أريد هنا أن أسجل عرفاننا للحكومة التي صنعت منا مواطنين نستطيع بالإيماء أن ندرك ما تريد، وهي تريحنا بهذا وتريح نفسها من جدل سفسطائي لن يوصلنا وهي إلا إلى نتيجة واحدة.. القرارات.
لا مقدمات طويلة في علاقتنا، كالحب المباشر، لقاء لا يسبقه نظرة ومواعدة وجس نبض، لأننا فقط مواطنون نفهم بالـ(وما)، ودون أن نجادل في المحسوس، ولا نضع البصل في الرز.
ومع ذلك هناك من يريد أن يقدمها لنا غير(مقشرة)، وقطرة قطرة، مع ديباجة طويلة من حبه وحرصه، ومعرفته بأوضاعنا، وما يجتاحنا من ويلات الغلاء، وتصدير البندورة، وآفة الاحتكار، والقنابل الاقتصادية التي أحالتنا إلى ما دون الدخل المحدود، وفي الوقت نفسه يذكرنا بالخطط الموضوعة لانتقالنا البطيء إلى السوق المفتوح دون صدمات، ودون إفقار، وبأن هذه الخطط هي منقذنا من الأزمة العالمية وعواصفها التي هزت كل اقتصادات العالم، واستنفرت أثرياءه، وتسعى الدول إلى وضع برامج تقشف من أجل تلافيها، وتسرح عامليها، وتخفض الدعم.. يذكرنا محبونا بفضائلهم علينا مع قليل من الحرص على أفواهنا وأفواه أبنائنا من الجوع.
ومن هذه الوصفات غير المقشرة وصفة دعم الوقود، والذي تحلم به الأسر الخارجة من معارك الشهور القاسية، وتخفيفاً للصدمة من عدم شمول شريحة من هذا الدعم إن تم إقراره، وحرصاً على قبولنا ببساطة شروط الدعم الجديد، والتي من الممكن أن تتجاوز فواتيرنا الهاتفية والكهربائية، وسياراتنا المقسطة (إن وجدت)، ومنازلنا المملوكة (مكرر)، ودخلنا المحدود برقم لا يكفي سوى الأيام الأولى من الشهر.. لأجل هذا ينتقل الملف من جديد إلى وزارة العمل التي ستقرر بناء على إحصائها المسحي من منا يستحق.. أو سيستحق؟.
ومن باب آخر يقترح البعض رفع سعر الوقود اعتباراً من العام القادم حتى 2015، ولكن بالتدريج و(حبة حبة)، كما يشمل الاقتراح الكهرباء، وكذلك انعكاسات هذا الاقتراح على باقي السلع والمواد المتعلقة بحياتنا، أو بالأحرى التي تتعلق حياتنا بها.
الاقتراح الذي يوصل سعر ليتر المازوت إلى 30 ليرة سورية، وسعر الكيلو واط من الكهرباء إلى 6 ليرات، ستناقشه الوزارات فيما بينها للوصول إلى صيغة نهائية، ووصفة لا تضر بنا مع اعترافها بحبها لنا، وحرصها علينا.
السيد عبد الله الدردري نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية يكرر الالتزام الحكومي، والدعم لأحلامنا أمام مجلس الشعب: (الحكومة ملتزمة بإيصال الدعم إلى مستحقيه وأي نظام دعم يجب أن يحقق العدالة والكفاءة الاقتصادية والمالية، وضمن الإمكانات المتاحة).. وهنا مربط الفرص، الإمكانات المتاحة شماعة تأخير تعويض الدعم أو تقليصه بعد أن تم استبدال آلياته مرتين، أولاً بالقسائم التي زورت، وثانياً الدعم المالي الذي التف عليه البعض، أما ما يتعلق بالعدالة فستكون بالمشمولين بالقسط الذي تديره موسوعة الشؤون الاجتماعية.
في اللحظة نفسها سننتظر مساهمات صناديق الدعم الاجتماعي والاقتصادي، وهي من الحزم الموعودين بها من خدمات اجتماعية، واقتصادية ستفرج عنها الأيام القادمة، وتوسيع مجالات الدعم الزراعي (وهو ما يتعلق بالزراعة التي تتم المطالبة بعدم الاعتماد عليها كأهم مصادر الناتج المحلي)، كذلك التعليم المجاني (الذي يصار إلى تخصيصه)، والصحة والحماية الاجتماعية.
في شتى الأحوال نحن الأبناء الطيبين نتمنى أن يأتي الدعم كما يشتهى قسائمَ، ليرات، سائلاً، فالصيف لن يطول أكثر من ذلك، والشتاء سيأتي وإن تأخر، فالشهور الخائبة لم تبقِ لدى الناس رمقاً لموسم جديد بارد.