مساع حكومية لقمع الأقلام «الإلكترونية» بقانون فضفاض
وضاح عزام وضاح عزام

مساع حكومية لقمع الأقلام «الإلكترونية» بقانون فضفاض

بدأ في الآونة الأخيرة يظهر وبشدة على مواقع الإنترنت مصطلح التواصل مع العموم على الشبكة، وتعود فكرة هذا المصطلح للجهد الحثيث الذي تمارسه الحكومة على ضبط المصطلحات الإعلامية بغية التحضير لإصدار قانون ينظم الإعلام الإلكتروني... بعد أن تم (بنظرها) تنظيم المطبوعات بقانونها الذي حمل الرقم 50 للعام 2001 وهكذا أوجدت صيغة لقانون افتراضي ينظم عمل الشبكة الافتراضية تحت اسم «قانون التواصل مع العموم على الشبكة».

بدأ تسريب المسودات- وهنا سؤال يطرح نفسه بشدة لماذا التسريب؟- إذ أن مجلس الوزراء لم يعتمد القانون رسمياً ولم يحله بعد إلى مجلس الشعب لمناقشته والبت بصلاحيته أو تعديله، علماً أن رئاسة مجلس الوزراء كانت قد ناقشت المعنيين بـ«التواصل مع العموم على الشبكة» ولم يتم الاتفاق بالشكل الكامل، وعلق النقاش بحسب قلم نضال معلوف الإلكتروني على موقعه سيريا نيوز. ليأتي رد محمد موسى مدير الشؤون القانونية بوزارة الإعلام بمقال على الموقع نفسه وبقلم إلكتروني أيضاً: إن هذا القانون «سيقدم الكثير من المزايا للموقع الذي يقرر أن يكون معتمداً لدى الوزارة» و«لن يحد من حرية التعبير والنشر وسيعاقب فقط من يعتدي على أمن وسلامة الدولة ويثير النعرات الطائفية».

إلى هنا الأمر يحتوي على قضيتين أو سؤالين هامين.

أولاً: لماذا الأخذ والرد على التسريب الافتراضي للقانون المفترض؟.

ثانياً: ما المصطلحات والتراكيب اللفظية التي تضر أمن وسلامة الدولة وتثير النعرات الطائفية،والتي لم يحددها القانون المذكور؟.

يعتقد البعض أن غرض التسريب هو قياس ردة الفعل لدى المواقع الالكترونية والعاملين فيها على حد سواء، كي تتم الاستفاضة في دراسة القانون أو طيه حتى إشعار آخر وإبقائه كخنجر خفي بيد وزارة الإعلام تشهره بوجه الإعلام الإلكتروني متى تمادى في غيه الإلكتروني- من وجهة نظرها طبعاً-.

وبعضٌ آخر يعتقد أن هذا القانون أقر، وأن تسريبه يهدف لأن تقوم المواقع الإلكترونية بتسجيل نفسها بناء على أحكام هذا القانون وأصوله، وذلك لأن مهلة التسجيل ضمن القانون شهران من تاريخ نفاذه.

هذا فيما يتعلق بالتسريب، أما بالنسبة للقانون فمسودته المسربة تضمنت 45 مادة ضمن سبعة أبواب

الباب الأول: تعاريف ومصطلحات؛ الثاني: أحكام عامة؛ الثالث والرابع: مقدمو الخدمات على الشبكة واعتماداتهم؛ الخامس: الإعلان الإلكتروني على الشبكة؛ السادس: محظورات النشر والرد والتصحيح وهي 1- المعلومات المحظَّر نشرها قانوناً 2- المعلومات غير الصحيحة والمتناقضة 3- كل ما يتضمن القدح والذم التحقير 4- كل ما يتضمن تعرضاً للآداب والأخلاق العامة أو المشاعر الدينية 5- كل ما يتضمن إثارة النعرات الطائفية 6- كل ما من شأنه التحريض على ارتكاب الجرائم 7- كل ما يتضمن الاتجار بالبشر أو الإباحية المتعلقة بالقاصرين أو تجارة المخدرات والمؤثرات العقلية 8- كل ما يتضمن تسهيل أعمال العنف والإرهاب والتحريض عليها؛ الباب السابع: (وهو أشبه بالفصل السابع بميثاق الأمم المتحدة) العقوبات والتدخل والحجب والسجن والغرامات...إلخ.

ومع أن المسودة بأبوابها الخمسة الأولى مليئة بالتعاريف والمصطلحات الجديدة على القانون بالمفهوم العام، تحتاج إلى تعريف وهي جيدة بتعاطيها مع المصطلحات الجديدة ونوعية الخدمات المقدمة، ولكن كان يجب أن يعرّف القانون المذكور ما الذي يتعرض للآداب العامة؟  وما هي الكلمات التي تثير النعرات الطائفية؟ وما هو المحرض على الجرائم؟ وما المسيء إلى المشاعر الدينية؟ كل هذا كان مطلوباً لكي يزول الغموض وبالتالي الذريعة التي تمكن أياً من أصحاب السلطة في هذا القانون من استخدام البند السابع واستصدار قرارات من الحكومة الإلكترونية لاحقاً بشطب وإغلاق أو سجن ذوي الكلمة التي ربما تكون حرة لدرجة أنها أشعرت هذه الحكومة بالإساءة، فدفعتها دون مبرر آخر لاستصدار القانون الجديد.