بصراحة: الشيوعيون والطبقة العاملة السورية
الطبقة العاملة السورية اشتد ساعدها، وتكونت معالمها كقوة سياسية اجتماعية في غمار النضال الوطني المقاوم للاستعمار الفرنسي الذي خاضه شعبنا السوري العظيم من أجل الاستقلال الوطني الكامل غير المنقوص عن الاحتلال وقدم من أجل ذلك آلاف الشهداء والمعتقلين والمنفيين من الوطن..
وهذا التكون هذا لم يأت مصادفةً، بل جاء نتيجة تضافر جملة من العوامل التي لعبت دوراً مهما في بلورة رؤية الحركة النقابية والعمالية وتجذرها تجاه القضايا الوطنية والطبقية بالرغم من المحاولات الحثيثة التي قامت بها بعض الأحزاب البرجوازية كي تستميل الحركة النقابية إلى جانبها في الصراع الناشئ بينها.
الحركة النقابية لم تفقد بوصلتها الأساسية تجاه أعدائها الطبقيين بل خاضت نضالاً ضارياً من أجل العديد من القضايا التي نعتبر بعضها الآن من البديهيات مثل ثماني ساعات عمل وجزء آخر من تلك القضايا الهامة التي لعبت دوراً مهماً في تمكين الطبقة العاملة من انتزاع العديد من المطالب يأتي على رأسها حق الإضراب والاعتصام في مواجهة الاستغلال الذي مارسته البرجوازية من أجل تحقيق أقصى ربح يمكن الحصول عليه من قوة عمل العمال التي هي كأي سلعة يجري عليها البازار في سوق العمل.
السؤال المنطقي الذي يطرح في سياق ما ذكرنا:هل كانت الحركة النقابية، والعمال منفردين في مواجهة البرجوازية السورية، دون حلفاء حقيقيين يتبنون مصالحهم وحقوقهم، ويشاركون معهم في الدفاع عنها؟
الشيوعيون السوريون هم طليعة القوى السياسية التي تبنت مصالح الطبقة العاملة السورية، والموقف هذا مبني على أسس علمية اقتصادية وسياسية في رؤية التناقضات الناشئة بين قوة العمل ورأس المال في ظل علاقات الإنتاج الرأسمالية التي بدأت بالتكون في الاقتصاد السوري مع وجود الرأسمال الأجنبي من خلال الشركات القادمة مع الاستعمار الفرنسي، وبداية نشوء البرجوازية الوطنية التي عملت على إنشاء صناعات وطنية تعتمد في معظمها على المواد الأولية المحلية«صناعات نسيجية»، هذا الأمر أدى إلى وجود طبقة عاملة بالمعنى العلمي للكلمة تحتاج إلى إطار تنظيمي يمثل مصالحها الاقتصادية والسياسية، حيث كان الشيوعيون السوريون سباقين باتجاه العمل بين صفوف الطبقة العاملة، والكثير منهم جزء منها، من تأسيس نقابات عمالية في المهن المختلفة لقيادة نضال العمال، وهذا الأمر ساهم إلى حد كبير في إكساب العمال خبرة العمل السياسي والتنظيمي في مواجهة برجوازية تمتلك خبرة النهب والاستغلال لقوة العمل السورية الحديثة التكون والخبرة.
العمال الشيوعيون الأوائل دفعوا ثمناً باهظا في سبيل قضية الطبقة العاملة، التي هي قضية فقراء الشعب السوري، سجوناً، وتشريداً، وبمناسبة الذكرى التاسعة والثمانين لتأسيس الحزب الشيوعي السوري الذي جاء تأسيسه مع النهوض الثوري للجماهير الوطني والطبقي المحلي والعالمي.
إن حزب الإرادة الشعبية الذي يمثل في رؤيته وبرنامجه مصلحة الطبقة العاملة السورية، وسائر الكادحين السوريين، يعتبر نفسه وريثاً لقيم وتراث الحركة الشيوعية والثورية، وهو يناضل من أجل اعتراف الطبقة العاملة السورية به.
تحية لمناضلي الحركة النقابية والعمالية.
تحية للمناضلين الشيوعيين الأوائل