كم مخالفٍ للدستور!
يتقلد المسؤول منصبه بعد أن يُدرس تاريخه النضالي وأخلاقه الثورية ومنجزاته الوطنية..
والمسؤول عادة ما يكون مشبعاً بالشعارات والهتافات والأفكار التي كان يتغنى بها أيام فقره، ويتشبع بها أيام جوعه.. ثم يحلم بالمنصب أياماً وسنين حتى يقضي على فقره وجوعه ونهمه، ويطبق جزءاً من شعاراته في رفع - مِثل ما كان يعاني - عن بقية أفراد وسطه وقريته وبيئته..
وبعد المن والكرم عليه من بعض رفاقه النضاليين، فقد تنطبق عليه بعض شروط المسؤولين العاملين والمنصورين الناصرين، فيقلد أحد المناصب الرفيعة، ويستوي على أحد العروش المديدة، ويمتطي بعضاً من الخيول الوثيرة الوتيدة..
ولكن قبل ذلك كله، وقبل الاستواء.. يطلب إليه أن يحلف اليمين الدستورية التي نص الدستور عليها في المادة 7:
يكون القسم الدستوري على الشكل التالي:
«أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصاً على النظام الجمهوري الديمقراطي الشعبي ، وأن أحترم الدستور والقوانين، وأن أرعى مصالح الشعب وسلامة الوطن، وأن أعمل وأناضل لتحقيق أهداف الأمة العربية في الوحدة والحرية والاشتراكية».
أما أنا وبعمري القصير لا أظن أني رأيت من المسؤولين من قد أبر بقسمه إن أقسم..
ولكني أسائلكم يا شيوخ الدستور، كم رأيتم من مسؤول وصاحب منصب ورب قضية... هتف وناضل من قبل، ثم أوفى بما عاهد عليه من بعد؟ كم رأيتم من مُقسمٍ في البلاد قد أبر بما نص الدستور - وقسمه - على الوفاء به؟!
أحافظ على:
1- النظام الجمهوري..
2- الديمقراطي الشعبي..
3- أحترم الدستور والقوانين..
4- أرعى مصالح الشعب!!
5- أحقق الأهداف: وحدة، حرية، اشتراكية!!
حين تقرأ ذاك القسم تقسم أن العزة تمر في عروقك، والتفاؤل يظهر من بين أساريرك، لأن البر إن حازه نصف من يقسم لكان نصف ما أقسم عليه قد تحول إلى حقيقة على أرض الواقع..
وإذ لا أرى بنظرتي العوراء نسبةً مما تحقق، على كثرة من أقسموا فإني أقترح بضعة اقتراحات:
1- إلزام من أقسم بالبر بقسمه.
2- فإن لم يكن فإعفاء المسؤولين من القسم.
3- فإن لم يكن فتغيير الدستور.. عفواً تغيير القسم الدستوري بما يمكن معه لهؤلاء المسؤولين من البر بقسمهم..
أما إن لم يبر المسؤول بقسمه فتلك ولا شك مشكلة كبيرة، لأنه سيحاسب في الدنيا من الشعب، ثم سيحاسب ثانية من التاريخ، وأخيراً سيحاسب من الخالق حساباً عسيراً، ولا ولن ينقلب إلى أهله مسروراً.. ثم يصبح المسؤول على قولة المثل: لا دنيا ولا آخرة!
أما وإني لا أعرف الكثير من المسؤولين فلا أعلم عدد المخالفين للدستور، ولا عدد المخالفين للقانون، ولا عدد المخالفين لمطالب ومصالح الشعب والأمة!.
ولكني أسألكم أنتم: بظنكم كم من مخالف للدستور تعرفونه؟!