الفروج يُحال من «الاقتصاد»..والمربون يؤكدون: القرار سيدمرنا

الفروج يُحال من «الاقتصاد»..والمربون يؤكدون: القرار سيدمرنا

رغم عدم صدور قرار يقضي بالسماح باستيراد الفروج المجمد حتى الآن، إلا أن الفكرة بحد ذاتها أثارت حفيظة العديد من الجهات المعنية، وتساؤلات عن مدى فاعلية هذا القرار في حال صدوره في تخفيض أسعاره في السوق، وآثاره الإيجابية والسلبية على قطاع الدواجن، إضافة لحقيقة بيع الفروج المستورد بنصف التكلفة مقارنة بمواصفاته؟؟؟..

ورفعت وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية مؤخراً قرار استيراد الفروج المجمد إلى اللجنة الاقتصادية في رئاسة مجلس الوزراء، ليكون متاحاً لجميع الجهات مناقشته ودراسته خلال فترة قريبة جدا، وعليه فإن ما تقرره اللجنة الاقتصادية سيكون هو القرار النهائي في هذه المسألة.

فروج مستورد بـ200 ليرة!!..

والبداية من قناعة وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية النابعة من الغلاء المستحكم وارتفاع سعر الفروج تحديداً، حسب تصريح وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية محمد ظافر محبك، حيث ترى الوزارة أنه «يمكن للاستيراد أن يقدم الدجاجة بسعر وسطي يصل إلى مئتي ليرة على أبعد تقدير، وبالمقابل فإن سعرها محلياً بات اليوم مرتفعاً نظراً لعوامل عدة، أبرزها خروج أغلب المنتجين نتيجة تضرر المناطق التي توجد فيها مداجنهم».‏ 

أما تمويل عملية الاستيراد «في حال إقرارها فلن تكون من الحكومة عن طريق مصرف سورية المركزي، لأن العملية تهدف لدعم المستهلكين وليس المستوردين، مع ضمان البيع في الأسواق السورية بسعر التكلفة مضافاً إليه ربح ضئيل».‏

بينما وزارة الزراعة، على لسان معاون الوزير عدنان عثمان، فلا ترى أن «هذا القرار في حال صدر هو قرار صائب، وتطالب بتوجيه الدعم والرعاية للقطاع والمربين ومساعدتهم على تجاوز الصعوبات أو الحد منها على أقل تقدير بهذه الظروف الاستثنائية، لأنه من غير المقبول أن نتحول من بلد مصدر للفروج إلى مستورد له، ناهيك عن التداعيات والمنعكسات الصحية للاستيراد».‏‏

واعتبر عثمان أن «توجيه الدعم لإبقاء القطاع والنهوض به سيوفر المادة بالأسواق بأسعار مقبولة، أما التوجه نحو الاستيراد فلا أجده قراراً صائباً بهذه المرحلة».

ومن جهتهم مربو الدواجن على لسان رئيس اللجنة نزار سعد الدين، يجدون أن « القرار في حال صدوره سيقضي على مهنة نعمل على تطويرها وتنميتها منذ الثمانينيات، وأن ما تعتقده الاقتصاد بأن الاستيراد سيخفض السعر ويوفر المادة غير دقيق وخاطئ، لأن تكاليف الاستيراد ليست رخيصة بسبب طبيعة الفروج التي تختلف عن اللحوم الحمراء، وما يتطلبه أيضاً من مواصفات وشروط صحية ستزيد من التكاليف».‏‏

وبين المحلل المالي عابد فضلية سبب ارتفاع سعر الفروج محلياً، بقوله إن «ارتفاع سعر الفروج في سورية يعود إلى ارتفاع تكلفة تربية الدواجن وخلطاتها العلفية، ولا يعود ارتفاعه إلى عوامل أخرى كالمضاربة والمنافسة، وبالتالي إن ما نسبته 70% من تكلفة لحم الفروج الذي يدفعه المواطن، إنما هي تكلفة الخلطة والمزيدات العلفية التي تقدم للفروج، وهي خلطة مستوردة بالكامل بتكلفة عالية، تفرض بيعاً للمستهلك بسعر عال جدا».‏‏

محبك: الإنتاج المحلي تضرر وانتهى الأمر

وحول مسألة الأثر المتوقع على مهنة تربية الدواجن، بعد أن كانت سورية من المصدرين للفروج في الأعوام السابقة، فقد اعتبر وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية محبك أن «الإنتاج المحلي تضرر وانتهى الأمر، مشيراً إلى أن أكثر من نصف مداجن سورية باتت خارج العملية الإنتاجية، وتوقفت عن العمل، مع الأخذ بعين الاعتبار أن لحم الفروج هو البديل الوحيد للحوم الحمراء، بعد ارتفاع أسعارها بشكل كبير، وباحتساب التكلفة فإن الفروج المجمد أوفر وأكثر رخصاً بالنسبة للمواطن».

بينما أكد المستشار الفني لاتحاد غرف الزراعة عبد الرحمن قرنفلة أن «الآثار السلبية لهذا القرار ـ في حال صدوره ـ ستكون كبيرة جداً على المربي والمنتج الوطني على حد سواء، حيث سيكون لقرار السماح باستيراد كميات من لحوم الفروج المجمدة، منعكساته المدمرة على قطاع الدواجن في سورية، ولاسيما لجهة خروج المنتج المحلي من العملية الإنتاجية بشكل شبه كامل، وبالتالي عزوف قسم كبير وجديد من مربي الفروج والأمات عن التربية»، مشيراً إلى أن القرار سيجعل من الصعوبة بمكان على العملية الإنتاجية المحلية الإقلاع من جديد (بالطاقة نفسها) قبل عام ونصف تقريباً، وهذا وحده سيكون كفيلاً بإعادة هذا القطاع الاقتصادي الحيوي أشواطاً إلى الوراء».

وطلب الاتحاد من وزارة الاقتصاد «العمل على دعم تمويل مستوردات الأعلاف، وليس تشجيع استيراد الفروج المجمد، الذي سيؤدي وصول أول شحنة منه، لخروج باقي المربين من العمل، ولاسيما أن هناك أشخاصاً يحضرون أنفسهم لمثل هذه القرارات، لتحقيق مكاسب ومصالح شخصية محضة، دون الأخذ بعين الاعتبار مصلحة الاقتصاد والمستهلك السوري».‏‏

معادلة السعر والمواصفات

أما فيما يتعلق بمراقبة الشروط الصحية للفروج المستورد وتلاؤمها مع العادات الاستهلاكية، فقد أكدت الاقتصاد أن «الشروط الصحية للحم الفروج المجمد في حال استيراده، ستحدده وتتابعه وزارة الزراعة، عبر مديرية الصحة البيطرية، لضمان جودته وذبحه بالشكل الحلال الذي يتناسب مع الشعب السوري».

فيما أوضح قرنفلة  أن «التعامل مع ملف كهذا يجب أن يتم بحذر شديد، لما له من أهمية كبيرة على صحة الإنسان والحيوان معاً»، مشيراً إلى أن «المربي السوري مازال يستخدم مواد هرمونية بسيطة وبجرعات قليلة غير محظورة، وفي حال السماح باستيراد كميات من لحوم الفروج المجمدة، فإن الفريق الفني الذي سيتم تكليفه بإتمام عملية الاستيراد، سيجد صعوبة بالغة في التأكد من خلو المنتج المستورد من الأثر المتبقي للهرمونات المضرة والمحظورة، فضلاً عن أن المنتج المستورد المبرد الرخيص (كما تشير التأكيدات الصادرة عن وزارة الاقتصاد والتجارة) يعني إدارة الظهر للمنتج الوطني».

‏‏ولفت المحلل النقدي والمالي الدكتور عابد فضلية إلى هذه النقطة قائلاً «بوجوب عدم الاهتمام بمسألة السعر على حساب المواصفات، ومدى مراعاة الدولة التي سنستورد منها الفروج المجمد لشريعتنا وتقاليدنا، وبعبارة أخرى كيف ستراقب مسالة الذبح الحلال لهذه الطيور قبل أن تورد إلى سورية؟، وكيف ستتم مراقبة تربية الطير والغذاء المقدم له وصحته قبل الذبح من سقمه؟، حتى نضمن أن هذا اللحم غير محتوٍ على بقايا هرمونات أو منشطات وسواها».

 بالأرقام

ويوجد في سورية مليون و300 ألف مربي في سورية تقريباً،  وتوجد وجود 12360 منشأة دواجن مرخصة وغير مرخصة، منها 7800 مدجنة فروج، خرج منها 80٪ من العمل بسبب الظروف.

ووصل إنتاج سورية من الفروج عام 2009 إلى 220 ألف طن من الفروج، و4.4 مليارات بيضة، حيث وصلت صادرات البيض في العام نفسه إلى 1.32 مليار بيضة بتمويل ذاتي من أصحاب المداجن ودون تقديم أي دعم حكومي.

وتعتبر سورية بلداً مصدراً لمنتجات الدواجن منذ عشرين عاماً، كما أنها  البلد الوحيد في المنطقة التي لم يصلها مرض انفلونزا الطيور الذي انتشر قبل خمس سنوات.

ويعاني قطاع الدواجن من معوقات كثيرة تفاقمت بشكل كبير خلال الأزمة، أهمها زيادة مستلزمات الإنتاج من أعلاف ومحروقات، وخروج العديد من المنتجين عن الإنتاج نتيجة تضرر مداجنهم من الاعتداءات عليها.

يشار إلى أن محاولات سابقة للحكومة في تخفيض سعر اللحوم الحمراء عبر استيراد لحم الجاموس المثلج من الهند، باءت بالفشل وفتحت أبواباً للغش والتهريب، حيث بات يباع في المحلات دون التصريح بذلك.

آخر تعديل على الثلاثاء, 08 نيسان/أبريل 2014 22:15