بعض كتاب العدل بعيدون عن العدل
لا شكّ أن عدم فصل السلطات واستقلالية القضاء وسيادة القانون ولّدا الهيمنة والفساد وتراكمات كبيرة هي سبب أساس من أسباب الأزمة وتحقيقهما يخفف المعاناة والاحتقان ويدفعان باتجاه حلّها
قد سبق أن جرت محاولات للتخفيف من الفساد في القضاء بتحسين أوضاع القضاة المادية وكالعادة كانت شكلية وتمّ ذلك على حساب المواطنين وذلك بوضع طابع(اللصيقة) على أية ورقةٍ أو معاملة قضائية، ثُمّ برفع الرسوم القضائية أضعافاً مضاعفة.. وهذا لم يحل مشكلة المواطن مع القضاء وفساده، وإنما زادها لأنّ هذه الإجراءات لم تتناول السبب الأساس في معاناة المواطنين ككل في القضاء وبقية جوانب الحياة السياسية والاقتصادية الاجتماعية والديمقراطية لذا ما زال ميزان العدل والعدالة مختلاً وسيستمر الكيل بعدة مكاييل وليس بمكيالين فقط، مكيال الفساد ومكيال الوساطة ومكيال هيمنة الأجهزة الأمنية ومكيال الفلتان و..و.. طالما لم يحصل التغيير الجذري والشامل..
يوم الخميس 4/4 أراد مواطنون تسجيل وكالاتٍ عامة وخاصة في نيابة ركن الدين لدى كاتب العدل، فلم يكن موجوداً، وكالعادة برر الموظفون ذلك بأنه في إجازةٍ، ولو كان صحيحاً ألا يجب أن يكلف بديلاً عنه..ومع ذلك يمكن للمواطن الذي ليس مضطراً أن يؤجل ذلك إلى يوم الأحد..أمّا من كان مضطراً فقد توجه إلى مجمعٍ لِكُتّاب العدل قرب قيادة الشرطة في ساحة المرجة حيث تتواجد ثلاثة مكاتب لكتاب عدل وفي ظل زحمة المواصلات فإنّ بعضهم وصل حوالي الساعة الثانية عشرة والنصف رغم ركوبه سيارة أجرة، ولم يكن هناك سوى كاتب عدل واحد يعمل، وبعد انتظار الدور وتسجيل الوكالة كان موظف التدقيق قد غادر في الواحدة والنصف وكما قال زملاؤه إنّه لن يعود وبالتالي لا تنتظروا، وبمراجعة كاتب العدل الباقي كونه هو المسؤول وأن تبصيم الموكل يتم أمامه رفض ذلك دون تدقيق وتوقيع المدقق وأن مغادرته ليست مسؤوليته وعليكم الانتظار فإنه سيعود وأنتم جئتم متأخرين..وهكذا كان رغم أنّ الدوام الرسمي حتى الساعة الثالثة.. لكن في الساعة الثانية غادر هو أيضاً دون عودة..! ومع ذلك لم ييأس البعض رغم كبر سنّهم الذي تجاوز الثمانين وأحدهم لا يستطيع حتى المشي وخطوته لا يتجاوز مداها عشرة سنتمترات..! وذهبوا إلى كاتب العدل الذي يقع مقابل القصر العدلي مباشرةً، الذي رفض الوكالة فهو مختص بحي الميدان والمخيم فقط.. وكأنهما في دولةٍ أخرى.. وعاد المواطنون إلى بيوتهم بعد كل هذا التعب والمعاناة والاستهتار بهم والخسائر المادية بِخُفي حُنين.. في انتظار يوم الأحد لعلهم يجدون أحداً يُنقذهم من هذه المعاناة.