شركة الأسمدة في مرمى الاستثمار مجموعة فاطمة تقدم عرضاً استعمارياً وليس استثمارياً!!
مرة أخرى أكد النائب الاقتصادي في العلن عكس ما يضمره في الخفاء، حين قال «إنه لن يفرِّط بالقطاع العام. وإن القطاع العام يقوى ساعده ويتوسع». وقد قال ذلك في مجلس اتحاد العمال، واستطاع أن يقنع أكثرية أعضاء المجلس عندما قدم أرقاماً عن الخطة الخمسية الحادية عشرة، وعندما تحدث عن إنشاء شركات قابضة في القطاع العام، وعندما تحدث عن التطوير والتحديث في شركات عديدة.
ورأي آخر
كان لوزير الصناعة رأي آخر، وربما يتباين رأيه مع النائب الاقتصادي حين قال: «نحن نطلب أن يعطَى القطاع العام ما يعطَى للقطاع الخاص». بينما وزير النقل يتجاهل مذكرة هيئة الإمداد بالجيش عندما تحدّث رئيسا اتحادي عمال اللاذقية وطرطوس عن الأخطار الكامنة وراء التوكيلات الملاحية في القطاع الخاص، وكيف يتم إخضاع ما يورَّد للجيش إلى تفتيش من قبل الوكالات الخاصة، تجاهل وزير النقل تلك الخطورة وتحدث فقط عن الإنجاز الذي حققه بالسماح للوكالات الخاصة بالعمل، لأن هدفه الرئيسي حسب رأيه، هو القضاء على الروتين والبيروقراطية، وعلى تشجيع الاستثمار، وتجاهل مذكرة وزير الدفاع واستطاع أن يقنع بعض أعضاء مجلس الاتحاد بما تحدث به عن إنجاز الوكالات الخاصة.
بين التصريحات والتنفيذ
الواقع يتحدث عن تصفية شركات، وإغلاق أخرى، وترك غيرها لمصيرها لتصل إلى الخسارة وتصفيتها، وبيع مؤسسات تحت يافطة التشاركية والاستثمار، وعرض شركات في مناقصات دولية للبيع أو المشاركة أو التأجير. وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل تبشرنا بحزمة من صناديق المساعدة الاجتماعية تبدأ مع نهاية الخطة الخمسية العاشرة، وتتحدث عن أبرز إنجازات الوزارة وهو قانون العمل في القطاع الخاص، الذي جاء بموافقة الأطراف الثلاثة (عمال وأرباب عمل وحكومة)، وأن التعديلات قادمة على قانون التأمينات الاجتماعية.
الإنجاز الكبير
طُرِحت الشركة العامة للأسمدة للتحديث وإعادة التأهيل، وتصدت مجموعة فاطمة من الباكستان وقدمت عرضاً مشروحاً بالتفصيل يناقَش الآن من لجنة في الشركة وبمتابعة من وزير الصناعة ومدير المؤسسة، وقبل أن نناقِش العرض الذي يناقَش نقول إننا لن نستغرب عرض هذه الشركة الاستراتيجية على الاستثمار لأنه لا توجد جهات وصائية تتابع واقع شركات القطاع العام، وتُرِكَت هذه الشركة لبعض المدراء الذين تواكبوا عليها وسُرِقت ونُهِبت بشكل مبرمج، وقد بلغت خسارة هذه الشركة سنوياً بحدود مليار ل.س وهي ليست خسارة بمعنى الخسارة ولكنها سرقات موصوفة بين مدراء وتجار وسماسرة وجهات وصائية، شركة استراتيجية كلفتها مليار دولار قبل 30 عاماً، لم يزرها مسؤول عدا وزير الصناعة ولمرة واحدة، في حين تتتابع زيارات الوزراء إلى معامل بسكويت ومعامل خيوط قطنية في أقصى سورية. ومدير يبقى 20 عاماً في موقعه، والشركة تخسر ولا يحاسَب، وثلاثة مدراء تواكبوا على الشركة خلال عامين، وتم عزلهم، ومدير أنقذ الشركة وأوصلها إلى الربح بعد أن اتخذ إجراءات صارمة بحق من يسرق الشركة، وعُزِل من مهمته لأنه قطع الأرزاق، فماذا بعد ذلك؟!
الاستثمار بعقد غير منصف
عقد الاستثمار الذي يناقَش الآن في الشركة من لجنة سداسية، تحفظ ثلاثة منهم على العرض، لأنه عرض «استعمار وليس استثمار»، ففي الصفحة الرابعة، البند الثالث يقول:
• من المتوقع أن تكلفة الإصلاح ستكون 300 مليون يورو +25%، الكفيل الحكومة السورية عن طريق مصرف سورية المركزي.
• بعد تاريخ بدء الإنتاج فإن فاطمة والشركة سيكونان مخولين بتقاسم الإنتاج الزائد عن الإنتاج السابق لسيطرة فاطمة، ويقسم فائض الإنتاج على الشكل التالي:
• مدة 15 سنة بعد تاريخ السيطرة لفاطمة 80% وللشركة 20% من فائض الإنتاج.
• لمدة 10 سنوات أخرى بعد انقضاء الـ15 سنة الأولى لفاطمة 70% وللشركة 30% من فائض الإنتاج.
• خمس سنوات بعد انقضاء الـ25 سنة من تاريخ تشغيل السيطرة لفاطمة 60% وللشركة 40% من فائض الإنتاج.
• البند 12 تتسلم الشركة حصتها التي تناسب الإنتاج ما قبل سيطرة فاطمة، وبعد ذلك حصتها من الإنتاج الزائد على أساس يومي، وعند القيام بمثل تلك الحسابات فإن أية كمية فوات إنتاج لم تنتَج بسبب ظروف غير متوقعة، قاهرة ولأي سبب متعلق بعدم قدرة الشركة أو الحكومة السورية بتحقيق التزاماتها، سيتم حسابها، ثم تطرح من قيمة الإنتاج المحسوبة قبل سيطرة فاطمة. وفي كل الأوقات فأن حصة فاطمة ستكون مضمونه ولها الأولوية.
• فاطمة ستكون حرة التصرف بحصتها من الإنتاج بما في ذلك تصديرها وبيعها خارج سورية، ويجب تسليمها جميع الموافقات اللازمة لضمان تسهيل عدم عرقلة نقلها في سورية وتصديرها.
• فاطمة سيكون لها الخيار في بيع حصتها من الإنتاج للشركة أو الحكومة السورية التي سوف تكون ملزمة بشرائها، وتدفع نقداً بالدولار أو اليورو كما تحددها فاطمة بسعرها الجاري عند التسليم، ويكون سعرها مساوياً للسعر الأعلى من كلفة أرض الشركة للمنتَج على الحكومة السورية، ومساوياً للسعر الذي تبيع فيه فاطمة منتجها.
ـ الحكومة السورية والشركة سيضمنان على نفقتهما تزويداً مناسباً لكل الوقود اللازم للإنتاج المتوقع في هذا العرض، متضمناً ذلك، وليس حصرياً، الغاز الطبيعي، المياه، مواد الخدمة، المواد الكيمياوية والوسائط، المواد الخام، المستودعات وقطع الغيار، والإصلاح والصيانة، لتمكين فاطمة من تحقيق الإنتاج بصورة مستمرة، ويجب أن لا ينقطع الإنتاج بسبب نقص أية مادة من مواد الطاقة أو المواد المساعدة، كي تستطيع فاطمة بلوغ المستوى الإنتاجي المتوقع في هذا العرض.
• المستودعات وقطع الغيار والمواد الكيميائية والوسائط اللازمة لكميات الإنتاج المتوقع في هذا العرض، يجب أن يكون بالتشاور مع فاطمة، لضمان عدم انخفاض الإنتاج أو توقفه، كنتيجة لعدم كفاية أية مادة من المواد. ويتوقع الطرفان أنه سيتم تزويد فاطمة بكل الوقود اللازم كي تتمكن من تأمين إنتاج مستمر.
• جميع النفقات اللازمة في الشركة للتشغيل والإنتاج المتوقع ضمناً وليس حصراً جميع نفقات الإنتاج وتكلفة الغاز الطبيعي والماء والخدمات والاتصالات والمواد الكيماوية والوسائط والمستودعات وقطع الغيار واليد العاملة ضمناً كل الرواتب والأجور والعلاوات الأخرى للموظفين في الشركة تتحملها الشركة، إلا أن طاقم الخبرة الذي ستدخله فاطمة ستتحمل نفقاته.
• الحكومة السورية والشركة سوف تسمح وتسهل لفاطمة والمتعاقدين معها في أعمال الإصلاح الإذن بالدخول إلى الشركة حتى قبل سيطرة فاطمة وبعدها، وجميع التدابير اللازمة كي تسمح بتقديم العمل.
• الحكومة السورية والشركة سيضمنان أن جميع الموظفين يذعنون لتعليمات فاطمة وممثلي قيادتها.
• الحكومة السورية والشركة سيضمان توفر أرض كافية لبناء أي مبنى: (مخزن، مباني خدمة، خزانات، مستودعات، ورشات عمل) وأمور أخرى يمكن أن يتم تحديدها في طور الدارسة الهندسية، وسوف تؤمن مكاتب مجانية وأرض مجانية من أجل بناء مستودعات لتجهيزات فاطمة أو أي من متعاقديها الذين ينفذون الإصلاح أو يساعدون، والحكومة السورية سوف تعمل على تأمين الكهرباء والماء النظيف والاتصالات مجاناً.
• الحكومة السورية والشركة سيساعدان من خلال الاتفاقية في تسهيلات الأذن بالدخول (تأمين الإقامة، تأمين مكاتب في الشركة أو أي مكان آخر تليق بالمغتربين، وتسهيل تأمين الإقامة، ومكاتب مجانية لمتعاقدين وموردين لفاطمة، وسوف تؤمن ترتيبات مجانية أساسية وبالوقت المناسب لأية موافقة (شهادة، رخصة سماح بالعمل، أو أي فيزا) استجدت الحاجة لها واعتُبِرت أنها ضرورية لفاطمة أو متعاقديها العاملين في المشروع.
• التغيرات السياسية أو القانونية في سورية يجب أن لا تؤثر على حقوق فاطمة. والحكومة السورية ستعوض لفاطمة وبشكل مناسب في حال حُرِمت فاطمة من حصتها من الإنتاج في حال كان الإنتاج ليس بالمستوى المتوقع في هذا العرض بتأثير أي سبب خارج عن سيطرة فاطمة.
• لا ضريبة دخل أو أي نوع أخر من الضرائب يطبق على فاطمة أو المتعاقد معها أو موظفيها أو متعاقديها في سورية، وستكون فاطمة مخولة بتصدير حصتها من الإنتاج كاملة خارج سورية حسب رغبتها، ولا يترتب عليها ضرائب ورسوم من أي نوع، ولا رسوم مرفأ ولا ضرائب من أي طبيعة أخرى تفرض على التصدير لمثل تلك المنتجات التي تنتجها فاطمة.
• لا تُفرَض رسوم فيزا ولا أي نوع آخر من الرسوم على مغتربي فاطمة وعائلاتهم ومتعاقديهم العاملين في ما له علاقة بالمشروع، ويجب ألا يكون هناك أية قيود على مستلزماتهم الشخصية، دخولاً أو خروجاً، كالقطع الأجنبي والممتلكات الشخصية.
• الاتفاق سيُحكَم بالقانون الانكليزي، وسوف تتخلى الحكومة السورية عن حصانتها في المحكمة حيث سيكون القانون الانكليزي هو صاحب السلطة بالاستماع إلى أية مشكلة متعلقة بتلك الاتفاقية.
• الاتفاقية سوف تستمر 30 سنة بعد الوضع بالخدمة
وافرحتاه.. واإنجازاه
هذا هو الانجاز الكبير، وهذه بعض بنود العرض وهي تناقش الآن وتتم المتابعة من الجهات المسؤولة، ولن تناقش هذه البنود لأنها تتحدث عن نفسها، وهي واضحة وصريحة على أنها بنود إذلال واستعمار، وليس استثماراً، والجهات الوصائية التي تركت شركة الأسمدة للتخريب والنهب، وأوصلتها إلى ما هي عليه الآن، من الممكن أن توافق على هذا العرض بكل بساطة، وبالأصل مناقشته تعني الموافقة الضمنية عليه!!