وجهة نظر!
لم يكن مجلس الشعب الكريم مخطئاً فيما ذهب إليه من إقرار قانون الرسوم القضائية، والذي هاجمه المحامون والكتاب وغيرهم، بغير تعمق في الفهم، بل بعدم بعد النظر الذي ينعم به أعضاء المجلس الموقرون.
ولكن، للحقيقة والإنصاف، قد يكون المهاجمون لم يدركوا الغاية والفكرة التي تدور برأس الكبار، أصحاب الخبرة التشريعية، وأصحاب النظرة الثاقبة وعمق الفكر.
فالمعلوم للجميع أننا في سورية نتمتع بالاستقرار الذي يحلم به الكثيرون، فالموظف مستقر في كرسيه حتى حين، والمسؤول مستقر في مكتبه إلى ما شاء الله، وبالمثل: فالتشريعات مستقرة منذ الاستقلال، أي منذ ما يقارب الستين سنة أو يزيدون.
فحين عرض قانون الرسم والنفقات سالف الذكر على المجلس، لم يكن بهذه الأرقام الخيالية، والتي وصل في بعضها ـ كما نشرت قاسيون والعهدة على الكاتب ـ إلى /15000%/، وإنما كان بزيادة بسيطة، إلا أن المجلس طلب من الحكومة زيادة هذه النسبة إلى ما وصلت إليه..!
وحجتهم في ذلك ـ ولهم كل الحق ـ الاستقرار التشريعي، إضافة إلى راحة بالهم من «نق» الحكومة كل فترة مطالبة بزيادة الرسوم، لأنا إذا أخذنا بالحسبان، وبمعادلة بسيطة مقدار التضخم القادم، والأزمة الاقتصادية، وارتفاع الأسعار، وغلاء الذهب وإلى ما هنالك، فسنجد الحكومة مظلومة بالارتفاع المذكور، حيث إن هذا القانون قد يمتد إلى ستين سنة أخرى قادمة!! وبالتالي.. ورغم أن المواطن سيظلم بضع عشرات من السنين إلا أن أولاده سيعوضون خسارته!.
فهو سيسجل الدعوى اليوم، ويدفع الرسم الحالي، ما يقارب خمسة آلاف ليرة بعد أن كان يدفع خمساً وعشرين، وربما غبن قليلاً، إلا أن أولاده أو أحفاده! سيدفعون ذات الرسم ـ خمسة آلاف ليرة ـ في سنة 2070م، وكم يساوي عندها هذا الرسم البسيط؟!.
بل سيبتهل هؤلاء إلى الرحمن أن يحفظ المجلس الكريم الذي اقر بمنتهى الذكاء ذاك القانون ـ إن بقي من الأعضاء من ينتفع بالدعاءـ!
فباسم أحفادي القادمين، أتوجه إلى أعضاء مجلسنا الكرام بخالص الشكر، والتمنيات بالصحة وطول العمر حتى يلقوهم سالمين، أو يلقوا وجه ربهم الكريم. وأقول لهم باسم الأجيال القادمة: أصبتم فإن لكم حقاً... وجهة نظر!!