مشتى الحلو أمام كارثة بيئية خطيرة
وردت إلى «قاسيون» رسالة تناشد محافظ طرطوس والجهات المعنية للعمل على وقف الاعتداءات المخططة على البيئة الجميلة النظيفة. وقد حملت الرسالة عنوان «أنقذوا المنطقة من كارثة بيئية وسياحية وصحية واجتماعية بامتياز»، وجاء فيها:
منطقة مشتى الحلو والكفارين منطقة خصتها الطبيعة بعناية خاصة فجعلت منها لوحة رائعة بجبالها ووديانها وغاباتها وأشجارها المتنوعة، بينابيعها ومياهها المتدفقة من بطون جبالها وتلالها، ما جعلها منطقة سياحية من الدرجة الأولى، ليس على مستوى محافظة طرطوس فحسب، بل على مستوى الوطن من أقصاه إلى أقصاه، ومحط أنظار واهتمام السائحين القادمين من مختلف بلدان العالم وخاصة البلدان العربية. فانتشرت فيها المقاصف والمقاهي والفنادق والمطاعم بمختلف أنواعها، وقامت فيها نهضة عمرانية واسعة، وأصبحت امتداداً طبيعياً لمحافظة طرطوس التي تقرر أن تكون المحافظة السياحية الرائدة بساحلها الساحر وجبالها الشامخة ومواقعها الأثرية والتاريخية الهامة. وتم إحداث نقلة نوعية توسيع الطرقات وترميم شبكات الكهرباء والاتصالات والصرف الصحي والمياه، ما جعل الأهالي يسود لديهم التفاؤل والأمل بمستقبل واعد وبخطوات عملية لجعل هذه المنطقة الجميلة أكثر جمالاً وروعة وأن تتحول
فعلاً إلى محط أنظار السائحين والقادمين من مختلف أنحاء العالم.
هذه اللوحة باتت عرضة للتخريب، فمنذ ما يقارب الخمس سنوات صدر القرار بإقامة مجمع للقمامة في المدخل الغربي للمنطقة، وفي موقع حساس للغاية، ما دفع الأهالي للاحتجاج وإرسال الوفود وتنظيم العرائض، ووضعوا المحافظ آنذاك في صورة الواقع وبينوا خطورة هذا القرار في حال تنفيذه على مستقبل المنطقة، فأمر بإلغائه وعدم تنفيذه، ولكن الذين كانوا وراء القرار السابق، ولغاية في نفس يعقوب، أصروا على تنفيذ فعلتهم وأصدروا هذا القرار الجائر والعشوائي من جديد، فخيم الحزن والأسى واللوعة والحسرة على أهالي المنطقة، والخوف يتملكهم بأن يتحول الأمل الواعد إلى كابوس رهيب، والحل الجميل إلى هم يقض مضاجع الجميع، مقيمين ووافدين، لأنه تقرر إقامة المجمع في بوابة المنطقة الغربية، وفي غابة اصطناعية غاية في الجمال والروعة، لتجميع القمامة لعشرات القرى والبلدات، وعلى بعد عشرات الأمتار يقع فرن مشتى الحلو الآلي الذي يؤمن الخبز لأكثر من مئة قرية وبلدة، ويقع المكب في مسيل مائي تفيض مياهه شتاءً وتصب في نهر الأبرش الذي تسعى الجهات المعنية لمنع تلوثه للاستفادة منه لأغراض تأمين مياه الشرب للمدن والقرى العطشى، فبدلاً من تحويل هذه الغابة الجميلة إلى منتجع شعبي ونؤمن لها المقاعد ونوفر أماكن الراحة والاستجمام ونسعى لتحويلها إلى حديقة غناء يقصدها الناس للتمتع بظلالها الوراقة ومناظرها الخلابة، نحولها وبكل أسف إلى مكب للقمامة وفي منطقة حساسة للغاية حيث عَبْرَها تهب نسيمات الصباح المنعشة، وبدل عبق الصنوبر وشذى أزهار الزيزفون والعوسج، سوف تهب النسيمات محملة بالروائح النتنة والغازات السامة، وبدل زقزقة العصافير وتغريد البلابل والشحارير سوف يستيقظ الناس على طنين أسراب الذباب والبعوض والحشرات الضارة والصراصير،
وسوف تزعجهم أرتال الجرارات المحملة بالقمامة، والتي تجوب المنطقة بأركانها الأربعة، ناثرة القمامة على قارعة الطريق.
إن أهالي المنطقة بشيبهم وشبابهم ونسائهم وأطفالهم يناشدون المسؤولين على كافة المستويات، وكل من يعرف المنطقة عن كثب ويحبها كما نحب، أن يضعوا حداً لهذه الكارثة قبل وقوعها وأن يقفوا حائلاً دون تنفيذ هذه القرارات العشوائية، التي لا ترى إلا من زاوية واحدة، ضاربة عرض الحائط مصالح المنطقة ومستقبل الوطن.
من هنا نتساءل بكل جدية وصراحة: أهكذا نعزز اللحمة الوطنية؟ أم أن هذا يدمر الكثير من البنى التحتية التي عليها اعتماد الوطن؟! فلنجابه معاً كل من يريد شراً بهذا الوطن الصامد والمقاوم، ونصرخ بأعلى أصواتنا: عودوا يا أصحاب القرار إلى رشدكم، واحتكموا إلى ضمائركم، وتراجعوا عن التخريب قبل فوات الأوان، لأن العود أحمد، والرجوع عن الخطأ فضيلة. إننا نضع هذه القضية الحساسة والخطيرة برسم السيد محافظ طرطوس والجهات المعنية، ونحن على ثقة كبيرة بأنهم سيعملون جادين لتصحيح الخطأ وحماية هذه المنطقة المميزة. حفاظاً على استقرارها ومستقبلها الواعد.
إلياس قطيرة
عضو مجلس محافظة طرطوس سابقاً