أصحاب رؤوس الأموال المحليين.. والجنسية الأمريكية
أية ظاهرة جديدة عندما تتكرر تستدعي الدراسة والتمحيص، لأن تكرار الظواهر في الفيزياء أو الكيمياء أو الطبيعة قد تخفي قانوناً عند دراستها دراسة متأنية وعلمية، مع التحفّظ على أن ما ينطبق على الفيزياء والكيمياء والطبيعة قد لا ينطبق على المجتمع، فتكرار أية ظاهرة اجتماعية قد لا يخفي قانوناً، وكمثال على ذلك فإن ظاهرة التجسس والتعامل مع العدو الإسرائيلي في لبنان تكررت كثيراً هذه الأيام حتى بلغ عدد المتعاملين مع إسرائيل أكثر من مائة شخصية، بينهم العديد من الضباط والمحامين والأطباء وغيرهم.. من مختلف الطوائف والمذاهب المتنوعة التي تشكل الشعب اللبناني، ولكن هذه الظاهرة تبقى ظاهرة فقط لأن طابع التجسس لمصلحة العدو أخذ ويأخذ الطابع الفردي وليس العام، ولكن عندما تتحول إحدى الظواهر الفردية إلى عامة حينها لابد من دراستها خصوصاً في بلادنا التي تعرضت وما تزال لهجمة إمبريالية صهيونية بقيادة الولايات المتحدة بهدف إلحاقها بعجلة الامبريالية العالمية وتحقيق مخططاتها الحاقدة على هذه المنطقة، وبالتالي فإن الحفاظ على سورية كقلعة ممانعة يجب أن تتكسر على أسوارها كل مخططات دول الشر وعلى رأسها المخططات الصهيو- أمريكية يدفعنا إلى ضرورة إلقاء الضوء على ظاهرة بدأت تتكرر وتتحول إلى ظاهرة عامة لدى أصحاب رؤوس الأموال في بلدنا من تجار وصناعيين، وهي العمل الجدي اللاهث للحصول على جنسيات أخرى من دول الغرب الرأسمالي، وخصوصاً محاولة الحصول على الجنسية
الأمريكية، والتي أصبحت من الأمور الاعتيادية، وكأنه بات من الطبيعي أن يحمل هذا التاجر أو ذاك الصناعي الجنسية الأمريكية بالإضافة إلى جنسيته السورية.
ومن المعروف أن قانون الجنسية السوري ظل يعتبر من القوانين المتشددة عالمياً في هذا المجال حتى وقت قريب، بحيث يسقط القانون الجنسية السورية عن كل من حاز على جنسية أخرى، ولكن في الآونة الأخيرة، وتحت شعار ربط المغتربين السوريين بوطنهم الأم، يجري التساهل كثيراً مع هذه القضية، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو: لماذا هذا الركض وراء الحصول على الجنسية الأمريكية على وجه خاص؟
لاشك أن الحصول على هذه الجنسية قد يمنح حاملها بعض الحقوق والمنافع المادية والمعنوية، ولكنه في الوقت نفسه يرتب واجبات على المتجنس تجاه الدولة التي بات يحمل جنسيتها.
وإذا أردنا طرح هذا الأمر من زاوية أخرى، نسأل: ألا يدفع حامل الجنسيتين إلى الازدواجية في الولاء، وخصوصاً أنه لا بد لمن يسعى للحصول على الجنسية الأمريكية من أن يقوم بزيارة الولايات المتحدة فيحصل على ما يسمى بـ(الغرين كارد)، أي الكرت الأخضر الذي يؤهل حامله للحصول على الجنسية الأمريكية؟.
إن الوقائع تشير إلى أن الولاء لحامل الجنسية الأمريكية لبلده الرأسمالي المهيمن عالمياً يتعاظم ويطغى في أحيان كثيرة على ولائه للوطن الأساسي، ولخطورة هذه القضية على وطننا الحبيب، فقد يتعرض العديد من حاملي الجنسية الأمريكية للضغوط الكبيرة والشديدة، أو الإغراءات (المحرزة) لإعطاء معلومات ما، أو انتهاج سلوك ما يصب في خدمة الجانب الأمريكي، قد يتسبب بأضرار خطيرة وكبيرة على الأمن الوطني والوحدة الوطنية، لذلك أصبح من الضروري أمام هذه الظاهرة المنتشرة بقوة لدى العديد من أصحاب رؤوس الأموال القادرين من خلال ملاءتهم المالية من الحصول على معلومات يعجز الإنسان العادي عن الحصول عليها، أن تقوم الهيئات الحكومية المعنية بهذه القضية بإجراء دراسة جدية لهذه الظاهرة، ومعرفة دوافعها ومخاطرها القائمة والمحتملة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى يجب أن يعود التشديد في تطبيق نصوص قانون الجنسية السوري الذي يسقط حق الجنسية السورية عن حاملي الجنسيات الأخرى، وخصوصاً حاملي جنسيات الدول الغربية وعلى رأسها الجنسية الأمريكية وفي هذا حفاظ على أمن الوطن وكرامته.