مطالب جدّية بإلغاء زيادة الرسوم أو تعديلها
المحامي محمد الحاج علي المحامي محمد الحاج علي

مطالب جدّية بإلغاء زيادة الرسوم أو تعديلها

«إن الإدراك القانوني للمواطن لما له وما عليه من الأهمية بمكان، وهذا توضيح بالغ الأهمية لبعض المراسيم التي تفرض على المواطنين رسوماً لا يحتملونها، وإن «قاسيون» تضم صوتها للمطالبة بإلغاء زيادة الرسوم، أو تعديلها بما لايثقل كاهل المواطنين، وترجو من القارئ الكريم التمعن بالمطالب المحقة الواردة في متن المادة نظراً لأهميتها وجدية التعامل معها».

• قاسيون

 

الرسم مبلغ من المال يجب أداؤه بمقتضى القوانين والمراسيم، أو القرارات والبلاغات التي تستمد مشروعيتها من القوانين، لقاء خدمة أو منفعة تقدمها الدولة عن طريق وزاراتها أو إداراتها بحكم سلطاتها ووظائفها المختلفة. وبما أن الرسوم إجبارية وإلزامية تفرضها الدولة بإرادة وحيدة الطرف، مستغلة امتيازاتها وسلطاتها العامة، بعد إجازته والموافقة عليه من السلطة التشريعية، فيجب أن يكون للرسوم أهداف وصفات وطبيعة:

1ـ يجب أن يكون هادفاً إلى تحقيق العدالة، بحيث يراعي الحالة المادية لكل مواطن مكلف، وإلا يكون مبلغاً مقطوعاً يُفرض بالتساوي دون تمييز بين الغني والفقير.

2ـ أن يحدَّد مبدئياً بحيث لا تحقق الدولة من جراء جبايته أي ربح إضافي، حيث أن الخدمة المؤداة، هي ذات نفع عام ويستفيد منها المجتمع بأكمله.

3ـ عدم تحميل المنتفع كلفة الإدارة بصورة كاملة، بحيث تصبح قيمة المنفعة ومعدل الرسم مرتفعاً، ما يجعل الاستفادة من الخدمة التي يُدفَع الرسم مقابلها محرومة على أغلبية أبناء الشعب، أو تبقى محصورة بطبقة اجتماعية معينة. حيث أن الدولة ترفع معدل الرسم كلما رغبت في حصر الخدمة بعدد محدد من أفراد الشعب.

4ـ تحديد معدل الرسم يتوقف على كلفة المنفعة من جهة، والأهداف التي تسعى الدولة لتحقيقيها من جهة أخرى، من حيث وظيفتها الراعية والمتدخلة من أجل تأمين الخدمات لجميع الناس، بغض النظر عن حالة المكلف الشخصية، وكذلك مجانية الخدمة العامة.

5ـ يجب أن يرتبط فرض معدل الرسم وتحصيله بازدهار الحالة الاقتصادية للبلاد والعباد، حيث يتحقق في مثل هذه الحالة وفرة في التحصيل، ووظيفة الدولة الراعية المتدخلة.

6ـ تُفرض الرسوم تحت مسميات مختلفة حسب الجهات التي تمارس الوظيفة الإدارية أو الخدمية والمنوط بها تقديم الخدمة، ومن أنواعها (النسبي والمقطوع).

ونظراً لأن«العدل أساس الكون وبه قوامه»، وحق التقاضي من الضمانات الدستورية في دلو القانون السيد في المجتمع والدولة أساساً، حيث نصت المادة /25/ في فقرتها /2/ من الدستور السوري الدائم لعام 1973 على «سيادة القانون مبدأ أساس في المجتمع والدولة»، وفي إطار ذلك تأتي ضمانة حق التقاضي وحق اللجوء إلى القضاء والدفاع أمامه شرط أساسي لإعطاء الحماية وضمانة للحقوق والحريات، لأن الأفراد يجدون في القضاء الملاذ الأخير، حيث نصت المادة /28/ من الدستور الفقرة /4/ «أن حق التقاضي وسلوك سبل الطعن والدفاع أمام القضاء مصون بالقانون»، وبذلك لا يملك أحدٌ الحق بأي شكل من الأشكال أن يمنع المواطنين عن طريق القوانين أو المراسيم أو القرارات أو البلاغات التي يسنها من اللجوء إلى القضاء والدفاع أمامه عن حقوقهم وحرياتهم، حيث يعتبر ذلك مخالفة للدستور. إن دور المشرع ينحصر فقط في تنظيم وتسهيل اللجوء إلى القضاء والدفاع أمامه، ومخالفة ذلك يعتبر غير دستوري ولا يجوز الأخذ به والعمل بمقتضاه.

الفقرة /3/ من المادة /25/ من الدستور أقرت مبدأ المساواة بين المواطنين أمام القانون حيث نصت على «المواطنون متساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات، وتكفل الدولة ذلك» ومن أحكام الفقرة /4/ من المادة /25/ حيث نصت «أن تكفل الدولة مبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين ولكن ما أُقِرَّ أخيراً بموجب القوانين والمراسيم والبلاغات والقرارات مخالف لذلك وبشكل صريح وواضح، ومنها:

1ـ المرسوم التشريعي رقم /3/ تاريخ 16/1/2002 بخصوص إحداث صندوق مشترك لقضاة العدل ومجلس الدولة ومحامي الدولة في إدارة قضايا الدولة حيث نص في البند /ب/ من المادة /2/ منه أنه من موارد ذلك الصندوق لصيقة قضائية بقيمة /50/ ليرة والمعدل بالمرسوم التشريعي رقم /94/ تاريخ 3/10/2005 بحيث أصبح قيمة اللصيقة /100/ ليرة سورية، وحددت وزارة العدل بالقرار رقم 2089 ل تاريخ 5/6/2002 الوثائق التي توضع عليها تلك اللصيقة، وقد شملت تقريباً جميع الوثائق بحيث أن المواطن المتقاضي يدفع راتباً كاملاً أو ربما أكثر شهرياً، والمستفيد بموجب هذه اللصيقة هو الخصخصة الجزئية للقضاء، وهذا منافٍ لسمو القضاء وينال من هيبته.

2ـ القانون رقم /12/ تاريخ 7/4/2010 المتضمن تعديل جدول فئات الرسم الإضافي المحدث بموجب القانون رقم /254/ تاريخ 19/7/1960 بخصوص رسم إضافي لدى القضاء لإنشاء دور المحاكم وإصلاحها حيث زادت فئات ذلك الرسم بنسبة حدها الأدنى: (1250% إلى 2500% إلى 3750% إلى 5000% إلى 6450% إلى 7500% إلى 10000% إلى 12500% إلى 15000% إلى 25000%)، وهي حقاً نسب مرعبة يعجز المواطن عن حملها وهي بكل المقاييس مخالفة للقانون والعدل والإنصاف.

3ـ وكذلك القانون رقم /27/ تاريخ 7/7/2010 المتضمن الرسوم والتأمينات والنفقات القضائية الذي أنهى العمل بالقانون السابق الصادر بالمرسوم التشريعي رقم /105/ تاريخ 4/10/1953 وتعديلاته، وحدد زيادة نسبة الرسوم والتأمينات القضائية بشكلٍ يفوق التصور والاحتمال، حيث أقر:

ـ زيادة الرسم بنسبة 2500% في مادة واحدة من القانون الجديد رقم /27/

ـ زيادة بنسبة 5000% في 57 مادة منه.

ـ زيادة بنسبة 5333% في 4 مواد.

ـ زيادة بنسبة 6666% في 3 مواد.

ـ زيادة بنسبة 8333% في مادة واحدة.

ـ زيادة بنسبة 10000% في 5 مواد.

ـ وزيادة بنسبة 15000% في مادة واحدة.

وكل هذه الزيادات العجيبة تمت الموافقة عليها من السلطة التشريعية وبأسباب موجبة مخالفة لأحكام الدستور، وهذا له آثار سيئة جداً اجتماعياً وسياسياً ووطنياً. حيث أن القضاء هو الملاذ الآمن، وحالة مدنية حقوقية حضارية، وإغلاق باب القضاء أمام المواطن فيه ضياع للحقوق وامتهان لكرامة الوطن والمواطن.

وإننا احتراماً لأحكام الدستور نناشد السادة القضاة لوقف العمل بهذه القوانين والمراسيم والقرارات والبلاغات، ونناشد كل الشرفاء بالمطالبة بوقف العمل بها، أو العمل من أجل تعديلها بما ينسجم مع أحكام الدستور، وخاصة القانون رقم /27/ تاريخ 7/7/2010. الذي سيجري العمل به بتاريخ 7/10/2010 إن لن يتم تعديله أو توقيفه أو إلغاؤه.