السويداء تريد..

السويداء تريد..

تعد السويداء من المحافظات الهادئة نسبياً مقارنة ببعض المحافظات الساخنة من حيث الأزمة الوطنية التي تعم البلاد، وما تزال الأبعد نسبياً كذلك عن التدخل غير المباشر المتجلي بإدامة الاشتباك الداخلي، ورفع منسوب الدم السوري، وعدم قناعة أطراف في النظام والمعارضة المسلحة بضرورة الحل السياسي والإصرار على إلحاق الهزيمة بالطرف الآخر رغم محصلة الصفر لكلا الطرفين، فلا السلاح والتمويل النوعي البترودولاري للمعارضة المسلحة يستطيع الحسم في المعركة، ولا الحل الأمني للنظام المصر على أخذ الصالح بالطالح وتوسيع دائرة الأخطاء،

 ما يخلق بيئة متعاطفة ومحتضنة للمسلحين بدلاً من تجفيف البيئة الحاضنة وعزل واجتثاث المسلحين عبر إعطاء الحد الأدنى من الحقوق المشروعة والمحقة للمتظاهرين السلميين، وبالتالي البدء فوراً بضرب ومحاسبة مواقع  النهب والفساد في الدولة والمجتمع ومع استمرار تجميع الحطب وابقاء الجمر مشتعلاً داخل وتحت الرماد من خلال افتعال واختلاق الأزمات وهندسة حوادث وأوضاع أمنية من فاسدي النظام والمعارضة تجار وسمسارة الدم السوري بامتياز، تبقى السويداء الهادئة نسبياً كما يحلو للبعض تسميتها، وإن كنا نتحفظ على هذه التسمية لأن الوضع في السويداء هو  بحالة  الجمر المشتعل تحت الرماد، وبعد العمل الإرهابي الذي ذهب ضحيته شهيدان من أهالي السويداء ذاك العمل الجبان الذي يستهدف بالدرجة الأولى السلم الأهلي في المحافظة.

وقد خاب رجاء المراهنين على ذلك، ولكن عادت أزمة الغاز الخانقة والمفتعلة لتطفو على السطح، فهناك بيوت وعائلات أخذت توقد الحطب مرة أخرى لإعداد وجبة طعام أو كأس شاي والحاجة أم الاختراع طبعاً،ولاسيما أن الحصول على جرة غاز قد يأخذ عشرين يوماً حتى الشهر، وإذا أراد المواطن الفقير حلاً سحرياً فهو موجود في بعض المحلات المنتشرة على طريق المحوري حيث يقوم الباعة ببيع جرة الغاز 800 ل.س على مرأى ومسمع أجهزة الدولة!.

والسؤال المشروع يكون: أين رقابة الدولة وهيبتها من هذا التحدي السافر؟! وهل يظن البعض أن افتعال أزمة الغاز بمدها وجزرها لا يمكن أن تملأ الشوارع مظاهرات؟ أليس من مسؤولية الحكومة في ظل ما يحدث أن تبلسم الجراح وتذهب في تهدئة الأوضاع عوضاً عن صب الزيت على النار والتراخي في قمع المخالفات ومحاسبة الفاسدين العابثين بكرامة الوطن والمواطن؟.

لابد هنا من التعريج على أزمة انقطاع الكهرباء في ظل صيف حارق (خارق متفجر) على كل السوريين، حيث يصل عدد ساعات التقنين إلى 8 ساعات والعدد مرشح للزيادة. ألا يشكل تقنين الكهرباء بهذا الشكل فرصة لرفع ضغط الشارع إلى مستويات لا تحمل عقباها؟ خصوصاً وأن أزمة الكهرباء قديمة جديدة، تعددت أسبابها! والأزمة ذاتها ما تزال دون أية حلول، والسؤال هنا برسم الوزير المسوؤل والحكومة الجديدة!

كفى افتعالاً للأزمات وجراً للناس إلى الشارع.. كفى استهتاراً وتراخياً في ضبط الأسواق والأسعار واحتكار المواد الاستهلاكية والتلاعب بمواد المحروقات والغاز والكهرباء من التجار الفاسدين!.

السويداء اليوم، وهي جزء من الشعب السوري، تعاني ما يعانيه جميع السوريين وتحلم بما يحلم به كل مواطن سوري، وتهتف: «لا للاستقواء على الشعب.. ممنوع إهانة كرامتنا نحن الشعب السوري.. لن نسمح لأحد كائناً من كان أن يسلم حياتنا وقدرنا لقوى غريبة غير وطنية.. نريد الكهرباء والخبز والغاز.. لا نريد شعارات مقرفة.. نحن الشعب إن أردنا الحياة فيستجيب القدر»..