الحسكة.. أنقذوا الموسم «الزراعي»!
يمكن القول إن الموسم الزراعي في محافظة الحسكة هذا العام هو الأفضل ربما منذ عشرين عاماً بفضل الظروف الجوية المناسبة التي شهدتها المحافظة بكل مناطقها سواء على صعيد الأمطار الغزيرة وتوزعها على مدار فصلي الشتاء والربيع، وتوفر جو بارد نسبياً خلال شهري آذار ونيسان
ومع دخول شهر نيسان مترافقاً مع منخفض جوي خفيف فإن موسم الشعير قد وصل إلى بر الأمان، فيما يحتاج موسم القمح نهاية نيسان للحكم على نجاحه بشكل نهائي، وإن كان ذلك لا يؤثر بدرجة كبيرة على إنتاج المحافظة التي تعد خزان سورية الرئيسي من القمح والشعير الاستراتيجيين، ويتوقع أن تشهد إنتاجاً كبيراً تحتاجه البلاد أكثر من أي وقت مضى.
«السيولة» والمساحات الواسعة
ويتميز هذا العام بزراعة مساحات واسعة من الأراضي بغض النظر عما تعلنه وزارة الزراعة من أرقام، فقد أتاح توفر السيولة المادية لدى جزء كبير من أبناء الريف الفقير والمهمش ولاسيما منطقة جنوب «الرد» الواسعة، زراعة أكبر مساحة من الأراضي، وهي سيولة وفرها عمل أبناء الريف في قطاع النفط الذي خرج عن سيطرة الدولة لأشهر طويلة، كالنقل والتكرير البدائي الذي يقوم به أبناء الريف رغم ما يحمله ذلك من سلبيات.
ويقابل هذه الظروف المناسبة بعض الخطوات الضرورية التي يجب أن يبدأ العمل عليها منذ الآن، لتأمين موسم هذا العام وحمايته من مخاطر الحريق، وتوفير مستلزمات الحصاد من آليات للحصاد والنقل والأكياس الفارغة، ووضع آلية تضمن توريد كامل المحصول لمراكز الحبوب، وكبح سوق سوداء متمرسة قد تنشط منذ الآن مستغلة أي ثغرة.
الخطوات الضرورية
ويأتي في مقدمة الخطوات الأساسية في هذا السياق، تأمين وضع أمني هادئ من خلال وقف أي عمليات عسكرية غير مبررة، واللجوء نحو التسويات على غرار ما شهدته أرياف دمشق وبعض المناطق السورية، خاصة وأن غالبية مناطق المحافظة خاضعة لسيطرة الدولة، باستثناء بعض البلدات الريفية النائية التي تشرف على مساحات مزروعة كبيرة.
إن العمل على التسويات بشكل سريع، قد يسهم بحلحلة المشكلات التي تواجه موسم الحصاد، ولاسيما ما تم تداوله مؤخراً بشكل رسمي، حول قلة الفراغات الموجودة لدى فرع الحبوب في القامشلي نتيجة عدم شحن موسم القمح الماضي للمحافظات السورية الأخرى لإحداث الفراغات اللازمة لاستقبال موسم القمح والشعير القادم، والحاجة لنحو «15 مليون» كيس من الخيش لتعبئة القمح والشعير المقدر إنتاجه للموسم القادم.
مصلحة «مشتركة»
ويمكن القول إن تأمين الموسم الزراعي لهذا العام هو مصلحة مشتركة بين الدولة من جهة وبين المزارعين من جهة ثانية، فسورية بحاجة لمحصول مميّز يعوّض خسائر فادحة تعرض لها القطاع الزراعي على خلفية أزمة البلاد المستمرة منذ ثلاث سنوات، يؤمن لها احتياجات كبيرة للسوق المحلية، وتأمين صادرات قمح كبيرة تعوّض الكميات الكبيرة التي تستوردها سنوياً.
ويتوقع أن يؤمن موسم هذا العام واردات جيدة للأسر في المحافظة التي تعتمد على الزراعة بشكل أساسي في حياتها، وهو أمر يقود لتأمين عدم دخول هذه الأسر ولاسيما في الريف الشاسع في لعبة القتال التي قد يجبرون عليها بسبب الأحوال المادية الصعبة التي عاشوها خلال الفترة الماضية.