تحذير
  • JUser: :_load: غير قادر على استدعاء المستخدم برقم التعريف: 177
مراكز توزيع «المساعدات».. فوضى وفساد ومواد «منتهية الصلاحية»

مراكز توزيع «المساعدات».. فوضى وفساد ومواد «منتهية الصلاحية»

يقفون في صف واحد ينتظرون أن تفتح لهم الأبواب، تستطيع تمييز الجدد منهم من خلال علامات الخجل التي تعتلي وجوههم الشاحبة المتعبة ومن الدمعة التي توقفت على حدود أعينهم, هم السوريون الذين لم يأكلوا يوماً إلا من تعبهم

باتوا بعد ثلاث سنوات من الأزمة يحتلون المرتبة الأولى عالمياً من حيث عدد النازحين واللاجئين، حيث أكدت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين  أن أكثر من 6.5 ملايين سوري هم لاجئون ونازحون داخل سورية.

طابور «الانتظار»..

أضيف إلى حياة السوريين طابور انتظار جديد بعد طابور الخبز والمازوت والتموين هو طابور الحصول على المساعدات، حيث تفتقر معظم مراكز تقديم المساعدات إلى التنظيم الجيد ويغلب مشهد الفوضى على هذه المراكز.
تقول «أم رشيد»، وهي تنتظر دورها بعد أن أمّن لها أحد المتطوعين كرسياً ترتاح عليه،  «أنا أنتظر منذ ساعة تقريباً لأستلم حصتنا الغذائية لهذا الشهر»، وتتابع «قد يمتد الانتظار ساعة ثانية وغالباً ما ينتهي الأمر بمشادات كلامية بين الناس فيما بينهم أو بين الناس والمنظمين ليغلق المنظمون الباب، وننتظر في الحارات الثانية حتى يتفرق الناس ونعود إلى الاصطفاف وفق دور جديد، كما أننا غالباً ما نستلم الحصة المخصصة لنا ناقصة من حيث الكمية».
وتضيف «لماذا لا يتم معاملتنا بشكل أفضل، لولا الظروف القاسية ما كنا وقفنا على أبواب هذه الجمعيات، لماذا لا نعامل مثل النازحين الموجودين في الخارج ويتم صرف كوبونات لنا أي مبالغ نقدية لشراء ما نحتاج إليه بدلاً من هذه الحصص التي تكون ناقصة أو تكون المواد الموجودة داخلها منتهية الصلاحية. فأنا أبلغ من العمر ستين سنة وزوجي أكبر مني بالعمر ولم يعد يناسبنا من الناحية الصحية تناول البرغل والعدس. كما أننا بالبونات نتخلص من مواقف الذل والانتظار والإهانة، نحن نريد أن نعامل كالبشر نحن لسنا شحاذين». 

نزوح وفقدان وذل

في حين تقصد «أم عمر» جمعية وسط دمشق، وتحتاج للوصول إلى الجمعية أن تقطع مسافة 20 كم. وتقول «نزحت من منزلي، وتوفي زوجي وتركني مع ثلاثة أطفال، وليس لديه راتب تقاعدي، فقدنا منزلنا وكل ممتلكاتنا، وغيّرت مكان سكني أكثر من مرة بسبب الظروف  الأمنية، أنا أقيم حالياً في محل لا يأخذ أصحابه مني أجراً، وعندما غيّرت مكان السكن تغيّر المكان الذي استلم منه المساعدات، ولكني تفاجأت بالمعاملة التي تلقيناها لذلك فضلت العودة إلى هذا المركز حيث يعاملوني باحترام واهتمام».
وبدوره تحدث «أبو أحمد» عن معاناته اليومية بعد أن خسر منزله ومحله وعمله نتيجة الصراع الدائر في البلد قائلاً «نحن نستلم كل شهرين كرتونة مساعدات تحوي برغلاً وعدساً وسكراً ورزاً وعدداً من عبوات الزيت وست علب فول صغيرة، وعائلتي تتألف من سبعة أشخاص، أنا كنت أعمل خياطاً وخسرت منزلي ومحلي وليس لدي أي دخل. ومنذ فترة يطالبني أبنائي بشراء البرتقال لهم ولكني لا أملك المال الكافي لشراء البرتقال أو غيره من الفواكه لذلك قررنا الاستغناء عن الزيت والمعكرونة من أجل شراء البرتقال لأطفالنا».

بيع «المساعدات» مهنة!

انتشرت ظاهرة بيع المواد الغذائية، وذلك لأسباب عديدة منها الحاجة إلى المال لشراء احتياجات لا تؤمنها المساعدات، والبعض يستغل عدم وجود قاعدة بيانات موحدة لمعرفة من هو المستحق الحقيقي للمساعدات، فيحصل على المساعدات ويقوم ببيعها.
يعرض الخياط «سمير حجازي» جاكيت للبيع خاطه من البطانيات التي توزع للنازحين، وعن ذلك يقول «كانت البداية مع جاري الذي استلم بطانيات من المساعدات وهو يحتاج إلى جاكيت فقمت بخياطة جاكيت طويلة له كما خيطت جاكيت للأطفال، وبعدها أزداد الطلب لتفصيل الجاكيت، كما طلب مني عدد من النسوة أن أخيط مانطو نسواني وفعلاً نجحت الفكرة»، وعن التكلفة يقول «أحاول أن أخفف من التكلفة قدر المستطاع، فأنا أتقاضى مبلغ 250 ليرة من النازحين كأجرة يد وثمن خيطان، ولكن هناك عدد من الناس المقيمين اشتروا البطانيات من النازحين وطلبوا مني خياطتها لهم، اتقاضى من هؤلاء 750 ل.س أجرة يد، وإذا أرادوا إضافة أزرار وغيرها من الإكسسوارات فالزبون يتحمل التكلفة الزائدة».

أرقام ووعود معسولة

في حين قال مدير الخدمات الاجتماعية بـ«وزارة الشؤون الاجتماعية» فراس نبهان، في تصريحات صحفية إن الوزارة تقوم بإنشاء قاعدة بيانات للمهجرين في المحافظات، وفق منظومة عمل مؤلفة من عدة لجان، بهدف إصدار بطاقة الإغاثة الموحدة. للحد من ظاهرة الفساد في عملية الإغاثة، كما أكد نبهان أنه سيتم وضعت معايير جديدة لاعتماد عمل الجمعيات الأهلية، بعد إلغاء عمل 5 جمعيات تورطت بالفساد في عملها الإغاثي. 
وأضاف نبهان إلى أنّ متابعة عمل الجمعيات الأهلية في سورية بحاجة لكادرٍ ضخم، حيث بلغ عدد الجمعيات في سورية 1462جمعية، مشيراً إلى أنّ المساعدات المتنوعة التي يُقدّمها الجانب الحكومي تصل إلى نسبة 80% وما تبقى من جمعيات أهلية ومنظمات دولية يصل إلى 20%.
وكان رئيس مجلس الوزراء وائل الحلقي، قد ذكر مؤخراً أنّه تم رفع قيمة ما رصدته الحكومة من موازنة 2013 والتي بلغت 30 مليار ليرة إلى 50 مليار ليرة في موازنة 2014 بهدف تقديم الدعم والتعويض للمتضررين.

المنظمات الدولية والمساعدات المقدمة!

ذكرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر العاملة في سورية أنها «وفرت في شباط 2014 المواد الغذائية لأكثر من 770000 شخص في عشر محافظات، من بينها دمشق وريف دمشق وحمص ودير الزور. وكان النازحون داخلياً هم الغالبية العظمى من المستفيدين. وحصل أكثر من 4000 نازح داخلي يعيشون في أماكن إيواء جماعية بحمص ودمشق على وجبات يومية من خلال المطابخ الجماعية التي يدعمها الهلال الأحمر العربي السوري وتوفر لها اللجنة الدولية الإمدادات. وحصل أكثر من 237000 نازح داخلي آخر على اللوازم المنزلية الأساسية مثل أدوات النظافة الشخصية والبطانيات والفرشات وأواني الطهي».
كما واصلت «الفرق المعنية بالمياه والصرف الصحي باللجنة الدولية في دمشق وحلب وطرطوس التعاون مع الهلال الأحمر العربي السوري وإدارات المياه المحلية من أجل توفير المياه النظيفة ومرافق الصرف الصحي وتلبية الاحتياجات السكنية عبر الخطوط الأمامية. واستفاد مباشرة أكثر من 200000 شخص من مجموعة مشاريع. وساهم دعم إدارات المياه المحلية في إيصال المياه النظيفة لملايين الأشخاص».
وأسفر الدعم الذي قدمته اللجنة الدولية عن «إيصال المياه النظيفة لأكثر من 1.5 مليون شخص في حلب، الكثير منهم من المتضررين بسبب القتال. ونقلت الشاحنات التي استأجرتها اللجنة الدولية أيضاً المياه النظيفة لأكثر من 101000 شخص يعيشون في حمص وريف دمشق ودير الزور. وقمنا بتجديد 65 مركزاً للنازحين داخلياً ووزعنا أكثر من 148000 زجاجة مياه».

«الفاو» والمساعدات الجزئية

للسنة الثانية على التوالي تقوم منظمة «الفاو» بتقديم مساعدات جزئية على شكل بذار من قمح وشعير لبعض الفلاحين المتضررين في منطقة «الغاب» نتيجة عمليات المسلحين التي لا تمكنهم من جني محاصيلهم أو إتلافها، ويتم تحديد الفلاحين المتضررين من هذه العمليات عبر محاضر يتم رفعها من الجمعيات الفلاحية في تلك المنطقة.
وفي هذا العام قدمت «الفاو» 281 طناً من القمح والشعير مجاناً ليتم توزيعها عبر مديرية الزراعة في «الغاب» على أساس المحاضر المقدمة إليها ، لكن الملاحظ أنه في هذا العام أدخلت شعبة الهلال الأحمر كوسيط في عملية التوزيع حيث تُسلم البذور إلى شعبة الهلال الأحمر وهذه الأخيرة تسلمها إلى لجان من المهندسين المكلفين من مديرية الزراعة تسليمها إلى الفلاحين المتضررين.
وبالرغم من أن هذه العملية خطوة في تخفيف العبء الثقيل الذي يعانيه فلاح «الغاب» إلا أنها خطوة غير كافية، فنسبة الفلاحين المتضررين أكثر بكثير ممن شملتهم قوائم التوزيع هذه، وفي مثل هذه الحالات تحدث تجاوزات عديدة في طريقة التوزيع ومن يستحقه فعلاً. بالإضافة أن القرى التي شملها التوزيع لا تتجاوز الخمس عشرة قرية، علماً أن هناك قرى لم يشملها التوزيع وهي أحوج ما تكون لهذه المساعدات.