يا ريت ضلّت الجامعة «حلم»..

يا ريت ضلّت الجامعة «حلم»..

عند صدور المفاضلة العامة، وتعلم بأن مجموع علاماتك تؤهلك لدخول الجامعة السورية، يتحوّل حلمك فيما بعد إلى أمنية الخلاص، وتتمنى لو أنه لم يتحقق ذلك وبقي حلماً وعلماً في نظرك. فالجامعات المركزية في بلدنا يقتلها الروتين والبيروقراطية وسوء الخدمات، إضافةً إلى تمرير كل ما أمكن بثمنه، فما بالك إذا انتقلت بتفكيرك إلى الجامعات الفرعية في المحافظات الأخرى؟

فهذه الجامعات الفرعية تفتقد لكل المؤهلات لتصبح أقل من أن نسميها جامعة، فمثلاً «عائلة واحدة» في كلية فرعية في محافظة السويداء تتسلم جميع المناصب، وكل دائرة يترأسها فرد من أفرادها!!

حتى المستخدم هناك ليس له علاقة بالتنظيف سوى النظافة الشخصية فهو مجرد شخص من «ابن البلد» أتى ليرتدي بدلة رسمية ونظارة شمسية وما همه إلا استلام الراتب الشهري فقط، و له علاقاته كونه «ابن البلد» ليكون مفتاحاً للجميع!!

فإذا أردت الاستفسار عن شيء معين، وسألت عن موظف ما ولا تجده (وما أكثرها) فينوب عنه موظف آخر يفتي بالموضوع كما باعتقاده، وتجد نفسك الضحية

وإذا ما تقدمت للامتحان، وأتى سؤال من خارج المقرر المطلوب فتبادر لتسأل عن الدكتور المسؤول عن المقرر فيجيبك رئيس الدائرة بأن الدكتور غائب منذ شهر وربما أكثر وقطعت الاتصالات بيننا. وبعد الفوضى العارمة التي تعجّ بها القاعة والتوتر الذي يسيطر على الطلاب يقوم رئيس الدائرة بفتوى إلغاء السؤال وتوزيع العلامة على الأسئلة الباقية وطبعاً تكون عندها 70% احتمال النجاح كون السؤال يشمل ما لا يقل عن 30% من معدل المادة وتكون ألغيت دون أن توزّع، لأن الدكتور لم يعلم بهذا القرار الذي أصدر بغيابه، يعني بالعربي «ضايعة الطاسة»

هذا ناهيك عن ما يجري من تحت الطاولة، فإذا كنت تعرف فلاناً من الناس فأنت وعلاماتك بألف خير. وأنتِ صديقة فلان، فذلك يعني أنكِ ستنجحين مجرد ما أن يُكتب اسمكِ على الورقة، واتركي الباقي لهم.

وإياك ثم إياك أن تشعر بالظلم، وتقرع باب الشكوى فستدخل في دوامة القرابة والكل سوف يتطلع عليك بازدراء، ويذكرك بالاسم ففلان ابن عم فلان وأخ لفلان وهذا الفلان إذا تمت معاقبته فستلومك خالتك على فعلتك وكل من كان داخل الحرم الجامعي.

وأنت يا طالب أنسَ همومك، وحضّر لامتحان جديد، وكأن شيئاً لم يكن وإلا ستتخذ بحقك إجراءات قانونية تتعلق بأمن الجامعة، وتكون المسبب الوحيد لهذه الفوضى والأخطاء كلها.

من الآخر... يا ريت ضلّت الجامعة «حلم»، وما تحوّلت إلى كابوس يقظة...