عمل المرأة.. ومزايا قانونية معطلة!
دخلت المرأة السورية سوق العمل الصناعي منذ النصف الأول من القرن العشرين وذلك من خلال توفر مجال صناعي جديد فتح لها الباب الواسع للعمل والمشاركة في عملية الإنتاج، وتجسد المجال حينذاك بشركة التبغ الوطنية وكانت تسمى بـ«الريجي»، وكانت مشاركة النساء في عملية الإنتاج فيها أمراً ضرورياً، وبعد ذلك سعت المرأة السورية لمتابعة العمل ونهل المعرفة والتدريب والتأهيل، لتخوض مختلف المجالات الإنتاجية والخدمية، وساهمت بعد ذلك بالعمل في القطاعين العام والخاص، وفي المجال الحرفي أيضاً، فحققت إنجازات عديدة ومختلفة في دخولها لسوق العمل.
تشغيل المرأة والمزايا القانونية
نص القانون رقم 17 للعام 2010 المتعلق بحقوق العمال وعلاقات العمل في المادة 65 على أنه إذا لم يثبت صاحب العمل ارتكاب العامل إحدى المخالفات المنصوص عليها في المادة السابقة«64»، فإن إنهاءه لعقد العمل يعد بمثابة التسريح غير المبرر، وفي هذه الحالة يستحق العامل تعويضاً، أي إن القانون خالف الدستور مخالفة صريحة وخالف القاعدة التي تقول «ما لايجوز أخذه لا يجوز إعطاؤه»، فحق العمل للعامل لا يجوز أن يؤخذ منه لمصلحة رب العمل، وتعتبرهذه المادة اسوأ ما جاء في القانون وخصوصاً بالنسبة للمرأة العاملة، ومنح القانون مزايا عديدة للمرأة لتمكينها من قيامها بأداء عملها على أكمل وجه في المنشأة، ولكي تقوم بمتابعة أعبائها المنزلية، خصوصاً تربية أولادها والعناية بهم، فلا يجوز أن تداوم المرأة في الليل إلا لساعة محددة من أجل فسح المجال لها لتربية أولادها والاعتناء بهم، كما لا يجوز أن تعمل في الأعمال المجهدة كأعمال البيتون والبناء والحدادة وغيرها.
ومنحت المادة 121 المرأة الحامل عدة مزايا، فنصت على أن العاملة التي أمضت ستة أشهر متصلة لدى صاحب العمل، تمنح إجازة أمومة بالاستناد إلى شهادة طبية مصدقة أصولاً بكامل الأجر، مدتها 120 يوماً عن الولادة الأولى، و90 يوماً عن الولادة الثانية، و75 يوماً عن الولادة الثالثة، ويجوز للعاملة أن تطلب منحها إجازة أمومة خلال الشهرين الأخيرين من الحمل، وفي حال وفاة المولود تخفض الإجازة المتبقية إلى النصف ويجوز منح من ترغب من العاملات إجازة أمومة إضافية مدتها شهر واحد دون أجر.
في حين حظرت المادة 122 على صاحب العمل فصل العاملة أو إنهاء خدمتها أثناء إجازة الأمومة المبينة بالمادة السابقة، ولكنه منعها من العمل لدى صاحب عمل آخر خلال الإجازة تحت طائلة حرمان العاملة من أجرها الكامل عن مدة الإجازة، أو استرداد ما تم أداؤه إليها منه إذا ثبت اشتغالها، وذلك مع عدم الإخلال بالمساءلة التأديبية.
وقد نصت المادة 123 على مزية هامة للعاملة المرضعة بحيث يكون لها خلال الأربعة والعشرين شهراً التالية لتاريخ الوضع، فضلاً عن مدة الراحة المقررة، الحق في فترتين إضافيتين للرضاعة لا تقل كل منهما عن نصف ساعة في اليوم، وللعاملة الحق في ضم هاتين الفترتين وتحسب الفترتان الإضافيتان من ساعات العمل ولا يترتب عليهما أي تخفيض في الأجر.
وقد أعطت المادة 124 العاملة التي تعمل في منشأة تستخدم أكثر من خمسة عشر عاملاً طلب الحصول على إجازة دون أجر لمدة لا تتجاوز سنة واحدة، وذلك لرعاية طفلها مع احتفاظها بحقها بالرجوع إلى عملها بعد انتهاء هذه الإجازة، وتفقد هذا الحق إذا عملت لدى صاحب عمل آخر خلال هذه المدة، ولا تستحق هذه الإجازة لأكثر من ثلاث مرات طوال مدة خدمتها، ولكن يجب على العاملة في حال الاستفادة من الإجازة الأولى تسديد الاشتراكات الواجبة عليها إلى المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، أما بالنسبة للإجازات الأخرى فإنه يتعين عليها التسديد إلى المؤسسة المذكورة جميع الاشتراكات التأمينية الواجبة عليها وعلى صاحب العمل.
وأوجبت المادة 125 على صاحب العمل في حالة تشغيله خمس عاملات أو أكثر أن يعملن بشكل ظاهر في مكان العمل أو تجمع العاملات.
كما أوجبت المادة 126على صاحب العمل الذي يستخدم مئة عاملة فأكثر في مكان واحد أن يوفر داراً للحضانة أو يعهد إلى دار للحضانة برعاية أطفال العاملات، على ألا يقل عدد هؤلاء الأطفال عن خمسة وعشرين طفلاً، ولا تزيد أعمارهم على خمس سنوات، ويحدد الوزير بقرار منه أحكام ترخيص وشروط عمل هذه الدور ويجوز للمنشآت العائدة إلى أصحاب عمل مختلفين والتي تستخدم كل منها أقل من مئة عاملة في منطقة واحدة أن تشترك فيما بينها في تنفيذ الالتزام المنصوص عليه في هذه المادة.
مزايا مهمة لكن على الورق!
وعلى أهمية هذه المزايا التي منحها القانون للمرأة، فلا بد من القول إن تنفيذها على أرض الواقع- إن تم- فإنما يتم بحدود دنيا، ذلك أن القانون السوري كعمود الكهرباء لا تستطيع القفز من فوقه ولكن يمكن أن تلتف حوله بسهولة، لذلك فإن ما نص عليه القانون على الورق شيء وما يطبق على أرض الواقع شيء آخر، وما يؤخذ على القانون الحالي أنه أعطى رب العمل الحق بتسريح العامل دون إبداء أية أسباب، لذلك فإن أغلب العاملات سواء كن غير عارفات بحقوقهن الواردة في القانون أو تعرفنها، ففي ظل إمكانية تسريحهن تسريحاً تعسفياً غالباً ما تغضضن الطرف عن هذه المزايا، خوفاً على عملهن المهدد بأية لحظة، وهناك منهن من يعملن في الليل وفي الأعمال المجهدة، بل إن تسريحهن من العمل أسهل لرب العمل من تدخين سيجارة، أما في مجال الأجور وعلى الرغم من أن القانون ساوى بين الرجل والمرأة فإن الواقع المعاش يظهر اختلافاً في الأجر بينهما، حتى لو كان العمل واحداً، وذلك لمصلحة الرجل بطبيعة الحال، بل إن هناك نساء يعملن بأقل من نصف الحد الأدنى للأجور وهذا نقص في القانون لابد من تصحيحه.