التأمين الصحي في التطبيق ليس أكثر من عقد إذعان

التأمين الصحي في التطبيق ليس أكثر من عقد إذعان

تعتبر دراسة عقود التأمين الصحي ومراجعتها بالتفصيل وحل الإشكاليات الإدارية واللوجيستية والتعامل بأقصى قدر من الإيجابية لمصلحة العمال من أهم القضايا التي تهم العامل، وكأولوية من حقوقه يجب الحفاظ عليها ومنع المساس بها..

من هنا كنَّا نطالب دائماً الاتحاد العام لنقابات العمال بضرورة التمسك بضمان حقوق العمال في التأمين الصحي بدلاً من اقتراح إلغاء هذه المكاسب تحت أي ظرفٍ وحجة كانت، ولاسيما خلال الأزمة الراهنة والارتفاع الكبير في الأسعار خاصة وأن بعض شركات التأمين أصبحت تعتبر المواطنين عبئا عليها، وبدأت توضع عقبات في وجوههم بدلاً من تسهيل أمورهم..
إن الحكومة قبل العامل تعرف عزَّ المعرفة أن المشكلات المتعلقة بملف التأمين الصحي ترتبط بفساد الجانب الإداري وانعكاساته على ضعف الخدمة، لذلك صرَّح أكثر من مسؤول حكومي أن أهم تحدٍ يواجه المشروع هو التعقيدات الإدارية، ولا سيما أن من ينفذه شركات صغيرة تعمل من خلال طاقم إداري قليل عددياً لا تتعدى أصابع اليد، في حين إن المطلوب منه إدارة عدد كبير من المتعاقدين من جهة والتعامل مع مقدمي الخدمات من مشاف وأطباء وصيادلة من جهة أخرى.
الأمر الذي أدى بكثير من العمال والموظفين إلى القول إن عقد التأمين الصحي لا يخدمهم بقدر ما يخدم شركات التأمين، وهذا ما يؤكده الكثيرون أثناء صرفهم للوصفات الطبية أمام إحدى الصيدليات المتعاقدة في دمشق، والتي كتب عنها الإعلام كثيراً، وتشبيهه بأنه ليس أكثر من عقد إذعان، لما ورد فيه من أمراض وأدوية استثنتها الشركات المذكورة من التغطية المالية، وتركت نفقاتها للمؤمن عليه.
الطامة الكبرى أنه ومنذ إطلاق هذا المشروع، والجهات المعنية والمؤسسة السورية للتأمين تؤكد أنها تدرس إعادة الهيكلية مع الجهات المتعاقدة، لأن المؤسسة تتكبد خسائر كبيرة نتيجة ارتفاع أسعار الخدمات الطبية لدى مقدمي الخدمة من مشاف خاصة ومراكز طبية وأطباء متعاقدين مع المؤسسة، إذ أن القسط  البالغ 8000 ليرة والذي يقتطع من راتب الموظف سنوياً وفق أقساط شهرية لم يعد يتناسب وما يحصل عليه المؤمن من خدمات، ولاسيما أن عدم الاستقرار في أسعار الصرف ساهم إلى حد كبير في ارتفاع الأسعار، فضلاً عن الصعوبات التي تواجه مقدمي الخدمة في تأمين المواد الأولية الطبية.
بدورها الجهات المتعاقدة بالتأمين الصحي ماتزال تطالب بتغطية أوسع للخدمات المشملة بالعقد، وزارة التربية مثلاً تصر على عدم تجديد العقد مع السورية للتأمين إلا إذا حصلت على تغطية أوسع وأشمل للخدمات التي يتلقاها موظفوها، والتي تلقى الرفض التام من المؤسسة.
فهل ينتظر العمال سنوات أخرى حتى تنتهي الحكومة من دراسة إعادة الهيكلية مع الجهات المتعاقدة، حتى تعوض خسائرها على حساب العامل؟!!.