خبير مالي يحذر من ظاهرة «الدولرة» في الأسواق المحلية

خبير مالي يحذر من ظاهرة «الدولرة» في الأسواق المحلية

أثّر تراجع «الليرة السورية» جرّاء الأزمة الحالية أمام العملات الأجنبية وخاصة الدولار على قيمتها الحقيقية، فباتت أسعار الخدمات والمنتجات تتصاعد مع ارتفاع الدولار دون توقف، وهو ما قوّض قدرة المواطن الشرائية وخاصة للمواد الغذائية والسلع الأساسية التي لا يمكن الاستغناء عنها بأية حال من الأحوال

ورغم تأكيدات المعنيين في «دوائر القرار» بأن سعر الدولار في السوق «وهمي» وغير حقيقي وناتج عن تلاعب المضاربين بالليرة، لا يزال سعر الصرف غير مستقر والدولار في السوق إلى ارتفاع وتعتريه حالة عدم استقرار بين الصعود والهبوط.

الأسواق المحلية تعتمد الدولار بدلاً من الليرة!!

وأمام هذا الواقع وبالرغم من التدخلات الرسمية المتكررة وغير المجدية لكبح جماح الدولار ولتثبيت سعر الصرف عند حد معين، وجد عدد من المتاجر والمحال التي تبيع الأجهزة الالكترونية والتكنولوجية من حواسب محمولة وأجهزة هواتف نقالة وأجهزة الكترونية أخرى مستوردة، يعرضون منتجات في أسواق دمشق للبيع بالدولار إلى جانب الليرة، أملاً بالمحافظة على الأرباح، وللسير مع التوجه العام للسوق الذي يقضي باقتناء العملات الأجنبية ومنها الدولار واليورو تحسباً لأي طارئ.

المحلل المالي والمتخصص في اقتصاديات الأسواق «مظهر يوسف»، أكد أن هذه الظاهرة وهي عرض المنتجات وبيعها بالدولار يطلق عليها مصطلح (الدولرة /Dollarisation)، وفي جزء منها التحول للتعامل بالدولار في التبادلات التجارية الداخلية في البيع والشراء بدلاً من الليرة ، وقد بدأت بالظهور في الأسواق لكنها ما تزال على نطاق محدود وضيق وفق رأيه، وقال : «ما نأمله هو عدم انتشارها وتحولها إلى ظاهرة في العلن على غرار دول أخرى كلبنان حيث يبلغ سعر الدولار الآن (1500 ليرة)، بينما كان في السبيعينيات من القرن الماضي بضع ليرات».

ويعرف مصطلح «الدولرة» بأنه قيام مواطني بلد ما باستخدام عملة أجنبية إلى جانب أو كبديل من العملة الوطنية، الأمر الذي يزيد الطلب على العملة الأجنبية من جهة ويضعف الثقة بالعملة المحلية من جهة أخرى.

التعامل بالدولار مرتبط بسيادة العملية الوطنية

واعتبر يوسف في تصريحه، أن التعامل بالدولار موضوع «سيادي متعلق ومرتبط بسيادة عملة البلد ومن غير المقبول التعامل بعملة دولة أجنبية وترك التعامل بعملة البلد المحلية (الليرة) وهذا موضوع واضح، لأن ذلك يؤدي إلى إضعاف الثقة بالعملة المحلية ويدفع الناس للتخلي عنها واستبدالها بعملات أخرى، وبالتالي خلق أزمة ثقة».

وقال: «إن توثيق التعاملات بالدولار بين المواطنين وكذلك بين التجار سيخلق أزمة ثقة تجاه الليرة وبالتالي سيخلق أيضاً طلباً إضافياً على الدولار، وهذا سيقود حتماً لارتفاعه في السوق من جديد».

وحذّر يوسف من التوجه بهذا الاتجاه، داعياً الحكومة للتصدي لهذه الظاهرة، والسيطرة عليها قبل أن تنفلت، مستندة إلى القانون الذي يمنع بالأساس التعامل بغير العملة المحلية في البلد، وطالب بإجراءات رادعة من الحكومة، لا أن تلتزم الصمت وتنتظر حتى تمتد هذه الظاهرة وتتدحرج ككرة الثلج، حينها لن ينفع أي إجراء.

التجار يختبرون رد الحكومة.. فهل من رد؟

وبحسب «المحلل الاقتصادي» فإن ما يحدث حالياً هو قيام بعض التجار بتوثيق التعاملات بينهم (بيع وشراء) بالدولار أو عرض منتجاتهم وبيعها بالدولار إلى جانب الليرة، وذلك على نطاق ضيق ومحدود لكي يختبروا رد الحكومة وجديتها في كبح الظاهرة وبناء عليه يتم التعامل.. وبيّن «المحلل» : «ان المعاملات التجارية للصفقات تتم حالياً بالدولار لكن على نطاق ضيق ومحدود نتيجة لاستمرار تراجع الليرة السورية».

وللوقوف على هذه الظاهرة، ذكر أحد الباعة في سوق «البحصة» للالكترونيات أننا نلحظ استمرار صعود الدولار أمام الليرة ولذلك نضطر لتغيير أسعار البضاعة المستوردة لأن الدولار إلى ارتفاع مستمر، مبيّناً أن ارتفاع الأسعار طال كل المنتجات الالكترونية المستوردة وأن الأسعار لا تتوقف عند حد معين، وقال: «هناك تباين واضح في سعر الدولار حتى في اليوم الواحد وما نأمله هو توقف هذا التباين لكي تستقر الأسعار».

أسعار البضائع تدخل البورصة!!

والملاحظ أيضاً أن التسعير بالدولار لم يشمل كل المنتجات المعروضة في الأسواق كالغذائية وغيرها بل اقتصر على المواد المستوردة إلى سورية ومنها المنتجات التكنولوجية بحجة أن عملية الاستيراد تتم بالعملات الأجنبية وعلى رأسها الدولار واليورو، ما يدل على أن العملية في بدايتها وتتم على نطاق ضيق.

وفي سياق ارتفاع الأسعار تعلق «سيدة» قائلة: «الأسعار ترتفع وتنخفض بالتوازي مع الدولار وكل الباعة يخبروننا بأن الدولار السبب الحقيقي لارتفاع الأسعار، وبالنسبة لي لا يهمني أن اشتري بالدولار أو بالليرة فالنتيجة واحدة والسعر سيكون نفسه والفرق هو عملية الدفع فإما أن تتم بالليرة أو بالدولار».

وكغيرها من المنتجات التي ارتفعت أسعارها بسبب تراجع الليرة لا تزال أسعار الأجهزة الالكترونية ترتفع على اعتبار أنها مستوردة وبالدولار لذلك يجد المستوردون والتجار من المبررات ما تدفعهم للبيع بالسعر الذي يحقق لهم الربح المطلوب بل وبتغييره في الوقت الذي يتغير فيه سعر الصرف وحتى في اليوم الواحد.. والحال ينطبق على كثير من المنتجات التي تعرض في الأسواق.