ربـــما..! جمهورية الإنترنت
الثورة المعرفية التي اجتاحت العالم مع انطلاقة الشبكة العنكبوتية سرعان ما تحوّلت إلى ثورات، ثورات بكلّ معنى الكلمة، بدءاً من التغيير الجذري في العلاقات الشخصية إلى فتح جبهة جديدة للمقاومة الالكترونية، ورصد الصفوف للتحرك الشعبي للقضايا المطلبية والسياسية ومواجهة أنظمة الاستبداد.
بدأت علاقة الشباب العربي مع الإنترنت عبر «المدونات»، لا سيما بعد احتلال العراق، حيث أصبحت أداة تعبير شبابية في مختلف القضايا الشخصية والعامة.. ففيها أتيحت فرصة ظهور الأصوات الأدبية الجديدة في ظل غياب المنابر الثقافية، ومنها بدأ الإجهار بآراء ومواقف سياسية مسكوت عنها لكثرة المحرمات والخطوط الحمر.. فمجرّد ظهور مواقع الفيديو والتواصل الاجتماعي: «يوتيوب» و«تويتر» و«فيس بوك».. رحنا نطالع سجالاً صاخباً مفتوحاً بلا رقابة على كل المسكوتات والمستورات السياسية والاجتماعية والثقافية.. وسريعاً تحوّلت هذه المواقع، بالنسبة لأصحاب الهم، إلى «منبر من لا منبر له» و«فسحة للبوح»..
مع تكريس الإنترنت كوسيط تواصل أساسيّ واستخدامه لأغراض سياسية على وجه التحديد، أثبتت نجاعتها كما يحدث في مصر، وكما حدث في تونس، وكما سيحدث في أمكنة وبقاع أخرى.. صار هناك من يقول: «تكنولوجيا من أجل التغيير» و«جمهورية الفيس بوك».. فالشبكة، بغض النظر عن نوايا وأغراض من أطلقها بدايةً، باتت فعلاً محركّاً حقيقياً للشارع، إضافة إلى كونها مرشحة لتكون إعلاماً بديلاً، ولنا أن نرى ذلك واضحاً جلياً في موقع مثل «فيس بوك» الذي يمثل ذروة في الإنجاز الحضاري والتقني لأنه لخّص، وبمنتهى السهولة، كل منجزات الاتصال والتواصل، فهو منتدى وغرفة دردشة ومدونة وتلفزيون...إلخ..
طبعاً لن تكون هناك جمهورية بمعنى الجمهورية على الإنترنت، الفكرة أن الجمهوريات ستبدأ، في هذا الزمن، من عزف الأصابع على الكيبورد.. إن وجد لاحقاً الإطار الثوري القوي الذي سيستفيد من كل ذلك.