الفساد في هيئة تفتيش دير الزور.. على عينك يا قانون!

الفساد في هيئة تفتيش دير الزور.. على عينك يا قانون!

بات من الواضح معرفياً ومن خلال الوقائع على الأرض والتجارب العالمية، أن الفساد (كظاهرة) مرتبط عضوياً بالعلاقات الرأسمالية السائدة.. وأنّه استفحل في العقدين الأخيرين على مستوى عالمي بعد سيطرة الليبرالية الجديدة التي تعتمد على الاقتصاد الريعي القائم على المضاربات المالية في مختلف المجالات الاقتصادية، وخاصةً المالية والعقارية التي فجرت الأزمة الاقتصادية.. فكيف على المستوى الوطني والمحلي الذي يمكن القول فيه أيضاً إنّ الأرض «بتتكلم عربي»..!؟

هل أصبح الفساد قدراً كصخرة إيزيس لكن بشكل معكوس؟ أي هل يجب إزاحة الفساد الكبير الذي في الأعلى أولاً طالما أن كل محاولات إزاحتها من الأسفل إلى الأعلى  تعود لتتدحرج مرةً أخرى.. وتسبب مزيداً من النهب وهدر الوقت والجهود..!؟ وهل يجتمع الخصم والحكم..؟ والسؤال الآخر من سيحاسب الفاسدين.. والسؤال الأخير والأهم: كيف..؟!.

قبل الإجابة عن هذه الأسئلة الكبيرة والتي يلمسها المواطنون يومياً على كل المستويات الصغيرة والمتوسطة، لابد من توضيح كيف بات الفساد الكبير يهدد أمن الوطن والشعب.. بل وجودهما كوحدة تتعرض للتقسيم والتفتيت..!!

فإذا كان مفتش في الهيئة المركزية في دير الزور خارج التغطية وهناك من يحميه وأمثاله كُثر.. فكيف بالفاسدين الكبار الذين يسيطرون على مفاصل اقتصادية واجتماعية وحتى سياسية وأمنية.. فمن مؤكد أن حماتهم أكبر بحجم فسادهم وربما أكثر بحيث يمتد إلى خارج حدود الوطن.. لذلك لا يحاسبون ويبقون في مناصبهم أو يتولون مناصب أخرى أكثر أهميةً، وفي أحسن الأحوال يغيبون عن العين فترة أو يُغَيبون في محاولة لإيهام المواطنين وخداعهم ..!؟

هذه المقدمة عن الفساد طويلة لأنّها مرتبطٌة بخطورته، وبالتالي يتطلب تناوله على كل المستويات من العام إلى الخاص: بدءًا من الأزمة الرأسمالية العالمية.. إلى الفاسدين الكبار ووصولاً إلى ذلك المفتش وأمثاله، وربما أدنى منه، لأنهم يمكن أن يمثلوا القشة التي تقصم ظهر البعير.. والأنكى من ذلك أنّ من يتعرض للفساد والفاسدين وخاصةً الكبار يُتهم بشتى التهم، ويصبح هو المجرم وربما الخائن، بينما يعتبرون هم الشرفاء والأبرياء وحماة وبناة الوطن..!

وفيما يلي وقائع الحالة قيد البحث:

المفتش (ج/ع ) في الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش في فرع دير الزور هو رئيس لجمعية (الكوثر) التعاونية للسكن والاصطياف، ويدعي أنها للهيئة، بينما هي منها براء، وهذا يتنافى مع القانون إذ أنه يحظر على العاملين في الهيئة أن يتولوا مناصب إدارية تنفيذية لأنه لا يمكن أن يكون الخصم والحكم، أو حتى لا يقال حاميها حراميها في الوقت ذاته.. والكتاب رقم 247 تاريخ 3/3/2010 من رئيس المكتب التنفيذي للاتحاد التعاوني السكني للاتحادات في المحافظات بهذا الخصوص والكتاب رقم 645/ص تاريخ 8/9/2011 من اتحاد دير الزور إلى وزارة الإسكان والتعمير والاتحاد العام للتعاون السكني عن عدة مخالفات قانونية ومالية لمجلس إدارة الجمعية يتقاضون خلالها تعويضات كبيرة، وخاصةً رئيسها لأسباب شخصية، ولأنه يرفض التوجيهات ويضرب بها عرض الحائط ولا ينفذ أو يرد.. بل يخاطب فرع حزب البعث بدلاً عن الاتحاد والهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، وقد أبلغ عدة مرات بوجوب ترك الجمعية من الاتحاد ومن  فرع الهيئة، والمركز على علم بذلك ومازال باقياً في موقعه على عينك يا قانون.. ويبدو أنه يتصرف بوحي الآية القرآنية «إنّا أعطيناك الكوثر»،.. فماذا نقول عن الفاسدين الكبار والأكبر..!؟

المفتش المذكور و مجلس إدارة الجمعية المتضامن معه لم يعقدوا اجتماعاً للهيئة العامة رغم مطالبات الاتحاد السكني المستمرة، وقاموا بتزوير محضر الجلسة رقم 3 بتاريخ 24/6/2010 لهيئة المستفيدين باعتبار النصاب متوفراً بحضور 49 عضواً من أصل 106، وهو غير متوفر، ثمّ يورد 56 اسماً في المحضر معظمهم لم يكن حاضراً وقسم منهم  كان خارج القطر وذلك لتفويض مجلس الإدارة بعدة أمور منها شراء سيارة للجمعية..؟

والشيء الذي يطرح تساؤلات كثيرة هو كيف تمّ تخصيص الجمعية من مجلس المدينة بأراض مخصصة للنفع العام كحدائق وغيرها..؟

لا شكّ أن الفساد في الدولة والمجتمع بات من الاتساع حدّاً يهدد تدمير البلد من الداخل ولا بد من ضرب الفاسدين الكبار ومن يحميهم أولاً.. وأنّ الخلاص منه نهائياً يتطلب تغيير العلاقات الرأسمالية السائدة بالعلاقات الاشتراكية الحقيقية التي تلبي مصلحة الوطن والشعب ومشاركته في  كل ما يتعلق بالدولة والمجتمع لتحقيق أهمها وهي التنمية والعدالة الاجتماعية..