أما آن الأوان لإعادة هيكلية صحيحة لوزاراتنا؟
جرت في السابق عمليات دمج أو إلغاء لوزارات عدة، ومن أهمها إلغاء وزارة التموين بناء على اقتراح لجنة فرنسية، وكذلك جرت عمليات استحداث لوزارات جديدة بالجملة، لكنها لم تدم طويلاً، وسقطت تلك التجارب بعد عام أو عامين لا أكثر، والمستمر منها حتى الآن، يمثل نماذج غير ناجحة في تغيير هيكلة وزاراتنا، ولكن السؤال المطروح في حالات التغيير الشكلي لهيكلية وزاراتنا: هل توحيد الوزارات أو تقسيمها يتم انطلاقاً من الرغبات فقط؟! أم أن هناك ضرورات ودراسات تفترض اتخاذها بعين الاعتبار بهدف تنشيط هذه الوزارة أو تلك وجعلها أكثر فاعلية وجدوى!! وهل للاعتبار المادي الأولوية، والذين يعني تخفيض النفقات، أم أنه أخر أولويات إعادة هيكلة الإدارات لدينا؟!
إن لم يكن للدمج ما يبرره، فلا داعي له، وكذلك هي الحال عند الرغبة في تقسيم الوزارات، فعدد الوزارات في فرنسا لا يتعدى 18 وزارة، وفي اليابان لا يتجاوز عددها 15 وزارة فقط، بينما هذا العدد يصل إلى نحو 30 وزارة لدينا، ولكن هذا لا يعني الإبقاء على 18 وزارة على الطريقة الفرنسية على سبيل التقليد، وإنما يجب الانطلاق من الخصوصية السورية..
وعلى سبل المثال لا الحصر، فإن فكرة دمج وزارتي الري والزراعة بوزارة واحدة ليست بالجديدة، وإمكانية تحقيقها، والضرورات التي تقتضيها عديدة، فالدمج سيساهم في توحيد إستراتيجية أهم قطاع في سورية، ألا وهو الزراعة، والذي ما يزال يساهم بـ %20 من الناتج المحلي، وبالتالي، سيؤدي لحصر مسؤولية أهم قطاع لدينا بدلاً من تضارب الصلاحيات، وتقاذف المسؤوليات بيّن هاتين الوزارتين، كما يجري فعلياً، كما يجب إعادة الاعتبار لوزارة التموين، لضبط الأسواق مثلاً، فقائمة إعادة هيكلية وزاراتنا تطول..
لا يبدي الاقتصاديون خلافاً كبيراً في ضرورات إعادة هيكلية وزاراتنا بأغلبها من حيث المبدأ، على الرغم من عدم اتفاقهم على الوزارات التي يجب دمجها، فالقضية بالتأكيد تحتاج لدراسات تنطلق من الهدف والغاية من الدمج، وهذا يحتم إطلاق مشروع وطني على مستوى كامل الوزارات لدراستها، والوصول فيما بعدها لإمكانية إلغائها عبر دمجها بوزارة أخرى أو تقسيمها ضمن رؤية شاملة..